«قد يأكلهم» زملاؤهم... ماذا سيحدث لجثث رواد الفضاء المتوفين على سطح المريخ؟

رسم توضيحي لرواد فضاء ينقبون في باطن سطح المريخ (ناسا)
رسم توضيحي لرواد فضاء ينقبون في باطن سطح المريخ (ناسا)
TT

«قد يأكلهم» زملاؤهم... ماذا سيحدث لجثث رواد الفضاء المتوفين على سطح المريخ؟

رسم توضيحي لرواد فضاء ينقبون في باطن سطح المريخ (ناسا)
رسم توضيحي لرواد فضاء ينقبون في باطن سطح المريخ (ناسا)

مع استعداد وكالات الفضاء لأول مهمة بشرية إلى المريخ، يتوقع العلماء أن يقع عدد من القتلى بين رواد الفضاء المتجهين إلى الكوكب الأحمر، في رحلة قاسية ستستغرق سبعة أشهر على الأقل داخل كبسولة ستسير في مسار لم يسلكه البشر أبدًا.
وكان إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس إكس»، التي تخطط لإرسال رحلات مأهولة للمريخ وبناء مستعمرات به، قد قال: «إذا كنت تريد الذهاب إلى المريخ، فاستعد للموت».
وعندما يصل رواد الفضاء إلى المريخ، سيواجهون تحديات جديدة تهدد البقاء، أحدها الإشعاع.
وتشير البيانات السابقة الخاصة بالكوكب الأحمر إلى أنه تعرض للإشعاعات أكثر 700 مرة من الإشعاعات التي تعرضت لها الأرض.
ويمكن للإشعاع أن يحدث تلفا في القلب والأوعية الدموية، ويصيب الشخص بتصلب الشرايين، وربما يؤدي في النهاية للموت.
وبحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، ففي حالة وفاة أحد أفراد الطاقم، قد يستغرق الأمر شهورًا أو سنوات قبل إعادة جسده إلى الأرض، مما يثير سؤالًا واحدًا: ماذا سيحدث لجثة الشخص الذي سيموت في الفضاء؟
لم تضع وكالة الفضاء الأميركية ناسا بروتوكولات للتعامل مع الموت في الفضاء، لكن العلماء في جميع أنحاء العالم يبحثون عن أفضل طرق للتخلص من الجثث.
واقترح العلماء عددًا من الطرق، بما في ذلك دفن الجثث على سطح المريخ، ولكن في هذه الحالة يجب حرق البقايا أولاً حتى لا تلوث السطح.
كما أشار العلماء إلى أن الجثث يمكن أن توضع في ثلاجات أو مخازن باردة حتى تعود المركبة للأرض، كما قد يتبع معها أسلوب «التجفيف بالتجميد»، بحيث يتم وضع الجثة خارج الكبسولة حيث يغطيها الفضاء بالجليد.
ومع ذلك، فقد تم تقديم السيناريو الأسوأ للتخلص من جثث رواد الفضاء المتوفين على المريخ، وهو أن تؤكل الجثث من قبل الرواد الأحياء، وهو الحل الذي قد يتبع في حال نفاد الطعام المتاح مع الطاقم.
وأشار البعض إلى إمكانية ترك الجثث تنطلق في الفضاء.
ولكن كاثرين كونلي، من مكتب حماية الكواكب التابع لناسا علقت على ذلك قائلة: «حاليًا، لا توجد إرشادات محددة في سياسة حماية الكواكب، سواء على مستوى وكالة ناسا أو على المستوى الدولي، من شأنها معالجة مسألة دفن رائد فضاء متوفى عن طريق إطلاقه في الفضاء».
وأضافت: «إذا اختارت العديد من البعثات هذه الطريقة، فإن الصواريخ المستقبلية المتجهة إلى المريخ ستحلق عبر بحر من الجثث».
وأشارت كونلي إلى أن الحلول الأفضل والأوقع هو حرق الجثث أو تناولها من قبل رواد الفضاء.
وقد يبدو تناول الرواد لزملائهم أمرًا همجيًا، لكن الخبراء الذين يدافعون عن هذه الاستراتيجية يستشهدون بما حدث عندما تحطمت طائرة في جبال الأنديز في عام 1972، حيث لم يكن لدى الركاب طعام ولا وسيلة للتواصل، لذلك اتخذوا قرارًا صعبًا بأكل ضحايا الطائرة لكي يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة.


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.