لبنان: جلسات الحكومة «معلقة» بانتظار حل لمأزق «الفيتو الوزاري»

المسيحيون يرفضون التراجع عنه من باب التمسك بصلاحيات الرئيس

لبنان: جلسات الحكومة «معلقة»  بانتظار حل لمأزق «الفيتو الوزاري»
TT

لبنان: جلسات الحكومة «معلقة» بانتظار حل لمأزق «الفيتو الوزاري»

لبنان: جلسات الحكومة «معلقة»  بانتظار حل لمأزق «الفيتو الوزاري»

لا تزال جلسات الحكومة اللبنانية معلقة إلى أجل غير مسمى بانتظار نتيجة المشاورات والاتصالات التي يجريها رئيسها تمام سلام مع الأفرقاء السياسيين، بغية التوافق على صيغة جديدة تخرج مجلس الوزراء من مأزق «الفيتو الوزاري» الذي يكبل عمل الحكومة التي تحتاج قراراتها موافقة جميع الوزراء في ظل استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية وتولي الحكومة صلاحيات الرئيس، إضافة إلى صلاحياتها.
ووفقا لهذه الصيغة يكفي أن يعترض وزير واحد على أي قرار لمنع إقراره، مما جعل رئيس الحكومة تمام سلام يصفه في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» بأنه «أمر مزعج» وهو يسعى للتخلص منه عبر إيجاد آلية جديدة لاتخاذ القرار في مجلس الوزراء، الأمر الذي يصطدم برفض من بعض الوزراء المسيحيين «من باب التمسك بصلاحيات رئاسة الجمهورية»، وهو الموقع الذي يشغله المسيحيون وفق تقسيم المناصب بين الطوائف اللبنانية.
وكان سلام قد رفع جلسة الأسبوع الماضي إثر خلاف بين وزير التربية إلياس بو صعب ووزير الاتصالات بطرس حرب حول آلية عمل الحكومة وتوقيع بعض المراسيم، رافضا الدعوة إلى الجلسة التالية قبل تعديل الآلية الحالية التي كان قد اتفق عليها الأفرقاء السياسيون، والتي تنص على إبعاد المواضيع الخلافية وعدم اتخاذ أي قرار إذا لم يحصل على الموافقة بالإجماع من قبل الـ24 وزيرا. وكانت الحكومة قد اصطدمت مرات عدة بـ«الفيتو الوزاري» مما أدى إلى تأجيل البحث في مواضيع مختلفة، واحتاج التوافق عليها بالإجماع إلى جلسات عدة.
وفي حين تشير المعلومات إلى أن سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري يفضلان العودة إلى اعتماد نصوص الدستور في القرارات الحكومية، أي بالتوافق، وإذا تعذر الأمر، تحال إلى التصويت، وتتخذ بأكثرية الحضور، أما المواضيع الأساسية فتتطلب موافقة ثلثي عدد الوزراء، ينص «الحل الوسط» الذي قدمه سلام إلى الأفرقاء السياسيين على أن القرارات التي كانت تؤخذ بـ«النصف + 1» تصبح بالثلثين، والقرارات التي كانت تؤخذ بأكثرية الثلثين تصبح بالإجماع»، وهو ما لم يرفضه «تيار المستقبل» و«حزب الله» إضافة إلى الرئيس بري.
لكن في المقابل، ترفض كتل الأحزاب المسيحية التراجع عن الآلية المتبعة، أي «الفيتو الوزاري» من باب التمسك بصلاحيات الرئيس، واعتبار العودة إلى تطبيق الدستور كما لو أن رئيس الجمهورية موجود يعطي انطباعا بأنه لا مشكلة في استمرار الفراغ. وهو ما أشار إليه وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، المحسوب على كتلة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، قائلا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع الإبقاء على الصيغة المتبعة بانتظار التوافق على صيغة أخرى تتوافق مع الدستور». وأكد: «لا نوافق على الصيغة التي يتم التداول بها، والتي تنص على حصول القرارات الأساسية على الإجماع الوزاري والمواضيع الأخرى على الثلثين + 1». وأوضح: «الآلية الحالية اعتمدت بعد التوافق بين كل الأفرقاء، وبالتالي فإن أي تغيير بها يتطلب توافق الجميع، مضيفا: «بدل أن يتفقوا على آلية جديدة فليبذلوا جهودهم للانتخاب رئيس».
من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«وكالة الأنباء المركزية» أنه «لا تقدم في الاتصالات التي يُجريها الرئيس سلام مع الأطراف السياسية في شأن آلية عمل الحكومة». وقال: «بعض الأطراف في الحكومة يرفضون تطبيق المادة 65 في الدستور لأنها على حد تعبيرهم تُكرّس مبدأ أن البلد (ماشي) من دون رئيس جمهورية». مضيفا: «إذا أردنا عودة الحياة الدستورية في شكل طبيعي، لينزل المعطّلون إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس جمهورية فننتهي من هذا كله. لا يجوز من جهة تعطيل استحقاق الرئاسة ومن جهة أخرى آلية عمل مجلس الوزراء».
من جهته، قال وزير الصناعة في كتلة حزب الله، حسين الحاج حسن، بعد لقائه وزير التربية إلياس بو صعب: «ونحن ككتلة وفاء للمقاومة وكحزب الله منفتحون وليست لدينا رغبة في استمرار حال المراوحة، لأن الحكومة ودورها واستمرارها وإنتاجيتها أمر أساسي جدا، وهي مؤسسة أساسية»، مضيفا: «هناك صيغ كثيرة مقترحة للنظر في اتخاذ القرارات والأهم هو التوافق حولها والخروج بصيغة مقبولة لتفعيل العمل الحكومي».
بدوره، لفت وزير الاتصالات بطرس حرب في مؤتمر صحافي بعد لقائه سلام يوم أمس، «إلى أن الأخير يجري اتصالاته مع القوى السياسية ونحن نساعده لإيجاد اتفاق على آلية جديدة للسماح للحكومة بالتعاطي في شؤون البلاد، وخصوصا أن هذه الآلية تخالف الدستور».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».