صحن «الفتوش» المتواضع يُظهر تكلفة الأزمة اللبنانية في رمضان

بعد مرور عام على الانهيار الاقتصادي في لبنان تلتزم حلا شيخ بقائمة طعام متواضعة وهي تحضر وجبة إفطار شهر رمضان لأسرتها. فحتى صحن الفتوش المتواضع، وهو صحن مقبلات شهيرة تُحضَّر للعشاء، تضاعفت تكلفته ثلاث مرات منذ العام الماضي، الأمر الذي يجعل ملايين اللبنانيين يكافحون من أجل توفير قوت يومهم في شهر الصوم الذي عادةً ما يكون مناسبة للاحتفال، حسب تقرير لـ«رويترز».
وقالت حلا شيخ، ربة منزل، وهي تحضر وجبة الإفطار لأسرتها: «إنه الفتوش، تريد أن تعمل حسابك (الآن) بالوضع الاقتصادي السيئ، هذه الخسة ثمنها ثلاث آلاف ليرة (1.96 دولار)، يعني تصور أنت، لم تشترِ بعد الطماطم، وأنت بتعرف أن الفتوش غنيّ بكل الخضرة، والآن الواحد بيعمل حساب لتكلفته». وأضافت: «في أول يوم لرمضان أردنا إنه لم نعمل أشياء بلا طعم. فقط نعمل الأشياء الرئيسية والضرورية من فتوش للسوب (الحساء) للطبق الرئيسي، والآن سوف نعمل سُفر مثل قبل بسنة أو قبل بسنتين».
وتمثل الأسعار مصدر قلق دائم لحلا شيخ، اختصاصية التغذية السابقة التي انتقلت من الولايات المتحدة مع أسرتها. وأوضحت حلا شيخ، 50 عاماً، أنها لا تتذكر أنه مر عليها عام كهذا من قبل رغم كل ما مروا به من أزمات قائلة: «مر علينا كثير من الحروب، لكن هذا أسوأ رمضان بصراحة يمر علينا». فقد تراجعت الليرة اللبنانية بنسبة 85% وقفزت بسبب ذلك تكلفة كل شيء تقريباً بشكل ضخم.
وقال البروفسور ناصر ياسين، رئيس مرصد الأزمة بالجامعة الأميركية في بيروت، إن تكلفة تحضير وجبة إفطار رمضان لأسرة تتألف من خمسة أشخاص تتكلف نحو 1.5 مليون ليرة (981.68 دولار) طوال شهر الصوم، وهذا يعادل أكثر من مثلي الحد الأدنى الشهري للأجور.
وقال ناصر ياسين: «أسرة من خمسة أشخاص تتطلب مليون ونص ليرة (981.68 دولار) شهرياً، هذا يعني مرتين، يعني 200% من الحد الأدنى للأجور. لما تتحدث بهذه الأرقام تعرف قدر كيف الصورة فعلاً صعبة عند الصائمين في هذا الشهر، وبتعرف قدر كيف قد تكون صعوبة خاصة للأسر الفقيرة التي هي تقريباً صارت نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، سوف يكون عندهم تكاليف رمضان كثير صعبة عليهم في تأمين قوتهم اليومي أو مائدتهم اليومية».
وأضاف لـ«رويترز»: «كلفة صحن واحد لأسرة من خمسة أشخاص، اللي هو كل يوم يريده أعلى الطاولة، سوف تكون مرتفعة بنسبة 210%، يعني هذا إفطار رمضان لأسرة من خمسة أشخاص، تحتوي على الفتوش والشوربة وصحن أساسي لنقول إنه دجاج وأرز أو غيره، تقديراتنا ممكن توصل ما بين الخمسين والستين ألف ليرة (32.72 إلى 39.27 دولار) لكل يوم».
وقد يقلل مؤشر الفتوش للبروفسور ياسين من تقدير حجم المشكلة، حيث تظهر بيانات أسعار المستهلكين الرسمية أن تكلفة المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية قفزت بنسبة 417% في العام حتى شهر فبراير (شباط).
والتضخم الجامح جزء من انهيار اقتصادي أوسع نطاقاً على مدى العامين الماضيين تسبب في انتشار الجوع والاضطرابات في أخطر أزمة تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى1990.
فبعد عقود فشل قادة لبنان في كسر الجمود السياسي وتشكيل حكومة جديدة لمعالجة الأزمة التي تفاقمت مع تأثير جائحة فيروس «كورونا» والانفجار المروع في ميناء بيروت في أغسطس (آب). وقال العبد، وهو بائع في سوق ببيروت: «كل سنة تأتي بأسوأ من التي قبلها».