اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

خبراء أميركيون أعدوا لائحة بأهم التقنيات

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية
TT

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

أعد خبراء أميركيون لائحة تضمّ أهمّ التقنيات لهذا العام. بدأ بعضها مثل لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) في تغيير حياتنا، وأخرى لا يزال أمامها بضع سنوات للبروز.
لقاحات وذكاء تفاعلي
• لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال. لقد حالف الحظّ البشرية أخيراً؛ فقد تبيّن أنّ اللقاحين الأكثر فاعلية في مواجهة فيروس كورونا يعتمدان على الحمض النووي الريبوزي المرسال، هذه التقنية التي يستخدمها الباحثون والعلماء في أعمالهم وأبحاثهم منذ 20 عاماً.
عند بداية جائحة «كوفيد – 19» في يناير (كانون الثاني) 2020، سارع علماء في الكثير من شركات التقنية الحيوية إلى تحويل الحمض النووي الريبوزي المرسال إلى وسيلة محتملة لصناعة اللقاح. وتعتمد لقاحات «كوفيد - 19» الجديدة على تقنية لم تستخدم سابقاً في صناعة الدواء، ولكن يمكنها أن تحدث تحوّلاً في عالم الطبّ، وأن تساعد في تطوير لقاحات مضادّة للعديد من الأمراض المعدية، من بينها الملاريا. وإذا استمرّ فيروس كورونا الحالي في التحوّر، يستطيع العلماء تعديل لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال بسهولة وسرعة. ويعِد هذا المرسال أيضاً بوضع الأساس لتعديلات جينية غير مكلفة لمرض فقر الدم المنجلي ومتلازمة نقص المناعة المكتسبة، بالإضافة إلى مساعدة الجسم البشري على محاربة السرطان على أنواعه.
• ذكاء صناعي متفاعل: «جي بي تي – 3» GPT - 3. تعدُّ النماذج الكومبيوترية الكبيرة لمعالجة اللغة الطبيعية التي تتعلّم القراءة والكلام خطوة كبيرة نحو ذكاء صناعي أكثر تفهّماً وتفاعلاً مع العالم ويعتبر «جي بي تي – 3» أفضل هذه النماذج وأكثرها «ثقافة» حتّى اليوم. تلقّى هذا النموذج تدريباً على نصٍّ يضمّ آلاف الكتب والقسم الأكبر من محتوى شبكة الإنترنت؛ ما جعله قادراً على تقليد النصوص التي يكتبها الإنسان بواقعية غريبة لا تصدّق وحوّله إلى أكثر النماذج اللغوية التي تعتمد على التعلّم الآلي تأثيراً. (انظر: «جي بي تي ـ 3»... نظام ذكاء صناعي بديل عن الكتاب والمؤلفين «الشرق الأوسط» العدد 15358).
ولكنّ «جي بي تي – 3» لا يفهم ماذا يكتب؛ ولهذا السبب، قد يقدّم أحياناً محتوى غير مكتمل وغير منطقي. يحتاج تدريب هذا النموذج إلى كمٍّ هائلٍ من الطاقة الكومبيوترية والبيانات والأموال ويؤدّي إلى إنتاج بصمة كربونية كبيرة وتقييد تطوير نماذج مشابهة للمختبرات الهائلة المصادر. ونظراً إلى أنّ هذا النموذج تلقّى تدريبه على نصٍّ مسحوبٍ من الإنترنت مليء بالمعلومات الخاطئة والانحياز، يميل في معظم الأحيان إلى تقديم نصوصٍ مطعّمة بالتمييز.
ذكاء صناعي متعدّد المهارات. يفتقر الذكاء الصناعي إلى القدرات البشرية التي يتمتّع بها حتّى الأطفال الصغار لتعلّم كيف يسير هذا العالم وتطبيق المعرفة العامّة في أوضاع جديدة.
توجد مقاربة واحدة واعدة لتحسين مهارات الذكاء الصناعي تتجلّى في توسيع حواسه. يستطيع الذكاء الصناعي المجهّز حالياً بالرؤية الكومبيوترية أو التعرّف الصوتي الشعور بأشياء كثيرة ولكنّه لا يستطيع «الحديث» عن ما يراه ويسمعه باستخدام خوارزميات اللغة الطبيعية. ولكن ماذا إذا جمعنا هذه القدرات في نظام ذكاءٍ صناعي واحد؟ هل يمكن أن تبدأ هذه الأنظمة باكتساب ذكاء يشبه الذكاء البشري؟ هل سيصبح الروبوت القادر على الرؤية والشعور والسمع والتواصل مساعداً أكثر إنتاجية للبشر؟
برامج وصناديق بيانات
• خوارزميات التوصية في «تيك توك». منذ إطلاقه في الصين عام 2016، أصبح تطبيق «تيك توك» واحداً من أسرع الشبكات الاجتماعية نمواً، حيث تمّ تحميله مليارات المرّات وجذب مئات ملايين المستخدمين. لماذا؟ لأنّ الخوارزمية التي تزوّد خاصيته «فور يو» (لك) بالطّاقة غيّرت الطريقة التي يكتسب فيها النّاس الشهرة على الإنترنت.
يتّجه الكثير من التطبيقات الأخرى إلى تسليط الضوء على محتوى يجذب اهتمام القسم الأكبر من الجمهور، بينما تعمل خوارزميات «تيك توك» على إخراج صانعِ محتوى جديد من الظلام وتتعامل معه وكأنّها تقدّم نجماً معروفاً، فضلاً عن أنّها تبرع في تغذية مجموعات متخصصة من المستخدمين الذين يتشاركون اهتمامات أو هوية معينة بمحتوى على صلة باختصاصها.
تساهم قدرة صنّاع المستوى الجدد على الحصول على عدد كبير من المشاهدات بسرعة كبيرة والسهولة التي يكتشف بها المستخدمون أنواعاً كبيرة من المحتوى في تحقيق التطبيق الصيني لنموّ مذهل؛ وهذا ما يدفع شركات تواصل اجتماعي أخرى اليوم إلى السعي لإدخال هذه المزايا في تطبيقاتها.
• صناديق أمانٍ للبيانات. تعرّضت معلوماتنا للتسريب والقرصنة والبيع مرّات أكثر بكثير مما يمكننا أن نحصي.
يقدّم صندوق أمان البيانات مقاربة بديلة بدأت بعض الحكومات ببحثها، وهو عبارة عن كيانٍ قانوني يجمع ويدير بيانات النّاس الشخصية بالنيابة عنهم. لا يزال تعريف شكل ووظيفة هذه الكيانات غير واضح، وتوجد أسئلة كثيرة عالقة حولها، ولكنّ هذه الصناديق قد تكون حلاً لمشاكل نعاني منها منذ مدّة طويلة في مجالي الخصوصية والأمن، وفقاً لمجلة «تكنولوجي ريفيو».
بطاريات هيدروجين
• بطاريات معدن – الليثيوم. تُعرف المركبات الكهربائية بأسعارها الباهظة نسبياً، ولا يمكنكم قيادتها لأكثر من بضعة مئات الأميال قبل أن تحتاجوا إلى شحنها من جديد. ترتبط هذه الجوانب السلبية جميعها بشكلٍ مباشر بمحدودية فاعلية بطاريات أيون الليثيوم. ولكنّ شركة ناشئة ذات تمويلٍ كبير في سيليكون فالي تدّعي اليوم أنّها طوّرت بطارية ستزيد رغبة المستهلك العادي بالعربات الكهربائية.
طوّرت شركة «كوانتوم سكيب» ما أسمته بطارية المعدن – الليثيوم، وأظهرت نتائج اختباراتها الأولى، أنّها قادرة على زيادة نطاق سير العربات الكهربائية بنسبة 80 في المائة، فضلاً عن أنّها تتلقّى شحنها بسرعة. وقّعت الشركة الناشئة اتفاقاً مع «فولكس فاغن» التي كشفت عن أنّها ستبدأ في بيع عربات كهربائية تعمل بهذه البطارية الجديدة في عام 2025. وتجدر الإشارة إلى أنّ البطارية لا تزال نموذجاً تجريبياً أصغر بكثير من البطارية التي تحتاجها أي سيّارة.
• الهيدروجين الأخضر. اليوم، وبينما تجري الدول حسابات صعبة حول كيفية تحقيق أهدافها المناخية، تزداد أهميّة الهيدروجين الأخضر والحاجة إليه.
لطالما اعتبر الهيدروجين بديلاً محتملاً للوقود الأحفوري؛ لأنّه يحترق بنظافة ولا يبعث ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن أنّه كثيف لناحية الطّاقة ما يجعل منه وسيلة جيّدة لتخزين الطاقة الصادرة من وعن المصادر المتجدّدة. كما يمكن استخدامه لصناعة أنواع وقود صناعية سائلة تحلّ محلّ البنزين والديزل، إلّا أنّ معظم الهيدروجين المنتج حول العالم اليوم يُصنع من الغاز الطبيعي ضمن عملية ملوّثة وتتطلّب طاقة مكثّفة. ولكنّ استمرار تهاوي كلفة الطاقتين الهوائية والشمسية يعني أنّ الهيدروجين الأخضر بات اليوم زهيداً بدرجة كافية لجعله خياراً عملياً.
تتبع وتموضع
• التتبّع الرقمي للاحتكاك. مع بداية انتشار فيروس كورونا حول العالم، بدا التعقّب الرقمي للاحتكاك وسيلة فعّالة للمساعدة. إذ تستطيع تطبيقات الهواتف الذكية استخدام نظم «جي بي إس». والبلوتوث لوضع سجلّ بالأشخاص الذي التقوا أخيراً وإذا تبيّن لاحقاً أنّ أحدهم التقط عدوى «كوفيد - 19»، يستطيع هذا الشخص أن يدخل هذه النتيجة إلى التطبيق الذي سيعلم كلّ من قد يكون تعرّض للفيروس.
• التموضع الفائق الدقّة. الجميع يستخدم نظم «جي بي إس» في شؤونه اليومية؛ لأنّه أحدث تحوّلاً كبيراً في حياتنا وفي الكثير من أعمالنا. صحيح أنّ «جي بي إس» المتوفّر اليوم يتميّز بدقّة عالية على مسافة تتراوح بين خمسة وعشرة أمتار، إلّا أنّ تقنيات التموضع الجديدة الفائقة الدقّة تمنح إحداثيات محدّدة لمسافة سنتمترات أو حتّى مليمترات قليلة. يفتح هذا التطوّر الباب لتطبيقات جديدة تتنوّع بين التحذيرات على الطرقات وروبوتات التوصيل والسيّارات الآلية التي ستتمكّن من التجوّل على الطريق بشكلٍ آمن.
أصبح نظام «بي دو» BeiDou (الدب الأكبر) العالمي للملاحة جاهزاً في الصين في يونيو (حزيران) 2020 ليشكّل جزءاً مما يجعل جميع هذه الاحتمالات متاحة. يقدّم هذا النظام تموضعاً دقيقاً على مسافة 1.5 إلى مترين لأي شخصٍ في العالم. وبفضل استخدامه للتكبير الأرضي، يمكنه أيضاً أن يقدّم دقّة على مسافة لا تتجاوز بضع ملّيمترات. في الوقت الحالي، تشهد تقنية «جي بي إس»، التي يستخدمها النّاس منذ التسعينات، تحديثات مهمّة مدفوعة بأربع أقمارٍ صناعية جديدة لنظام «جي بي إس» الثالث (GPS III) الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) على أن يستقبل المدار المزيد من الأقمار الصناعية في 2023.
• كلّ شيءٍ عن بعد. أجبرت جائحة «كوفيد – 19» العالم أجمع على الانتقال إلى وضع الحياة عن بعد.
جمعت شركة «سناب آسك» المتخصصة في التعليم الخاص الإلكتروني 3.5 مليون مستخدم في تسعِ دولٍ آسيوية بينما ارتفع عدد مستخدمي تطبيق «بيجوز» الهندي للتعليم إلى نحو 70 مليوناً. ولكن لسوء الحظّ، لا يزال الطلّاب في دولٍ أخرى كثيرة يعانون من الارتباك في صفوفهم الإلكترونية. في الوقت نفسه، أوصلت جهود العناية الصحية الهاتفية المبذولة في أوغندا ودول أفريقية أخرى العناية الصحية للملايين خلال الجائحة. وفي جزءٍ يعاني من نقص مزمن بالأطبّاء من العالم، تحوّلت العناية الصحية عن بعد إلى عاملٍ منقذٍ للحياة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
TT

«نيويورك تايمز» تتحدث عن محنة العلماء الفلسطينيين

صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية
صورة من جامعة «بيرزيت» لطلاب دراسة الفيزياء الفلكية

لعقود من الزمن كان السعي وراء مهنة علمية في الأراضي الفلسطينية محفوفاً بالمخاطر. ثم هاجمت «حماس» إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أشعل حرباً في قطاع غزة مستمرة منذ أكثر من عام.

حوار مع علماء فلسطينيين

ومع قصف إسرائيل وغزو غزة في حملة للقضاء على «حماس»، تم تدمير المدارس واضطر الطلاب إلى مواصلة دراستهم عن بُعد أو وقفها تماماً. أما الأطباء فقد عملوا في ظروف متدهورة على نحو متزايد. وشعر الفلسطينيون خارج المنطقة أيضاً بآثار الحرب.

وقد تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أربعة فلسطينيين يعيشون في غزة والضفة الغربية والخارج، حول الصراع الذي يَلوح في الأفق بشأن أبحاثهم العلمية وعملهم الطبي: كما كتبت كاترينا ميلر(*).

د. أسيد السر

من فلسطين الداخل... نحو هارفارد

* أسيد السر (32 عاماً): في عام 1948، انتقلت عائلة الدكتور أسيد السر إلى غزة من حمامة، وهي قرية على أرض أصبحت الآن جزءاً من إسرائيل. وقال السر، وهو طبيب مقيم في الجراحة العامة وباحث في تكساس، إنه أكمل دراسته في كلية الطب في غزة عام 2016، ودرس في جامعة أكسفورد لبعض الوقت، ثم انتقل إلى جامعة هارفارد عام 2019 لإجراء بحث حول جراحة الصدمات الطارئة.

وقال إن الدراسة في أوروبا والولايات المتحدة تختلف عن الدراسة في غزة. فالوصول غير المحدود إلى الكهرباء والمياه والإنترنت أمر مفروغ منه، والسفر، في الغالب، غير مقيد. وقال: «كان هذا صادماً بالنسبة لي».

في غزة، اختار والدا السر مكان العيش بناءً على المكان الذي سيكون لديهم فيه وصول ثابت إلى الإنترنت، حتى يتمكن هو وإخوته من متابعة دراستهم. بالنسبة إلى الكهرباء، كان لديهم مولد للطاقة. وإذا نفد غازه، كانوا يعتمدون على الألواح الشمسية والشموع والبطاريات.

وتوفر الدراسة في الخارج مزيداً من الفرص. لفعل ذلك، كان على السر التقدم بطلب للحصول على تصاريح من الحكومات في إسرائيل ومصر والأردن وغزة. وقال إن العملية قد تستغرق شهوراً. واستغرق الأمر منه ثلاث محاولات للحصول على القبول في أكسفورد. تقدم بطلب للحصول على ما يقرب من 20 منحة دراسية وفاز بواحدة. ومع هارفارد، استمر في التقديم. وقال السر إن هذه المثابرة شيء تعلمه من العيش في غزة.

كان السر في تكساس في 7 أكتوبر 2023. لكنَّ عائلته عادت إلى منزلها في غزة، وتعيش بالقرب من مستشفى الشفاء. في العام الماضي، داهمت إسرائيل مستشفى الشفاء. ثم انتقلت عائلة السر المباشرة منذ ذلك الحين إلى الجنوب، ودُمرت منازلهم في غزة، كما قال، فيما كان يواصل تدريبه الطبي في تكساس.

د. وفاء خاطر

فيزيائية بجامعة بيرزيت

* وفاء خاطر (49 عاماً). نشأت وفاء خاطر في الضفة الغربية، وهي منطقة تقع غرب نهر الأردن تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. ثم انتقلت إلى النرويج لمتابعة دراستها للدكتوراه في الفيزياء بجامعة بيرغن.

أتيحت لها الفرصة للبقاء في النرويج بشكل دائم، لكنها عادت إلى الضفة الغربية للتدريس في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي. تتذكر قائلةً: «قال لي جميع زملائي النرويجيين في ذلك الوقت: هل أنتِ مجنونة؟ لكنني قلت لهم: «هذا هو الوطن، وأنا في مهمة».

والآن، تعمل خاطر أستاذة في جامعة بيرزيت، وهي من أوائل الفلسطينيين الذين مارسوا مهنة دراسة طبيعة وسلوك الجسيمات دون الذرية. وقالت: «لم يتخيل كثير من الناس أبداً أن هناك علوماً توجد في فلسطين».

وأضافت أن غياب مجتمع بحثي صحي في الضفة الغربية المحتلة يحد من فرصها للتعاون العلمي، لذا فقد سعت إلى بناء شبكة. وقد دعت زملاء أوروبيين للتحدث في جامعات الضفة الغربية، ودفعت طلاب الفيزياء الفلسطينيين لحضور برامج بحثية صيفية في الخارج.

وقالت إن البحث النظري يمكن أن يزدهر في الضفة الغربية، لكنَّ «الفيزياء التجريبية ليست لها أي فرصة تقريباً». وأوضحت أن الجامعات تكافح لدفع ثمن المعدات والبنية الأساسية للمختبرات، وتعتمد على التبرعات.

مرصد جامعة بيرزيت

وقد افتُتح في عام 2015، وهو أحد المرافق الفلكية القليلة في الضفة الغربية. موَّله رامز حكيم، رجل أعمال فلسطيني - أمريكي. وقالت خاطر: «كانت هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها لطلابنا رؤية تلسكوب والنظر إلى السماء».

حتى عندما يتم تأمين التمويل، قد يكون من الصعب استيراد الأدوات التجريبية إلى الضفة الغربية وغزة، لأن بعض المعدات اللازمة للبحث يمكن استخدامها أيضاً لأغراض عسكرية. تصنف إسرائيل مثل هذه السلع على أنها «استخدام مزدوج» وتتطلب إذناً للمدنيين في الأراضي الفلسطينية لشرائها.

التدريس عن بُعد في الضفة الغربية

بعد هجوم 7 أكتوبر، بدأت خاطر وأعضاء هيئة التدريس الآخرون في جامعتها التدريس عن بُعد. وقالت إن زيادة نقاط التفتيش في الضفة الغربية، نتيجة للوجود العسكري الإسرائيلي المتزايد بعد هجوم «حماس»، جعلت من الصعب على الطلاب والأساتذة حضور الفصول الدراسية شخصياً. استؤنفت التدريس وجهاً لوجه بشكل محدود في الربيع الماضي. ولكن بعد ذلك في أكتوبر، بعد وقت قصير من شن إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل تسبب في سقوط الشظايا على الضفة الغربية، أعلنت بيرزيت أن واجبات التدريس والإدارة ستنتقل عبر الإنترنت من أجل السلامة.

أمضت خاطر الصيف في تدريس دورة فيزياء عبر الإنترنت للطلاب في قطاع غزة. وقالت إن تسعة عشر طالباً سجلوا، لكن أكثر من نصفهم تركوا الدراسة لأنهم يفتقرون إلى الكهرباء المستقرة أو الوصول إلى الإنترنت.

د. ضحى البرغوثي

طبيبة وابنة عالم في الفيزياء الفلكية

ضحى البرغوثي (25 عاماً). درست الدكتورة ضحى البرغوثي، وهي طبيبة باطنية في الضفة الغربية، الطب لمدة ست سنوات في جامعة القدس. أنهت عامها التدريبي أو التدريب بعد التخرج في أكتوبر من العام الماضي، قبل أسبوع واحد من اندلاع الحرب.

كان مستشفى «المقاصد» في القدس، حيث تدربت البرغوثي، على بُعد بضع دقائق فقط سيراً على الأقدام من منزلها. ولكن حتى قبل الحرب، كان عليها أن تغادر مبكراً لساعات للتنقل عبر نقاط التفتيش المطلوبة للوصول إلى العمل في الوقت المحدد. بعد 7 أكتوبر 2023، داهم جنود إسرائيليون مستشفى «المقاصد»، واعتقلوا المرضى من غزة وأقاربهم.

في أكتوبر الماضي، اعتُقل والد ضحى، عماد البرغوثي، وهو عالم فيزياء فلكية في جامعة القدس، ووُضع قيد الاعتقال الإداري، وهي ممارسة تُستخدم لاحتجاز الفلسطينيين دون توجيه اتهامات رسمية، للمرة الرابعة.

بعد اعتقاله الأول في عام 2015، منعته السلطات الإسرائيلية من مغادرة الضفة الغربية، وهو ما قالت ضحى البرغوثي إنه قيَّد فرصه في التعاون العلمي.

في بيان لصحيفة «نيويورك تايمز»، قال الجيش الإسرائيلي إن عماد البرغوثي اعتُقل بسبب شكوك في «العضوية والنشاط في جمعية غير قانونية، والتحريض والمشاركة في أنشطة تُعرِّض الأمن الإقليمي للخطر». فيما صرّح عالم الفيزياء الفلكية بأنه ليس منتمياً أو مؤيداً لـ«حماس».

بعد ستة أشهر من الاعتقال، أُطلق سراح والدها فيما وصفته البرغوثي بـ«ظروف صحية مروعة»، بما في ذلك فقدان الوزن الشديد، والاشتباه في كسر الأضلاع وتلف الأعصاب في أصابعه.

د. رامي مرجان (الى اليسار)

مركّبات جديدة مضادة للسرطان

* رامي مرجان (50 عاماً). وصف رامي مرجان، الكيميائي العضوي في الجامعة الإسلامية في غزة، حياته المهنية بأنها طريق مليء بالعقبات، حيث قضى سنوات في محاولة إنشاء مجموعة بحثية وقليل من الأدوات العلمية أو المواد الكيميائية التي يمكن استخدامها لإجراء تجارب متطورة. وكتب في نص لصحيفة «التايمز»: «ليست لدينا بنية أساسية للبحث».

يركز مرجان على إنشاء مركَّبات جديدة ذات تطبيقات محتملة في الأدوية المضادة للبكتيريا والفطريات والسرطان. وهو يستخدم التخليق متعدد الخطوات، وهي تقنية تخضع فيها المركّبات المبدئية لسلسلة من التفاعلات الكيميائية لتحويلها إلى المنتج النهائي المطلوب. تتطلب هذه العملية استخدام المذيبات والأجهزة لتحديد التركيب الكيميائي للمركب في كل خطوة، ولكن لأن كثيراً من هذه الأدوات تعدها إسرائيل معدات ذات استخدام مزدوج، فإن مرجان وزملاءه غير قادرين على أداء ذلك بشكل صحيح.

«غزة أجمل مكان في وطني»

تمكن مرجان من نشر بعض أعماله في المجلات الأكاديمية. لكنه قال إن نقص الموارد في غزة حدَّ من إنتاجه البحثي مقارنةً بأبحاث زملائه في الخارج.

وقد حصل على الدكتوراه من جامعة مانشستر في عام 2004، ثم عاد إلى غزة. وقال: «أردت أن أنقل الخبرة والمعرفة إلى شعبي». أجبره العنف على إخلاء منزله في مدينة غزة والانتقال إلى دير البلح، وهي مدينة في الجزء الأوسط من غزة تعرضت لإطلاق النار حيث استهدف الجيش الإسرائيلي ما قال إنها «مراكز قيادة وسيطرة» لـ«حماس» هناك.

واعترف مرجان بأن قراره العودة إلى القطاع منعه من تحقيق أحلامه في مهنة علمية. لكنه لم يندم على ذلك، وقال: «غزة هي أجمل مكان، وهي جزء صغير من وطني».

* خدمة «نيويورك تايمز»

اقرأ أيضاً