الدبيبة وبوتين يبحثان آليات دفع العملية السياسية في ليبيا

اتفاق على تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية

عبد الحميد الدبيبة مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في موسكو أمس (أ.ف.ب)
عبد الحميد الدبيبة مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

الدبيبة وبوتين يبحثان آليات دفع العملية السياسية في ليبيا

عبد الحميد الدبيبة مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في موسكو أمس (أ.ف.ب)
عبد الحميد الدبيبة مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في موسكو أمس (أ.ف.ب)

حظيت الزيارة الأولى إلى موسكو لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، باهتمام واسع لدى الجانب الروسي، تجلى في ترتيب جدول أعمال مكثف، اشتمل على محادثات مع الرئيس فلاديمير بوتين، ومع رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، فضلاً عن جولة مباحثات جرت خلف أبواب مغلقة مع سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، تطرق خلالها الطرفان إلى آليات تعزيز التعاون في المسائل الأمنية، قبل أن ينهي الوفد الليبي جدول الأعمال بجولة موسعة من المحادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
واستهل الدبيبة زيارته بتلقي مكالمة هاتفية من الرئيس الروسي في مقر إقامته. وكان من المقرر سابقاً أن يتم تنظيم لقاء مباشر مع بوتين، لكن تفشي وباء كورونا، والإعلان عن تلقي بوتين الجرعة الثانية من اللقاح الروسي، أول من أمس، دفعا إلى الاكتفاء بترتيب المكالمة الهاتفية بينهما.
وأفاد بيان أصدره الكرملين إلى أن المباحثات تطرقت إلى «دراسة تفصيلية لمشكلات التسوية السياسية في ليبيا»، مبرزاً أن بوتين أكد ترحيب بلاده بـ«تشكيل سلطات مركزية للفترة الانتقالية»، وأكد «استعداد روسيا لمواصلة تعزيز العملية السياسية الليبية من أجل تحقيق استقرار طويل الأمد في ليبيا، وتعزيز سيادتها ووحدتها، وضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والبدء في وضع اتجاهات واعدة لتنمية العلاقات الثنائية في مختلف المجالات».
وأعرب الدبيبة خلال المكالمة مع بوتين عن امتنانه لتسليم شحنة من اللقاح الروسي ضد «كورونا»، مؤكداً على أهمية استمرار التعاون مع موسكو في هذا المجال.
وعقد الدبيبة بعد ذلك جولة محادثات تفصيلية مع رئيس الوزراء الروسي، تطرق خلالها الجانبان إلى «المسائل الخاصة بالتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، بما في ذلك آفاق التعاون في مجالات الطاقة والنقل والزراعة»، وفقاً لإيجاز صحافي صدر عن رئاسة الوزراء. وفي وقت لاحق أمس، التقى سكرتير مجلس الأمن الروسي. وأفاد المكتب الصحافي للمجلس بأن المحادثات «تركزت على عدد من قضايا التعاون الروسي - الليبي في المجال الأمني، مع التأكيد على أهمية تطوير الحوار بين الأجهزة الأمنية الخاصة وأجهزة إنفاذ القانون، وإيلاء اهتمام أكبر بمكافحة الجماعات الإرهابية، ومنع تعزيز وجودها على الأراضي الليبية». ومع الاهتمام بالجانب الأمني وآفاق التعاون المشترك فيه، بدا أن ملف التعاون العسكري كان حاضراً بقوة خلال لقاء الدبيبة والوفد المرافق له، مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وقالت مصادر إن الطرفين بحثا آليات تعزيز التعاون العسكري، واستئناف العمل باتفاقات سابقة كانت موقعة بين البلدين، قبل اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا.
واختتم الوفد الليبي، الذي ضم بالإضافة إلى الدبيبة، كلاً من وزيرة الخارجية والتعاون الدولي، نجلاء المنقوش، ووزير النفط والغاز محمد عون، ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي الفريق محمد الحداد، جولات الحوار في موسكو بلقاء مع وزير الخارجية الروسي، تمت خلاله مناقشة آليات دفع العملية السياسية في ليبيا على ضوء الاتفاقات التي تم التوصل إليها، وفي إطار التحضير للاستحقاق الانتخابي في البلاد نهاية العام الحالي. ولفتت مصادر روسية إلى أن موسكو أكدت خلال كل اللقاءات التي أجراها الدبيبة في العاصمة الروسية استعدادها لـ«مواصلة لعب دور نشط بهدف تعزيز مسار التسوية السياسية، وضمان انتقال البلاد إلى مرحلة جديدة من الاستقرار، تقوم على التوافق الوطني، وضمان مصالح كل مكونات الشعب الليبي وقواه الأساسية».
وقال الدبيبة، في أعقاب المحادثات مع لافروف، إن نحو 80 في المائة من مؤسسات الدولة الليبية «تم توحيدها»، وبقيت المؤسسة العسكرية فقط. مشدداً على أن «أي دولة لا توجد بها مؤسسة عسكرية موحدة لن تقوم لها قائمة»، ودعا «جميع أطراف المؤسسة العسكرية إلى الالتقاء تحت مظلة الحكومة».
وأضاف الدبيبة أن حكومته «تطلب المساعدة من روسيا في كل شيء»، داعياً «جميع الشركات الروسية العاملة في مجال الغاز للعودة إلى ليبيا». كما أكد الدبيبة رغبة حكومته في «تفعيل وتجديد العقود الموقعة مع روسيا قبل 2011».
ومن جهته، قال لافروف إن القيادة الروسية مستعدة لتقديم الحلول لإحداث انفراجات في الأزمات القائمة في ليبيا، معرباً عن أمله في أن «المباحثات التي جرت اليوم (أمس) ستمكن الطرفين من تبادل المعلومات حول تنفيذ المقررات الدولية بشأن ليبيا».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».