صواريخ ومسيّرة تعيد التوتر إلى كردستان ومحيطها

ثالث استهداف لمطار أربيل في شهرين... و«الحشد» يتوعد البيشمركة

طفلة أصيبت بأحد صواريخ بعشيقة ترقد إلى جوار أقاربها أمس (رويترز)
طفلة أصيبت بأحد صواريخ بعشيقة ترقد إلى جوار أقاربها أمس (رويترز)
TT

صواريخ ومسيّرة تعيد التوتر إلى كردستان ومحيطها

طفلة أصيبت بأحد صواريخ بعشيقة ترقد إلى جوار أقاربها أمس (رويترز)
طفلة أصيبت بأحد صواريخ بعشيقة ترقد إلى جوار أقاربها أمس (رويترز)

شهد إقليم كردستان العراق ومحيطه، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، سلسلة هجمات متبادلة تهدد بإحياء التوتر بين البيشمركة وفصائل شيعية في «الحشد الشعبي».
واستهدف هجوم بطائرة مسيّرة مطار أربيل، وتزامن معه إطلاق صواريخ على معسكر بعشيقة الذي يضم أتراكاً في الموصل، ما أدى إلى مقتل جندي تركي وجرح آخرين.
وأعلنت وزارة الداخلية في إقليم كردستان أن طائرة مسيّرة مفخخة استهدفت قاعدة لقوات التحالف داخل مطار أربيل الدولي، ليل الأربعاء - الخميس، للمرة الثالثة في غضون شهرين، فيما أعلنت وزارة الدفاع التركية أن ثلاثة صواريخ أخرى استهدفت قاعدة للقوات التركية في منطقة بعشيقة وتسببت بمقتل أحد الجنود الأتراك وجرح آخرين. وسقط أحد الصواريخ قرب قرية ليتسبب بجرح طفلة. وبعد ساعات من الهجوم، استهدف صاروخ مقراً لـ«الحشد الشعبي» على أطراف نينوى.
وأدان رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني الهجوم، معتبراً أنه «محاولة صريحة لتكدير أمن الإقليم واستهداف لتنسيقنا مع التحالف الدولي». وأكد أنه تواصل مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، مشيراً إلى أن «حكومة الإقليم ستجتمع وتتناقش بهذا الخصوص مع الشركاء في العراق والحلفاء الدوليين».
وأشار الناطق باسم التحالف الدولي واين مورتو في تصريحات صحافية إلى أن «التحقيقات الأولية أكدت أن الاستهداف تم بطائرة مسيرة، ولم يتسبب بأي خسائر بشرية»، فيما أعلن «البنتاغون» متابعته لاستهداف القاعدة في أربيل.
وقال بيان لوزارة داخلية الإقليم إن «طائرة مسيرة محملة بمادة (تي إن تي)، استهدفت قاعدة لقوات التحالف الدولي في مطار أربيل الدولي، مساء الأربعاء، ما تسبب بتضرر أحد المباني من دون وقوع أضرار بشرية». وأكد أن «ثلاثة صواريخ استهدفت في الوقت ذاته قاعدة للقوات التركية في منطقة بعشيقة، سقط أحدها على قرية كوداد التابع لناحية زيلكان وتسبب بإصابة طفلة بجروح». وأكدت وزارة الدفاع التركية أن «أحد الصواريخ سقط على القاعدة التركية، وتسبب بمقتل أحد الجنود الأتراك».
وتبنت ميليشيا شيعية غير معروفة اسمها «سرايا أولياء الدم» العملية في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، كرر زعماً إيرانياً سبق الهجوم، باستهداف «مركز معلوماتي تابع للموساد في أربيل». واعتبر أن «معادلة المواجهة مع العدو على الأرض تغيرت، وقدرات المقاومة لم تعد تحدها الحدود، وأصبح بالإمكان استهداف أي هدف قريب أو بعيد ظاهراً كان أو سرياً». ودعا إلى «الإكثار من العمليات في شمالنا الحبيب الذي أُرِيدَ له أن يكون خنجراً بخاصرة العراق، بعد أن تحول إلى حاضنة للأعداء والعملاء والإرهابيين».
وبعد ساعات من هجوم المطار، استهدف صاروخ مقر «اللواء 30» في «الحشد الشعبي» على أطراف نينوى، فجر أمس. وقال اللواء في بيان إن «إحدى نقاطنا الأمنية المتاخمة لجبل باصخرة تعرضت لاعتداء سافر وجبان بصاروخ موجّه من مواقع البيشمركة التي تستحوذ على الجبل»، ما أدى إلى جرح أحد عناصره.
واعتبر بيان اللواء أن «هذا الاعتداء أظهر الحقائق للجميع، وكشف تبجح هذه الجهات في كل مرة التي تكيل لنا التهم جزافاً، بهدف تقويض أمن المنطقة واختلاق الظروف لتمرير صفقاتها المشبوهة التي عجزت عنها... ليعلم هؤلاء بأننا لن يهنأ لنا بال حتى نسحق العنجهية بكبريائها قبل أن تتمادى في ديارنا».
وفي بغداد، أمر رئيس الوزراء بفتح تحقيق فوري في الاعتداء على مطار أربيل. وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في بيان إن «القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجه بفتح تحقيق فوري في الاعتداءات التي حدثت في أربيل ومناطق أخرى». وأضاف أن «الكاظمي أكد أن أمن العراق هو من مسؤولية الحكومة والقوات الأمنية بكل تشكيلاتها، وأن هذا النوع من الأعمال الإرهابية التي تجري في شهر رمضان المبارك، هدفها زعزعة الأمن».
وأوضح أنه «في الوقت الذي يسطر فيه أبناء العراق في قواتنا الأمنية أروع الصور في الدفاع عن هذا الوطن ومكافحة الإرهاب والجريمة بمختلف صورها، يحاول البعض خلق الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، وهو أمر مرفوض، وسيواجه بقوة القانون وتكاتف الشعب العراقي».
ودعا بارزاني إلى تعزيز التنسيق بين أربيل وبغداد لمواجهة تهديدات الإرهاب. وقال خلال لقائه سفير روسيا لدى العراق ماكسيم ماكسيموف إنه «من الضروري التوصل إلى حل جذري لجميع المشاكل على أساس الدستور، إضافة إلى أهمية تعزيز التنسيق بين الجانبين بهدف التصدي للتهديدات الإرهابية».
وأدان الرئيس العراقي برهم صالح هجات أربيل وبعشيقة. وقال إن «تكرار استهداف منشآت في أربيل، وقبلها في بغداد ومناطق أخرى، جرائم إرهابية مُدانة، تستهدف أمن المواطن وتُعيق المساعي الوطنية القائمة لحماية استقرار البلد وسيادته». وأضاف أن ذلك «يستوجب توحيد الصف لدعم الأجهزة الأمنية في فرض القانون وحماية المواطنين ومكافحة الإرهابيين الخارجين على القانون».
وأعلنت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت عن إدانتها للهجوم الذي تعرضت له أربيل. وقالت في بيان إن «هذه الهجمات إنما هي محاولة لتأجيج التوترات وتهديد استقرار العراق». وأضافت: «ندين أعمال العنف هذه ونحث الحكومتين الفيدرالية وفي كردستان على التحرك بسرعة، وبتوحيد لمنع المزيد من التصعيد».
وأدان السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيكي في بيان «بشدة الهجمات ضد أربيل وبعشيقة»، معتبراً أنها «تبث الرعب وتؤذي العراقيين، ولن يكون العراق مستقراً ومزدهراً ما دامت الجماعات المسلحة تعمل خارج سيطرة الدولة». وتعهد دعم بلاده قوات الأمن في العراق وفي إقليم كردستان «في جهودها لمنع مثل هذه الهجمات ومحاسبة الجناة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».