تي ڤي لوك

تي ڤي لوك
TT

تي ڤي لوك

تي ڤي لوك

- الغياب الكبير
مسلسلات رمضان هي، قبل كل شيء، صناعة عربية (أساساً) كبيرة. هي بحجم عملاق على الأصعدة كافة: مادياً، وإعلامياً، وإنتاجياً وكفرص عمل لمئات الفنانين وللعدد نفسه من الكتاب والمخرجين ومؤلفي الموسيقى والمصممين والمصورين ولكل من له باع في حياكة العمل التلفزيوني.
الحشود التي يشهدها الشهر البديع الذي نعيشه حالياً يفوق كل ما تنتجه كل المحطات العربية مجتمعة خلال العام، بل أضعاف ما تنتجه وتوفر له الميزانيات والطواقم أمام الكاميرا ووراءها. وإذا ما نظرنا إلى عموم الإنتاجات التلفزيونية في هذا الشهر (وهي تتجاوز الثلاثين مسلسلاً كمعدل عام) وجدنا أن التنافس القائم بين محطات التلفزيون العربية على إنتاج أو شراء عروض مسلسلات يتم إنتاجها على نحو مستقل، أمر ليس شائعاً فقط، بل هو مفروض وإلزامي.
كل هذا تحت سماء شهر رمضان وتيمناً به. ولو كان هناك شهران كريمان كهذا الشهر لارتفعت صناعة المسلسلات إلى ضعف هذا العدد ولما بقي هناك من فنان أو كاتب أو مخرج أو سواهم من العناصر البشرية من دون عمل.
لكن إذ يحدث كل ذلك في كل سنة، فإن المسألة ليست قائمة على أعمال تعكس الروح الرمضانية وروحانيات الشهر وكل ما يتصل بالعبادة فيه والتبرك به. لهذه المسألة هناك برامج رمضانية تقوم على بث تعاليم الدين وشؤونه ولو أنها سريعاً ما تصبح تكراراً لما سبقت معرفته من أجيال وأجيال بعيدة.
الرواج الرمضاني على الشاشات التلفزيونية له علاقة بالعجلة الاقتصادية: عرض وطلب. «بيزنس» قائم بذاته. حالات نجاح في مقابل حالات فشل، وبينما النجاح يولد النجاح ولا يتنازل عنه، فإن الفشل لا يتكرر إلا عبر عدم الدراية. إذ يفشل مسلسل ما فإن ذلك لا يؤدي بمنتجيه إلى إعادة الكرّة على أمل أن المرة المقبلة ستكون أفضل. ما سيفشل في العام المقبل هو مسلسل آخر ولو للأسباب ذاتها.
مفتاح السر في كل ذلك هو الجمهور. هو الذي يقبل ويضحك أو يتشوق أو يُثار أو يبكي. هو، بالتالي، من يقول للمنتج، مسلسلك أعجبني أريد مثله، أو «إيه ده يا عم. ما عندكش حاجة تانية؟».
لذلك إذا تذمر البعض من غياب موضوعات ومضامين وحكايات فإن عليه أن يثبت أولاً أنه يريدها. شركات الإنتاج لن تدفع ملايين الدولارات على أي عمل إذا اعتقدت أن أحداً لا يرغب في بضاعتها. لذلك هناك ما يغيب عن الشاشة من أعمال لا ترى النور ولن تراه لا في رمضان ولا في سواه.
أكثر ما يغيب وأكبره أهمية هو المسلسلات المقتبسة من روايات أدبية وضعها مؤلفون قرأنا لهم واستمتعنا برواياتهم من نجيب محفوظ إلى غادة السمان والعشرات من كل أنحاء العالم العربي. ولمَ ليس من خارج العالم العربي أيضاً.
لحين كانت السينما المعين الكبير لاقتباس وصنع الحكايات المصورة من تلك الروايات، لكن هذه أيضاً توقفت عن طرق هذا الباب والتلفزيون لحق بها والجمهور لا يشكو.

- ورطة مصرية في أميركا
«لعبة نيوتن» لتامر محسن مبهر. كل توليفته الإخراجية مختلفة تماماً عن معظم ما هو معروض. لا يبدأ بزرع الأسماء المزينة بكلمة «النجم» فلان، كما لو أن الكلمة هي رفع شأن بحد ذاتها. ولا حتى بالاستعجال بحشر المقدمة والموسيقى معها لخمس دقائق، بل يلج مباشرة الوضع القائم.
هناك امرأة تحط في مطار لوس أنجليس (على الغالب). تسير صوب نقطة بوليس الهجرة. تتواصل مع رجل لا نعرفه. يطلب منها أن تتمالك أعصابها ولا تتوتر… كيف لن تظن أنها ليست إرهابية؟
لكنها بالفعل ليست إرهابية بل امرأة مصرية في بطنها جنين تريد أن تنجبه في الولايات المتحدة لكي ينال الجنسية الأميركية، غير مدركة أنها إذا تجاوزت المدة الممنوحة لها على الفيزا ستصبح مقيمة غير شرعية، ما يعني أن جنينها لن يحصل بالضرورة إلا على الأوراق الطبية في أحد المستشفيات.
منى زكي هي تلك المرأة، وهي سعيدة بأنها نفذت من أسئلة بوليس الحدود، وها هي تصعد الحافلة التي ستقلها، كونها واحدة من أعضاء وفد (لا نعلم عنه شيئاً) إلى الفندق، حيث يُقام المؤتمر الذي انتمت إليه تلك المرأة لكي تضع قدمها في الولايات المتحدة.
التوتر يسود المواقف كلها في الحلقتين الأولى والثانية. في نهاية الحلقة الأولى، تقرر ألا تركب الحافلة العائدة إلى المطار… تتركها تمضي من دونها. في الثانية، بعدما أدركت أن زوجها لن يستطيع السفر إلى الولايات المتحدة (هناك أحداث تدور معه في مصر حيث وقع ضحية احتيال)، عليها أن تكون في المطار لكنها تجد نفسها، وقد حط الليل عليها بلا مأوى. تجلس على الأرض بجانب حقائبها.
الكتابة هنا متميزة (ألّف العمل تامر محسن) عما سنحت لنا فرصة مشاهدته حتى الآن. الإخراج متقن في إطار المتوقع من المسلسل الرمضاني والتمثيل لا غبار عليه (من منى زكي وزوجها في المسلسل محمد ممدوح). كل ما يعيبه هو أن هناك بعض السذاجة لدى الزوجين. هي من حيث إنها قررت البقاء في مدينة قاسية وهو من حيث إنه ترك نفسه يقع ضحية حيلة سطا فيها أحدهم على ماله.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.