السعودية تلزم شركات سوق الأسهم بالإعلان عن أي تطورات قبيل التداولات بـ120 دقيقة

التأخير يعرض الشركات المدرجة للمساءلة القانونية

السعودية تلزم شركات سوق الأسهم بالإعلان عن أي تطورات قبيل التداولات بـ120 دقيقة
TT

السعودية تلزم شركات سوق الأسهم بالإعلان عن أي تطورات قبيل التداولات بـ120 دقيقة

السعودية تلزم شركات سوق الأسهم بالإعلان عن أي تطورات قبيل التداولات بـ120 دقيقة

ألزمت هيئة السوق المالية السعودية، الشركات المدرجة في تعاملات سوق الأسهم المحلية، بضرورة الإعلان عن أي مستجدات وتفاصيل وقرارات يتوصل إليها قبيل افتتاح تعاملات السوق بساعتين على أقل تقدير، بهدف رفع معدلات الشفافية والإفصاح مع مستثمري الشركات المدرجة، ومنحهم الفرصة كاملة للاطلاع على هذه القرارات.
وتأتي هذه التحركات في وقت نجح فيه مؤشر سوق الأسهم السعودية، أمس الثلاثاء، في الإغلاق في المنطقة الخضراء بعد أن حقق 3 نقاط فقط من الارتفاع، يأتي ذلك بعد أن مرت تعاملات السوق بعمليات جني أرباح ملحوظة بعد مرور منتصف الجلسة، بعد أن نجح المؤشر العام في بداية التعاملات في اختراق مستوى الـ9500 نقطة لأول مرة في 3 أشهر، إذ وصل إلى أعلى مستوى له عند 9544 نقطة، بينما أنهى تعاملاته عند مستويات 9442 نقطة.
وتسعى هيئة السوق المالية السعودية خلال المرحلة الراهنة إلى تهيئة السوق المحلية في البلاد لاستقبال استثمارات المؤسسات المالية الأجنبية، إذ من المزمع أن تعلن الهيئة عن فتح السوق أمام المؤسسات الأجنبية بشكل مباشر قبيل نهاية منتصف العام الحالي.
وفي هذا السياق أكدت هيئة السوق المالية السعودية في بيان صحافي يوم أمس أنها تولي أهمية قصوى لملف إفصاح الشركات المدرجة في السوق المالية، يأتي ذلك لكون الشفافية عنصرا أساسيا في إيجاد بيئة آمنة وجذابة للمستثمرين، بينما أكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن تأخير الإعلان عن أي تطور سيعرض الشركة المعنية للمساءلة القانونية.
كما أوضحت هيئة السوق في بيانها الصحافي أمس أنها تعمل على رفع مستوى الإفصاح والشفافية في السوق المالية السعودية وتحقيق العدالة بين المستثمرين من خلال التأكد من التزام الشركات المدرجة بالإفصاح عن التطورات المهمة والأحداث الجوهرية والتقارير المالية بشكل دقيق وفي الوقت المناسب من دون تأخير، بما يتيح للمستثمرين اتخاذ قراراتهم الاستثمارية وفق معلومات دقيقة وموثوقة من الشركة.
وقالت هيئة السوق: «هذه الخطوات تأتي من باب الحرص على تحقيق العدالة، والكفاءة والشفافية في معاملات الأوراق المالية، ولأهمية توفير المعلومة للمستثمرين في السوق المالية كافة بشكل عادل ومتساوٍ»، مشيرة إلى أنها خصصت في قواعد التسجيل والإدراج بابًا كاملاً للالتزامات المستمرة للشركات المدرجة بالسوق المالية.
ولفتت الهيئة النظر إلى أن المادة 41 من قواعد التسجيل والإدراج قضت بأنه يجب على المصدر (الشركة المصدرة للأوراق المالية) أن يبلغ الهيئة والجمهور دون تأخير بأي تطورات جوهرية تندرج في إطار نشاطه ولا تكون معرفتها متاحة لعامة الناس، وهي التطورات التي قد تؤثر في أصول الشركة وخصومها أو في وضعها المالي أو على المسار العام لأعمالها أو الشركات التابعة لها، مشددة على أنه يجب الإفصاح عن الحدث، إذا توقع أن يؤدي إلى تغير في سعر الأوراق المالية المدرجة، أو في حال ما إذا كانت لدى المصدر أدوات دين مدرجة، وما إذا كانت تؤثر تأثيرا ملحوظا في قدرة المصدر على الوفاء بالتزاماته المتعلقة بأدوات الدين.
وأفادت هيئة السوق المالية السعودية بأن المادة 41 من «قواعد التسجيل والإدراج» تحدد الحالات المهمة التي يجب على الشركة المدرجة الإفصاح عنها، وذلك بإبلاغ الهيئة وإعلانها على موقع السوق المالية، ومن بينها أي صفقة لشراء أصل أو بيعه بسعر يساوي أو يزيد على 10 في المائة من صافي أصول المصدر، وقالت: «يجب أن يشمل إفصاح المصدر في هذه الحالة المعلومات الآتية: تفاصيل الصفقة مع ذكر شروطها وأطرافها وطريقة تمويلها، وصف النشاط موضوع الصفقة، البيانات المالية للسنوات الـ3 الأخيرة للأصل محل الصفقة، أسباب الصفقة وآثارها المتوقعة في المصدر وعملياته، بيان استخدام المتحصلات».
كما نصت المادة المذكورة على ضرورة الإفصاح عن أي مديونية خارج إطار النشاط العادي للمصدر بمبلغ يساوي أو يزيد على 10 في المائة من صافي أصول المصدر، وأي خسائر تساوي أو تزيد على 10 في المائة من صافي أصول المصدر، وأي تغيير كبير في بيئة إنتاج المصدر أو تجارته يشمل - على سبيل المثال لا الحصر - وفرة المواد وإمكانية الحصول عليها، إضافة إلى تغيير الرئيس التنفيذي للمصدر أو أي تغييرات في تشكيل أعضاء مجلس إدارة المصدر، وأي دعوى قضائية كبيرة إذا كان المبلغ موضوع الدعوى يساوي أو يزيد على 5 في المائة من صافي أصول المصدر.
وألزمت هيئة السوق المالية السعودية، الشركة المدرجة بالإبلاغ والإعلان قبل ساعتين - على الأقل - من أول فترة تداول في السوق تلي وقوع التطورات، وذلك بحسب ما نصت عليه قواعد التسجيل والإدراج، مؤكدة ضرورة وضع سياسات وإجراءات بشأن الإفصاح عن التطورات المهمة بما يكفل وفاء الشركة بالتزاماتها في هذا المجال. وتشمل هذه السياسات وضع إجراءات للإعلان عن المعلومات المالية، بما يضمن اتساق الإعلان مع هذه التعليمات، مع استمرار متابعة موظفي الشركة مع الموظفين المختصين في السوق المالية السعودية «تداول»، حتى يجري قبول صيغة الإعلان ونشره.
كما يجب أن تتضمن السياسات والإجراءات المشار إليها أسماء الأشخاص المسؤولين عن النشر في حالة الأحداث الطارئة، وتحديد درجة صلاحياتهم في مجال النشر، وأسماء أشخاص آخرين في حال عدم وجود الشخص المعني أثناء وقوع الحدث.
وأفادت هيئة السوق المالية السعودية في بيانها، أمس، بأنه يجب على الشركة المدرجة أن تدرك أن التطورات الجوهرية قد تحدث أثناء إعداد القوائم المالية الدورية، مبينة أنه في هذه الحالة يجب أن تعلن الشركة ذلك فورا ولا تنتظر حتى صدور قوائمها المالية حتى لو حدث ذلك قبل نشر النتائج المالية بوقت قصير.
وتعليقا على هذه المستجدات، أكد الدكتور غانم السليم الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس أن رفع معدلات الشفافية والإفصاح في السوق المالية السعودية يرفع من مستويات جاذبية السوق المحلية، وقال: «هنالك تحركات جادة في هذا الملف، ومن المتوقع أن يكون لهذه التحركات أثر إيجابي على تعاملات السوق خلال المرحلة المقبلة».
وتأتي هذه التطورات في وقت اتخذت فيه السعودية خطوة أخرى، من شأنها الحد من عمليات تقديم بيانات مالية مضللة، أو القيام باحتيالات محاسبية من أجل إظهار أرقام مالية غير حقيقية، إذ اقتربت البلاد من إقرار مجموعة من الأحكام الجزائية المتعلقة بالجرائم الجنائية التي قد تمارسها الشركات المدرجة في سوق الأسهم المحلية.
وفي هذا الصدد، عقدت اللجنة المالية بمجلس الشورى برئاسة الدكتور حسام بن عبد المحسن العنقري، عضو المجلس رئيس اللجنة، في مقر المجلس - أخيرا - اجتماعا لمناقشة مقترح الأحكام الجزائية للجرائم الجنائية المتعلقة بالشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، بحضور مندوبين من وزارة الداخلية، ووزارة العدل، وهيئة التحقيق والادعاء العام، وهيئة السوق المالية، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وأوضح الدكتور حسام العنقري حينها أن مقترح الأحكام الجزائية للجرائم الجنائية المتعلقة بالشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية التي تشرف عليها هيئة السوق المالية يتعلق بجرائم التزوير في المستندات أو التزييف فيها أو تقديم بيانات مالية كاذبة أو مضللة، أو الإدلاء بأقوال كاذبة أو مضللة عنها، أو القيام بإتلاف وثائق من شأنه إخفاء حقائق عن تلك الشركات، أو القيام باحتيالات محاسبية من أجل إظهار أرقام مالية لتلك الشركات مغايرة للحقيقة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».