استياء دمشقي من المظاهر الطائفية ومطالبة شعبية بمواجهة الاحتلال الإيراني

«خطة عسكرية للحرس الثوري وحزب الله لتحرير جنوب سوريا»

استياء دمشقي من المظاهر الطائفية  ومطالبة شعبية بمواجهة الاحتلال الإيراني
TT

استياء دمشقي من المظاهر الطائفية ومطالبة شعبية بمواجهة الاحتلال الإيراني

استياء دمشقي من المظاهر الطائفية  ومطالبة شعبية بمواجهة الاحتلال الإيراني

ارتفعت في الأيام الأخيرة أصوات سورية شملت المعارضين والصامتين، تطالب بالوقوف في وجه «الاحتلال الإيراني» لسوريا. تزامن ذلك مع تصاعد وتيرة المعارك في الجبهة الجنوبية بسوريا والكشف صراحة عن الوجود العسكري الإيراني إلى جانب ميليشيا حزب الله اللبناني، تنفيذا لخطة عسكرية تهدف إلى «تأمين العاصمة دمشق»، بمعنى عزلها عن درعا.
ويقول ناشط معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن المسألة لم تعد محض مساندة لقوات النظام، بل هي «احتلال» بمعنى الكلمة؛ عسكري وسياسي واجتماعي، مستشهدا بمقطع فيديو نشرته صفحة «أتباع آل البيت عليهم السلام في يبرود» تحت عنوان «عودة الحق إلى أصحابه»، يظهر فيه شيعة عراقيون في الجامع الأموي وسط دمشق القديمة (الذي يعد من أهم المعالم الدينية المرتبطة بدمشق وأهلها)، وهم يندبون مستعيدين قصة الحسين عليه السلام والسيدة زينب، وذيّل الفيديو بتعليق استفزازي يقول: «عاد الحق ﻷهله، الجامع اﻷموي اليوم أصبح ﻵل البيت».
تداول السوريون الفيديو بكثير من الاستنكار، معتبرين الحدث استفزازا لمسلمي دمشق المعروفة تاريخيا بـ«عاصمة الأمويين». إلا أن الدمشقيين مضطرون لإخفاء مشاعرهم الساخطة ثمنا لبقائهم في دمشق الواقعة تحت قبضة النظام؛ إذ لا يقتصر الأمر على هذا الفيديو، فهو واحد من سلسلة ممارسات مماثلة للشيعة، وغالبيتهم من الوافدين من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان، عندما راحت في السنوات الأخيرة تخترق شوارع دمشق ذات الغالبية السنية، لتحيي طقوس مناسبات مثل عاشوراء وأربعينية الحسين، بمظاهر احتفالية مبالغ فيها لم تعهدها العاصمة السورية من قبل.
وتحمل هذه الممارسات تخوفا من تصاعد التوتر الطائفي والتطرف المذهبي في دمشق المدينة المتسامحة تاريخيا برعاية أهلها المشهورين باعتدالهم، غير أن حادثة تفجير حافلة حجاج شيعة لبنانيين قرب سوق الحميدية في دمشق، نموذج يعتد به أمام هذه المخاوف. يقول أحد الدمشقيين الذي يراقب مظاهر الاحتلال الإيراني والشيعي الذي بات يهيمن على مدينته: «مهما فعلت إيران، فإن دمشق ستحافظ على سمتها الدينية العامة، ولن تغدو شيعية. ولولا نظام الأسد، ما كان هؤلاء ليجرؤوا على دخول الجامع الأموي». ويتابع: «عندما طالب السوريون بإسقاط النظام، كانوا يعلمون أنه باع سوريا لإيران، فقد أطلق أيديهم في تملك العقارات ونشر التشيع وبناء مراكز الحسينات في مناطق سورية لا يوجد فيها شيعة، مثل يبرود في القلمون المحاذية لدمشق (التي أنشئت لها صفحة نشرت الفيديو الذي أشرنا إليه). لكن الآن باتت هذه الحقائق لا تقبل الشك، وعلى الرغم من ذلك، فإن المواقف العربية لا تتحرك بجدية لمواجهة الاحتلال الإيراني في سوريا واليمن».
وبالتزامن مع نشر فيديو «استعادة آل البيت للجامع الأموي»، كشفت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من حزب الله اللبناني في عددها الصادر الاثنين الماضي، عما سمتها «خطة دمشق لمعركة تحرير جنوب سوريا من المسلحين العملاء لإسرائيل والنظام الأردني».
وتحدثت الصحيفة عن «لوحة المواجهة الشاملة على الأرض السورية»، بين الجيش السوري وحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني من جهة، ومسلحين سوريين وعرب «تديرهم غرفة عمليات مقرها الأردن، بمشاركة أميركية وفرنسية وسعودية» من جهة أخرى.
وقالت الصحيفة: «في جبهة الجنوب، واضح لمحور المقاومة أن الجهود التي بذلت من الطرف الآخر، خلال عام وبضعة أشهر، كانت تستهدف تحقيق اختراقات نوعية في مناطق درعا والقنيطرة تسمح للمجموعات المسلحة بالتواصل الوثيق مع ريف دمشق الجنوبي، وتتيح تحقيق ضربة نوعية من خلال التقدم صوب دمشق التي لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن هذه المنطقة». وأكدت الصحيفة أن المعارضة السورية نجحت «لأسباب مختلفة، سياسية وأمنية - استخبارية وعسكرية - في تحقيق اختراقات كبيرة استمرت حتى نهاية العام الماضي، وجعلت المجموعات المسلحة تقترب من الربط الكامل بين ريفي درعا والقنيطرة من جهة، وجنوب العاصمة من جهة أخرى. وتمكنت من احتلال شريط من التلال المترابطة تشكل خط الهجوم الأبرز ضد دمشق». وكان رد ما سمته الصحيفة «محور الممانعة» على تقدم المعارضة، هو «إعداد خطة عمل، خلال أسابيع، تم خلالها توفير العناصر المعلوماتية المناسبة لمعرفة واقع الأرض، وإعداد العدة العسكرية واللوجيستية، ثم الانتقال إلى وضع خطة حرب، قادها ضباط كبار من الجيش السوري وضباط من أبرز قيادات المقاومة في لبنان وفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وتم الاعتماد على عناصر الضغط الناري قبل التقدم سريعا نحو استعادة السيطرة على النقاط الأساسية التي تقطع ما عمل الطرف الآخر على وصله». وخلصت الصحيفة إلى أن «الانعكاسات الكبيرة لا تقتصر على مناطق الجنوب فقط، بل على معنويات وقدرات المجموعات المسلحة الموجودة في ريف دمشق الجنوبي، وفي بعض مناطق الغوطة، وهي المناطق التي تشهد منذ فترة طويلة مواجهات قاسية بين الجيش والمسلحين، وحيث تبرز معطيات من شأنها زيادة نسبة النجاح في تحرير هذه المناطق من المسلحين».
بالتوازي مع ذلك، كان خطيب الجامع الأموي في دمشق الشيخ مأمون رحمة، قد روج لمعركة درعا في خطبته يوم الجمعة الماضي وقال: «انطلق مشروع التطهير من الإرهاب ورجسهم من درعا الحبيبة درع الوطن»، بالتعاون مع من سماهم «زعماء العشائر الشرفاء في درعا».
في المقابل، اعتبر وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة (المعارضة)، اللواء سليم إدريس، التدخل الإيراني «السافر» في معارك درعا «غزوا». وقال في تصريحات أخيرة لقناة «العربية» إن «الأحداث تسير باتجاه خطير للغاية في الجنوب، ونحن نعمل على منع تحقيق أهداف النظام والميليشيات الإيرانية. ندرك أنه لدينا صعوبات واحتياجات، وميزان القوى هو لصالح الميليشيات الإيرانية، لكن مقاتلي الجيش الحر هم من أبناء المنطقة الجنوبية، وهذه ميزة تحسب لنا»، مشيرا إلى أن النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه «تحاول السيطرة على جنوبي دمشق ومناطق درعا بهدف الوصول إلى الشريط الحدودي في جنوب لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.