جمال الكربولي أول سياسي عراقي بارز يعتقل بتهمة الفساد

القيادي السني يتزعم حزباً له 12 نائباً في البرلمان

TT

جمال الكربولي أول سياسي عراقي بارز يعتقل بتهمة الفساد

بدأت كرة الفساد تتدحرج في العراق الذي يصنف دائما في آخر سلم الشفافية والنزاهة. لجنة مكافحة الفساد التي شكلها منذ شهور رئيس الوزراء الحالي برئاسة المسؤول البارز في وزارة الداخلية الفريق فاضل أبو رغيف تعد المؤسسة الأولى التي نفذت عمليات اعتقال لعدد من كبار المتهمين بالفساد في البلاد. وكانت الحكومات التي سبقت الحكومة الحالية درجت على الحديث بصوت عال عن الفساد الذي نخر الدولة العراقية ومؤسساتها إلى الحد الذي يجري فيه الحديث عن أرقام فلكية تم إهدارها بسبب الفساد.
ومع وجود عدة أجهزة رقابية لمكافحة الفساد وهي فضلا عن ديوان الرقابة المالية وهو إحدى المؤسسات العريقة في البلاد، وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية ودائرة المفتش العام (الغيت مؤخراً) واللجنة العليا لمكافحة الفساد، فإن الفساد يتوغل في مختلف الأجهزة ودوائر الدولة بدءا من المنافذ الحدودية التي أفرد لها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أجهزة خاصة لمتابعة الفساد أشرك فيها موظفين من المخابرات وجهاز مكافحة الإرهاب.
وعلى صعيد عمل اللجنة التي شكلها الكاظمي والتي بدأت تتحارش ولأول مرة بالرؤوس الكبيرة أو ما يطلق عليها «الحيتان» وبرغم كثرة الاتهامات حولها فإنها ماضية في مشروعها طبقا لاعترافات المتهمين الذين غالبا ما يعترفون على أسماء قد لا تخطر في كثير من الأحيان على بال اللجنة وجدول عملها في متابعة المتهمين بالفساد.
التطور الجديد في أمر لجنة أبو رغيف هي بدء تحرشها بكبار السياسيين والنواب ممن يمتلكون حصانة. هذا التطور الجديد أربك منذ فجر أمس الأحد المشهد السياسي. ففي تمام الساعة الثالثة فجر أمس بدأت الأخبار العاجلة تتوالى على منصات صناعة الرأي في العراق بشأن قيام لجنة مكافحة الفساد بتطويق منزل زعيم حزب الحل جمال الكربولي وشقيقه النائب في البرلمان العراقي محمد الكربولي. وجمال الكربولي لديه نحو 12 نائبا في البرلمان العراقي ورجل أعمال ومالك مؤسسات إعلامية مهمة من بينها قناة «دجلة» التي سبق أن تعرضت للحرق والغلق العام الماضي. وطوال ساعتين كانت الأنباء تتضارب بشأن تنفيذ عملية اعتقال لجمال الكربولي بسبب وساطات من قبل جهات عليا بما فيها أطراف شيعية. لكن اللجنة التي كانت تحمل أمر قبض أصوليا نفذت عمليات الاعتقال بعد فشل الوساطات التي استمرت لنحو ثلاث ساعات.
إلى ذلك، وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن «القضاء العراقي أرسل قائمة من نحو أربعة نواب لغرض رفع الحصانة عنهم بسبب صدور مذكرات اعتقال بحقهم». وطبقا للمعلومات فإن «البرلمان العراقي الذي تنتهي عطلته التشريعية في العشرين من الشهر الحالي سوف يتخذ قرارا بشأن ما إذا كان سيصوت على رفع الحصانة من عدمه». وتضيف المعلومات أن «قائمة أخرى صدرت من جهات عليا بمنع سفر عدد كبير من الشخصيات السياسية التي تحوم حولها شبهات الفساد».
وعلى الرغم أن جمال الكربولي، وهو طبيب عيون، لم يتسلم موقعا تنفيذيا إلا في بداية التغيير عام 2003 حين تسلم في وقتها رئاسة الهلال الأحمر العراقي، فإن شقيقه أحمد الكربولي تسلم حقيبة الصناعة على عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق الثانية نوري المالكي (2010 - 2014).
وأسس جمال الكربولي حزب الحل عام 2008 ودخل به الانتخابات البرلمانية للدورات الثلاث الماضية وحصل بين 13 نائبا في إحدى الدورات و8 في دورة أخرى كما حصل على أكثر من وزارة حصة لحزبه. وحتى قبل نحو أسبوع كان الكربولي جزءا من تحالف القوى العراقية الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بينما شقيقه النائب محمد الكربولي كان قياديا بارزا في حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي. لكن كلا الشقيقين انسحب قبل أسبوع من تحالف القوى وتقدما وانتميا إلى تحالف جديد باسم «عزم» بزعامة رجل الأعمال السني البارز خميس الخنجر.
وباعتقال الكربولي فإن لجنة مكافحة الفساد الحالية تكون تخطت حاجز الرؤوس الصغيرة والمتوسطة المتهمة بالفساد لتصطدم ولأول مرة بالرؤوس الكبيرة أو ما يطلق عليها «الحيتان». ويعزو سياسي عراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته الوساطات العديدة التي قام بها سياسيون كبار بينهم قادة شيعة للحيلولة دون اعتقال زعيم حزب الحل مع التعهد بذهابه شخصيا إلى القضاء إلى «خشية هذه الأطراف من أن اعتقال الكربولي وهو زعيم حزب كبير وحليف لهم في السراء والضراء مثلما أثبتت تجارب السنوات الماضية ربما يكون مقدمة للتحرش بهم»، مبينا أن «الغالبية العظمى من الأحزاب الكبيرة وحتى المتوسطة إن لم تكن لبعضها أجنحة عسكرية فإن لديها لجانا اقتصادية ومالية وبعضها لديه كلا الجناحين العسكري والاقتصادي وهو الأمر الذي جعل الحكومة تعاني الأمرين في تدبير رواتب الموظفين».
وفيما يستبعد السياسي العراقي «إمكانية قيام اللجنة الحالية بالتحرش ببعض رموز الفساد برغم اعترافات المتهمين على زعامات وسياسيين فإن اعتقال الكربولي لا بد له في النهاية من معادل موضوعي يتمثل في اعتقال زعيم شيعي حتى لا يقال إن لجنة مكافحة الفساد تطال فقط السنة دون الآخرين».
وطبقا للأرقام المتداولة فإن مجموع ما دخل خزينة الدولة العراقية بعد عام 2003 وإلى اليوم نحو تريليون ونصف تريليون دولار أميركي أنفق منها ما يعادل 70 في المائة منها كلف تشغيل ورواتب بينما أن 300 إلى 400 مليار دولار تعد بحكم الأموال التي أهدرت بسبب الفساد.
ويقول آخر التقارير الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية إن نسبة الفقر في العراق سجلت ارتفاعا كبيرا في الآونة الأخيرة. وتتراوح النسبة طبقا لتقرير الوزارة بين 25 إلى 27 في المائة.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.