غسان شربل يكشف الأسرار في «زيارات لجروح العراق»

أحاديث مع ثماني شخصيات محورية صنعت تاريخ البلد الحديث

غلاف الكتب
غلاف الكتب
TT

غسان شربل يكشف الأسرار في «زيارات لجروح العراق»

غلاف الكتب
غلاف الكتب

أتاحت المتابعة الصحافية الحثيثة للزميل غسان شربل، العيش على مفاصل التحولات الكبرى، ومعرفة دقائق ما يدور في بلاد الرافدين. بعد كتابه «صدّام مرّ من هنا» الذي تضمّن مقابلات مع لاعبين أساسيين في العراق، رأى أن المهمة لم تكتمل، فذهب إلى مزيد من المقابلات الشيقة التي تضمنها كتابه الجديد «زيارات لجروح العراق» الصادر عن «دار رياض الريس للكتب والنشر» في بيروت. هذه الزيارات التي سترشح بفيض من المعلومات، بقيت لفترة طويلة طي الكتمان، هي زبدة هذا الكتاب. فبعض التفاصيل الواردة في المقابلات يفصح عنها أصحابها للمرة الأولى، إما لأن زمناً كافياً، قد مرّ وبات يسمح بذلك، أو لأنهم بكل بساطة لم يسألوا عنها من قبل، على أهميتها.
ثماني شخصيات كان لها دورها التاريخي البارز، تتحدث عن مراحل متفجّرة وعنيفة، لم تصنع تاريخ العراق وحده، بل استجرت تهاوي أحجار دومينو المنطقة الهشة، وانقلاب الأحوال في كل الجوار. جلال طالباني، هوشيار زيباري، نوري المالكي، حيدر العبادي، حامد الجبوري، عبد الغني الراوي، إبراهيم الداود، وعزيز محمد. جميعهم يفصحون عن مكنونات رسمت خط الزمن منذ ما قبل سقوط صدام حسين، إلى لحظة إجراء اللقاء.
البعض أميل إلى المصارحة مثل الراحل جلال طالباني الذي تولى رئاسة العراق، وله في الكتاب مقابلتان دون غيره من الشخصيات، واحدة بعنوان «اللاعب الكردي العراقي العربي»، والثانية «سنوات القصر». وهو يكشف عن الخطأ العراقي الفادح بعد معركة التحرير، بما يقارب الشهرين، حين طلب كل من الحاكم المؤقت للعراق غاي غارنر وخليل زاد، في اجتماع خاص، من معارضين عراقيين تشكيل حكومة مؤقتة، ولم يتجاوبوا. قال غارنر في اجتماع ضمّ طالباني، ومسعود البارزاني، وأحمد الجلبي، وإياد علوي، وعادل عبد المهدي من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وغيرهم: «أيها العراقيون شكلوا حكومة مؤقتة لتديروا البلد، وأنتم المعارضة التي تعاملنا معها، تفضّلوا قوموا بتشكيل الحكومة من جانبكم». لكن هذه الفرصة التاريخية طارت، مرّ شهر ولم يحدث شيء، مما دفع الأميركيين لسلوك طريق آخر. يقول طالباني: «أعتقد أن الفشل من جانب المعارضة في تشكيل هذه الحكومة المؤقتة، من أهم أسباب ما حصل لاحقاً في العراق». إذ تبدّل غارنر وأتى بريمر الذي سينصّب نفسه و«كأنه نائب الملك في الهند».
الفرص الضائعة التي يتحدث عنها الكتاب عديدة، ارتباك المعارضة المستمر في اختيار الأشخاص، البطء في اتخاذ المبادرة، الفشل في التقاط الفرص، كلها من بين الأسباب الكثيرة والمتشابكة، التي أدت إلى ما نعرف من مآسٍ.
الحوارات تكشف أيضاً كواليس مرحلة صدّام حسين، أحد شهود هذه المرحلة وزير خارجيته الذي انشق عنه حامد الجبوري، يوضح في مقابلته في الكتاب أن صدّام كان يكره الخميني كرهاً شديداً. لكن خوفه الأكبر «أن يكون لدى شيعة العراق هوى إيراني». ويضيف الجبوري: «ربما كان ذلك من أسباب الحرب العراقية - الإيرانية. السبب الرئيسي في اعتقادي هو طموحه أن يكون سيد الخليج». حين شعر صدّام أن أوروبا وأميركا يريدان احتواء الثورة الإسلامية. «لعله اعتبر أن تصديه لإيران الخميني، سيضع الأساس ليصبح رجل أميركا في المنطقة. طبعاً لعب أحد الزعماء العرب دوراً في دفع صدّام في هذا الاتجاه، ووعده بالحصول على دعم غربي». دون أن نعرف اسم هذا الزعيم. وفي الحوار نفسه يقول الجبوري إن العلاقة بين الملك حسين وصدّام كانت قوية جداً. «وأعتقد أن الملك حسين لعب دوراً مهماً في تشجيع العراق على خوض المواجهة مع إيران». ما لا نعرفه، ويذكره الجبوري في الكتاب «أن أول قذيفة من مدفع دبابة أطلقت في الحرب العراقية - الإيرانية أطلقها الملك حسين». وفي الرواية: «كان ذلك في 22 سبتمبر (أيلول) 1980، صعد صدام والملك حسين إلى دبابة قرب خطوط النار. العاهل الأردني صاحب خبرة. بارك الحرب بإطلاق أول قذيفة». أما هوشيار زيباري وزير الخارجية الأبرز، في مرحلة ما بعد صدّام فيعود في الحوار إلى ما عايشه قبل صدّام، وكيف عاد العراق إلى العالم العربي، بعد الغزو الأميركي، وكذلك تجربته كقيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني».
يعرف غسان شربل كيف يريح متحدثه، ويسحب الاعترافات من أفواه من يحاورهم، لذلك يصعب أن تقرأ حواراً في هذا الكتاب دون أن تقع فيه على أسرار ما كنت تعرفها. لعل أشد المتحدثين تحفظاً هو رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي. لكنه رغم ذلك يعترف أنه وتحت إلحاح البعض وقف أمام جثة صدّام بعد إعدامه، وهو الذي لم يلتقيه حياً أبداً، ليقول له معاتباً: «ماذا ينفع إعدامك، هل يعيد لنا الشهداء والبلد الذي دمرته؟».
من شيق ما نقرأه، ما يحكيه نائب رئيس الوزراء العراقي السابق اللواء عبد الغني الراوي حيث يعترف بتعاونه مع جهاز «السافاك» الإيراني، وبمعرفة الشاه رضا بهلوي، للإطاحة بحزب البعث في بداية السبعينات، لكن صدّام اكتشف الأمر، وقام بجملة إعدامات.
وكي لا نفسد على القارئ متعة اكتشاف ما تقوله هذه الشخصيات العراقية المحورية، في أحاديثها السلسة، والمنسابة، التي تتناسل أسئلتها، نكتفي بالقول إن ما يسميه غسان شربل أحاديث صحافية ولا تدّعي أن تكون أكثر من ذلك، هي راهنة أحياناً، لكنها في الغالب، تكشف عن خلفيات وتحاول أن تشكّل بمجملها صورة عن العراق في زمن أحمد حسن البكر ومن ثم صدّام وما بعده، من عدة وجهات نظر. وكون هذه الشخصيات لها انتماءات مختلفة، وحساسيات متباينة، فهي مجتمعة تعطي صورة شبه متكاملة عن المشهد العام. وهذه أحد أهداف الكتاب.
في مقدمته التي يحاول فيها إلقاء الضوء بإيجاز على الألم العراقي الحديث، يعتبر شربل «أن الصحف حارسة الذاكرة»، وبالتالي تأتي هذه الحوارات بمثابة كتابة أخرى لتاريخ، لا يزال حياً. فقد تركت الأحاديث على ما هي عليه دون تشذيب أو تعديل كي تسعف المؤرخ المستقبلي في «تمحيص هذه الشهادات، لإعادة صوغ الرواية العراقية». وهي ذات أهمية لأنها تجمع الشهادات عن السن أصحاب التجربة والقرار، قبل أن يتواروا وتذهب حكاياتهم معهم. أما الغرض الثالث كما يقول صاحب الكتاب فهو «وضع هذه الحصيلة في تصرف زملاء انخرطوا حديثاً في متابعة الموضوع العراقي، ولم يعايشوا المخاضات المتلاحقة التي قادت إلى الوضع الراهن». أما الغرض الرابع الذي لم يذكره الكاتب، فهو أن هذه الأحاديث المنبسطة بلغة شيقة وسلسلة، تتيح لمن يجد المشهد العراقي ضبابياً، لكثرة أحداثه وكثافة تفاصيله، أن يعيد ترتيب الصورة في ذهنه، وربما يفهم القارئ تعقيدات العراق من خلال هذه الروايات المختلفة، التي تؤمّن حداً من الموضوعية، نفتقده في الكتب التي تتبنى وجهة نظر واحدة، وهي باتت مشكلة عسيرة لمن يسعى إلى مقاربة الحقيقة.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.