اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

خبراء أميركيون أعدوا لائحة بأهم التقنيات

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية
TT

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

اختراقات 2021: لقاحات مطورة ونظم ذكاء تفاعلي وأجهزة أدق لرصد المواقع الجغرافية

أعد خبراء أميركيون لائحة تضمّ أهمّ التقنيات لهذا العام. بدأ بعضها مثل لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) في تغيير حياتنا، وأخرى لا يزال أمامها بضع سنوات للبروز.
لقاحات وذكاء تفاعلي
• لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال. لقد حالف الحظّ البشرية أخيراً؛ فقد تبيّن أنّ اللقاحين الأكثر فاعلية في مواجهة فيروس كورونا يعتمدان على الحمض النووي الريبوزي المرسال، هذه التقنية التي يستخدمها الباحثون والعلماء في أعمالهم وأبحاثهم منذ 20 عاماً.
عند بداية جائحة «كوفيد – 19» في يناير (كانون الثاني) 2020، سارع علماء في الكثير من شركات التقنية الحيوية إلى تحويل الحمض النووي الريبوزي المرسال إلى وسيلة محتملة لصناعة اللقاح. وتعتمد لقاحات «كوفيد - 19» الجديدة على تقنية لم تستخدم سابقاً في صناعة الدواء، ولكن يمكنها أن تحدث تحوّلاً في عالم الطبّ، وأن تساعد في تطوير لقاحات مضادّة للعديد من الأمراض المعدية، من بينها الملاريا. وإذا استمرّ فيروس كورونا الحالي في التحوّر، يستطيع العلماء تعديل لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال بسهولة وسرعة. ويعِد هذا المرسال أيضاً بوضع الأساس لتعديلات جينية غير مكلفة لمرض فقر الدم المنجلي ومتلازمة نقص المناعة المكتسبة، بالإضافة إلى مساعدة الجسم البشري على محاربة السرطان على أنواعه.
• ذكاء صناعي متفاعل: «جي بي تي – 3» GPT - 3. تعدُّ النماذج الكومبيوترية الكبيرة لمعالجة اللغة الطبيعية التي تتعلّم القراءة والكلام خطوة كبيرة نحو ذكاء صناعي أكثر تفهّماً وتفاعلاً مع العالم ويعتبر «جي بي تي – 3» أفضل هذه النماذج وأكثرها «ثقافة» حتّى اليوم. تلقّى هذا النموذج تدريباً على نصٍّ يضمّ آلاف الكتب والقسم الأكبر من محتوى شبكة الإنترنت؛ ما جعله قادراً على تقليد النصوص التي يكتبها الإنسان بواقعية غريبة لا تصدّق وحوّله إلى أكثر النماذج اللغوية التي تعتمد على التعلّم الآلي تأثيراً. (انظر: «جي بي تي ـ 3»... نظام ذكاء صناعي بديل عن الكتاب والمؤلفين «الشرق الأوسط» العدد 15358).
ولكنّ «جي بي تي – 3» لا يفهم ماذا يكتب؛ ولهذا السبب، قد يقدّم أحياناً محتوى غير مكتمل وغير منطقي. يحتاج تدريب هذا النموذج إلى كمٍّ هائلٍ من الطاقة الكومبيوترية والبيانات والأموال ويؤدّي إلى إنتاج بصمة كربونية كبيرة وتقييد تطوير نماذج مشابهة للمختبرات الهائلة المصادر. ونظراً إلى أنّ هذا النموذج تلقّى تدريبه على نصٍّ مسحوبٍ من الإنترنت مليء بالمعلومات الخاطئة والانحياز، يميل في معظم الأحيان إلى تقديم نصوصٍ مطعّمة بالتمييز.
ذكاء صناعي متعدّد المهارات. يفتقر الذكاء الصناعي إلى القدرات البشرية التي يتمتّع بها حتّى الأطفال الصغار لتعلّم كيف يسير هذا العالم وتطبيق المعرفة العامّة في أوضاع جديدة.
توجد مقاربة واحدة واعدة لتحسين مهارات الذكاء الصناعي تتجلّى في توسيع حواسه. يستطيع الذكاء الصناعي المجهّز حالياً بالرؤية الكومبيوترية أو التعرّف الصوتي الشعور بأشياء كثيرة ولكنّه لا يستطيع «الحديث» عن ما يراه ويسمعه باستخدام خوارزميات اللغة الطبيعية. ولكن ماذا إذا جمعنا هذه القدرات في نظام ذكاءٍ صناعي واحد؟ هل يمكن أن تبدأ هذه الأنظمة باكتساب ذكاء يشبه الذكاء البشري؟ هل سيصبح الروبوت القادر على الرؤية والشعور والسمع والتواصل مساعداً أكثر إنتاجية للبشر؟
برامج وصناديق بيانات
• خوارزميات التوصية في «تيك توك». منذ إطلاقه في الصين عام 2016، أصبح تطبيق «تيك توك» واحداً من أسرع الشبكات الاجتماعية نمواً، حيث تمّ تحميله مليارات المرّات وجذب مئات ملايين المستخدمين. لماذا؟ لأنّ الخوارزمية التي تزوّد خاصيته «فور يو» (لك) بالطّاقة غيّرت الطريقة التي يكتسب فيها النّاس الشهرة على الإنترنت.
يتّجه الكثير من التطبيقات الأخرى إلى تسليط الضوء على محتوى يجذب اهتمام القسم الأكبر من الجمهور، بينما تعمل خوارزميات «تيك توك» على إخراج صانعِ محتوى جديد من الظلام وتتعامل معه وكأنّها تقدّم نجماً معروفاً، فضلاً عن أنّها تبرع في تغذية مجموعات متخصصة من المستخدمين الذين يتشاركون اهتمامات أو هوية معينة بمحتوى على صلة باختصاصها.
تساهم قدرة صنّاع المستوى الجدد على الحصول على عدد كبير من المشاهدات بسرعة كبيرة والسهولة التي يكتشف بها المستخدمون أنواعاً كبيرة من المحتوى في تحقيق التطبيق الصيني لنموّ مذهل؛ وهذا ما يدفع شركات تواصل اجتماعي أخرى اليوم إلى السعي لإدخال هذه المزايا في تطبيقاتها.
• صناديق أمانٍ للبيانات. تعرّضت معلوماتنا للتسريب والقرصنة والبيع مرّات أكثر بكثير مما يمكننا أن نحصي.
يقدّم صندوق أمان البيانات مقاربة بديلة بدأت بعض الحكومات ببحثها، وهو عبارة عن كيانٍ قانوني يجمع ويدير بيانات النّاس الشخصية بالنيابة عنهم. لا يزال تعريف شكل ووظيفة هذه الكيانات غير واضح، وتوجد أسئلة كثيرة عالقة حولها، ولكنّ هذه الصناديق قد تكون حلاً لمشاكل نعاني منها منذ مدّة طويلة في مجالي الخصوصية والأمن، وفقاً لمجلة «تكنولوجي ريفيو».
بطاريات هيدروجين
• بطاريات معدن – الليثيوم. تُعرف المركبات الكهربائية بأسعارها الباهظة نسبياً، ولا يمكنكم قيادتها لأكثر من بضعة مئات الأميال قبل أن تحتاجوا إلى شحنها من جديد. ترتبط هذه الجوانب السلبية جميعها بشكلٍ مباشر بمحدودية فاعلية بطاريات أيون الليثيوم. ولكنّ شركة ناشئة ذات تمويلٍ كبير في سيليكون فالي تدّعي اليوم أنّها طوّرت بطارية ستزيد رغبة المستهلك العادي بالعربات الكهربائية.
طوّرت شركة «كوانتوم سكيب» ما أسمته بطارية المعدن – الليثيوم، وأظهرت نتائج اختباراتها الأولى، أنّها قادرة على زيادة نطاق سير العربات الكهربائية بنسبة 80 في المائة، فضلاً عن أنّها تتلقّى شحنها بسرعة. وقّعت الشركة الناشئة اتفاقاً مع «فولكس فاغن» التي كشفت عن أنّها ستبدأ في بيع عربات كهربائية تعمل بهذه البطارية الجديدة في عام 2025. وتجدر الإشارة إلى أنّ البطارية لا تزال نموذجاً تجريبياً أصغر بكثير من البطارية التي تحتاجها أي سيّارة.
• الهيدروجين الأخضر. اليوم، وبينما تجري الدول حسابات صعبة حول كيفية تحقيق أهدافها المناخية، تزداد أهميّة الهيدروجين الأخضر والحاجة إليه.
لطالما اعتبر الهيدروجين بديلاً محتملاً للوقود الأحفوري؛ لأنّه يحترق بنظافة ولا يبعث ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن أنّه كثيف لناحية الطّاقة ما يجعل منه وسيلة جيّدة لتخزين الطاقة الصادرة من وعن المصادر المتجدّدة. كما يمكن استخدامه لصناعة أنواع وقود صناعية سائلة تحلّ محلّ البنزين والديزل، إلّا أنّ معظم الهيدروجين المنتج حول العالم اليوم يُصنع من الغاز الطبيعي ضمن عملية ملوّثة وتتطلّب طاقة مكثّفة. ولكنّ استمرار تهاوي كلفة الطاقتين الهوائية والشمسية يعني أنّ الهيدروجين الأخضر بات اليوم زهيداً بدرجة كافية لجعله خياراً عملياً.
تتبع وتموضع
• التتبّع الرقمي للاحتكاك. مع بداية انتشار فيروس كورونا حول العالم، بدا التعقّب الرقمي للاحتكاك وسيلة فعّالة للمساعدة. إذ تستطيع تطبيقات الهواتف الذكية استخدام نظم «جي بي إس». والبلوتوث لوضع سجلّ بالأشخاص الذي التقوا أخيراً وإذا تبيّن لاحقاً أنّ أحدهم التقط عدوى «كوفيد - 19»، يستطيع هذا الشخص أن يدخل هذه النتيجة إلى التطبيق الذي سيعلم كلّ من قد يكون تعرّض للفيروس.
• التموضع الفائق الدقّة. الجميع يستخدم نظم «جي بي إس» في شؤونه اليومية؛ لأنّه أحدث تحوّلاً كبيراً في حياتنا وفي الكثير من أعمالنا. صحيح أنّ «جي بي إس» المتوفّر اليوم يتميّز بدقّة عالية على مسافة تتراوح بين خمسة وعشرة أمتار، إلّا أنّ تقنيات التموضع الجديدة الفائقة الدقّة تمنح إحداثيات محدّدة لمسافة سنتمترات أو حتّى مليمترات قليلة. يفتح هذا التطوّر الباب لتطبيقات جديدة تتنوّع بين التحذيرات على الطرقات وروبوتات التوصيل والسيّارات الآلية التي ستتمكّن من التجوّل على الطريق بشكلٍ آمن.
أصبح نظام «بي دو» BeiDou (الدب الأكبر) العالمي للملاحة جاهزاً في الصين في يونيو (حزيران) 2020 ليشكّل جزءاً مما يجعل جميع هذه الاحتمالات متاحة. يقدّم هذا النظام تموضعاً دقيقاً على مسافة 1.5 إلى مترين لأي شخصٍ في العالم. وبفضل استخدامه للتكبير الأرضي، يمكنه أيضاً أن يقدّم دقّة على مسافة لا تتجاوز بضع ملّيمترات. في الوقت الحالي، تشهد تقنية «جي بي إس»، التي يستخدمها النّاس منذ التسعينات، تحديثات مهمّة مدفوعة بأربع أقمارٍ صناعية جديدة لنظام «جي بي إس» الثالث (GPS III) الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) على أن يستقبل المدار المزيد من الأقمار الصناعية في 2023.
• كلّ شيءٍ عن بعد. أجبرت جائحة «كوفيد – 19» العالم أجمع على الانتقال إلى وضع الحياة عن بعد.
جمعت شركة «سناب آسك» المتخصصة في التعليم الخاص الإلكتروني 3.5 مليون مستخدم في تسعِ دولٍ آسيوية بينما ارتفع عدد مستخدمي تطبيق «بيجوز» الهندي للتعليم إلى نحو 70 مليوناً. ولكن لسوء الحظّ، لا يزال الطلّاب في دولٍ أخرى كثيرة يعانون من الارتباك في صفوفهم الإلكترونية. في الوقت نفسه، أوصلت جهود العناية الصحية الهاتفية المبذولة في أوغندا ودول أفريقية أخرى العناية الصحية للملايين خلال الجائحة. وفي جزءٍ يعاني من نقص مزمن بالأطبّاء من العالم، تحوّلت العناية الصحية عن بعد إلى عاملٍ منقذٍ للحياة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية
TT

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة.

معقِّمات بمواد مسرطنة

أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على «مستويات غير مقبولة» من هذه المادة المسرطنة. ثم كانت هناك عمليات سحب من السوق لرذاذات القدم المضادة للفطريات، إضافة إلى ظهور تقارير مثيرة للقلق عن وجوده في مزيلات العرق والشامبو الجاف وكريمات الوقاية من الشمس الملوثة، كما كتب كنفول شيخ، وجانا مانديل*.

وأدت بعض هذه النتائج إلى ظهور عناوين الأخبار المذعورة، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ حذَّر المؤثرون في مجال العافية - على «تيك توك» - الناس من التوقف عن ارتداء واقيات الشمس. وذهب أحد الأطباء على المنصة إلى مقارنة استخدام الشامبو الجاف المنتج بمادة البنزول بعملية التدخين. كما تم رفع كثير من الدعاوى القضائية الجماعية بشأن تأثيراته.

رُصد البنزول في واقيات الشمس

«تسلل» البنزول الطبيعي

يوجد «البنزول» (Benzene)، بشكل طبيعي في النفط الخام. ولا يضاف عمداً إلى هذه المنتجات؛ بل إنه يُستخدم لتصنيع المواد الكيميائية، مثل الأصباغ والمنظفات والدهانات والبلاستيك. وقد ينتهي به الأمر إلى التسلل إلى منتجات العناية الشخصية، عندما لا تتم تنقية المواد الكيميائية التي يوجد البنزول فيها بشكل كافٍ، أو عندما تتفاعل بعض المكونات النشطة في المنتجات بعضها مع بعض أو تتحلل.

لا توجد بيانات حتى الآن تشير إلى أن المستويات المنخفضة من التعرض للبنزول من منتجات العناية الشخصية تحمل مخاطر صحية كبيرة. وحذَّر بعض الخبراء من أن كثيراً من النتائج الأكثر إثارة للقلق حول البنزول، جاءت من مختبر واحد تعرّض لانتقادات؛ لانحرافه عن طرق الاختبار القياسية.

ومع ذلك؛ ونظراً لارتباط مستويات عالية من التعرض للبنزول بالسرطان، يقول الخبراء إنه من الجدير إلقاء نظرة فاحصة على الشامبو الجاف وواقي الشمس، وغيرهما.

ويشعر الباحثون بالقلق من أن المكونات التي تساعد المستحضرات الواقية من الشمس على الذوبان في الجلد، قد تسرّع من امتصاص الجسم له.

تنشُّق البنزول

نظراً لأن البنزول يمكن أن يتبخر بسهولة؛ فقد يستنشق الأشخاص أيضاً بعض المواد الكيميائية أثناء وضع المنتج موضعياً، ما يعني أنهم قد يتعرّضون له من خلال الطريقتين كلتيهما، كما قال لوبينغ تشانغ، عالم السموم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. لكن حقيقة تبخره بسرعة تشير إلى أن التعرُّض الجلدي ليس مصدر قلق كبيراً مثل تعرض العمال للبنزول بانتظام في الهواء.

أبحاث محدودة

ولا تشير الأبحاث المحدودة حول هذا الأمر حتى الآن إلى أي خطر كبير. في إحدى الدراسات، فحصت مجموعة من الباحثين الأكاديميين بيانات من أكثر من 27 ألف شخص استخدموا كريمات طبية تحتوي على «بيروكسيد البنزويل» (benzoyl peroxide) الذي يعمل مطهِّراً. وعندما قارنوها ببيانات من مرضى لم يتعرضوا لبيروكسيد البنزويل، لم يجد الباحثون أي خطر متزايد للإصابة بالسرطان المرتبط بالبنزول بين أولئك الذين يستخدمون الكريمات.

ومع ذلك، قال بعض الخبراء إنهم قلقون بشأن هذه التعرضات المحتملة؛ نظراً لأن هذه المنتجات يتم استخدامها مباشرة على الجسم – يومياً عادةً - وفي أماكن صغيرة سيئة التهوية، مثل الحمامات.

ارتفاع مستويات البنزول في الجسم

وفي حين تظهر الدراسات الاستقصائية الأميركية أن مستويات البنزول في الهواء قد انخفضت - بفضل القيود الأكثر صرامة على البنزول - فقد زادت مستويات البنزول في عيّنات البول من الأميركيين في العقود الأخيرة. في الوقت نفسه، وجد العلماء أن مزيداً من المنتجات قد تحتوي على البنزول، بما في ذلك الحفاضات والمناديل التي تستخدم لمرة واحدة، والسدادات القطنية، والفوط الصحية.

وقالت إمي زوتا، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إن اكتشاف البنزول في هذه المنتجات يسلّط الضوء على الفجوات في الرقابة التنظيمية على سلامة منتجات العناية الشخصية. وأضافت أن كثيراً من اختبارات سلامة المنتجات طوعية: «لذا؛ فإن الصناعة تضع معاييرها الخاصة».

تلوث منتجات العناية بالبنزول

كان كثير من الاهتمام حول التلوث بالبنزول في منتجات العناية الشخصية مدفوعاً بشركة اختبار مخدرات صغيرة، مقرّها في نيوهافن بولاية كونيتيكت. فقد أفادت شركة «فاليشور» (Valisure)، بالعثور على تلوث بالبنزول في معقمات اليدين، وبخاخات الجسم، وكريمات الوقاية من الشمس، والشامبو الجاف، وأدوية حب الشباب التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل. وانتشرت بعض هذه النتائج على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«تروث سوشيال».

لكن بعض العلماء شكّكوا في منهجية شركة «فاليشور»، زاعمين أن بروتوكول الاختبار الخاص بها ينطوي في كثير من الأحيان على تسخين المنتجات إلى درجات حرارة تتجاوز درجات الحرارة التي قد تصل إليها في الحياة العادية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تسريع تحلل المكونات، ويشير إلى خطر أعلى للتعرّض للبنزين مما قد يواجهه المستهلكون بالفعل.

أدلة تاريخية حول «سرطان البنزول»

ينظر كثير من الأبحاث حول البنزول بشكل خاص - حتى الآن - إلى التعرّض المنتظم لمستويات عالية من المادة الكيميائية في البيئات المهنية.

تأتي الأدلة على أن البنزول قد يسبب السرطان لدى البشر، من ملاحظات العمال في الصناعات الدوائية والبترولية التي تعود إلى عشرينات القرن العشرين. في عام 1987، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، إن هناك «أدلة كافية» على أن البنزول مسبب للسرطان لدى البشر والحيوانات. واليوم، تتفق منظمة الصحة العالمية، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وبرنامج علم السموم الوطني الأميركي، على أن البنزول يمكن أن يسبب السرطان، وخصوصاً سرطان الدم.

هناك أيضاً أدلة على أن استنشاق مستويات عالية من البنزول لفترات طويلة من الزمن يرتبط بسرطانات الدم الأخرى، وسرطان الرئة، فضلاً عن فقر الدم، وانخفاض القدرة على محاربة العدوى، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

توصيات دولية

يوصي مسؤولو السلامة المهنية في جميع أنحاء العالم عموماً، بأن يقتصر التعرض في مكان العمل على جزء واحد من البنزول لكل مليون جزء من الهواء، أو جزء واحد في المليون على مدار يوم عمل مدته 8 ساعات.

ويتعرض كثير منا للبنزول أيضاً - من خلال انبعاثات المركبات ودخان السجائر ومواقد الغاز - ولكن بمستويات أقل بكثير.

وقد قدَّرت إحدى الدراسات أن التعرض البيئي للشخص العادي ينبغي أن يكون أقل من 0.015 جزء في المليون في اليوم، أو أقل بنحو مائة مرة من الحد المهني المذكور أعلاه.

خطوات لتقليل التعرض للبنزول

أظهرت حفنة من الدراسات المختبرية أن كمية معينة من البنزول على الأقل يمكن أن تخترق حاجز الجلد.

أكد الخبراء أنه لا داعي للذعر بشأن البنزول في منتجات العناية الشخصية؛ لكن اقترح كثير منهم التأكد من تخزين هذه العناصر بشكل صحيح لتجنب تحللها.

وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة لتقليل تعرضك:

- واقي الشمس: لم يقترح أي من الخبراء الذين تمت مقابلتهم التخلص من واقي الشمس خوفاً من البنزول. حتى في الاختبارات التي أجرتها شركة «فاليشور»، لم يكن لدى غالبية واقيات الشمس مستويات يمكن اكتشافها. وقال تشانغ: «فوائد واقيات الشمس معروفة جيداً». ولكن إذا كنت تريد أن تكون حذراً، فيجب عليك تجنب تخزين واقي الشمس في سيارتك، والابتعاد عن الهباء الجوي. فكثير من المنتجات التي وُجد أنها تحتوي على البنزول هي عبارة عن رشاشات للرذاذ.

- الشامبو الجاف: إذا كنت قلقاً بشأن التعرض المحتمل للبنزين، فحاول التبديل إلى الشامبو الجاف الذي يأتي في تركيبات مسحوقة بدلاً من منتجات مرشاشات الرذاذ.

- كريمات حب الشباب: إذا كنت ترغب في الاستمرار في استخدام منتجات بيروكسيد البنزويل، فخزِّنها في مكان بارد ومظلم، مثل خِزانة أو ثلاجة، فسيساعد ذلك في بقاء مكوناتها مستقرة لفترة أطول. يمكنك أيضاً التحدث مع طبيب حول بدائل بيروكسيد البنزويل التي قد تناسبك. ويجب عليك دائماً التحقق من منتجاتك من خلال قائمة إدارة الغذاء والدواء القابلة للبحث للمنتجات التي تم سحبها من الأسواق، وتنبيهات السلامة.

* خدمة «نيويورك تايمز»