خيارات الغربيين بعد تفجير نطنز وتخصيب الـ60 %

لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة نطنز السبت الماضي
لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة نطنز السبت الماضي
TT

خيارات الغربيين بعد تفجير نطنز وتخصيب الـ60 %

لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة نطنز السبت الماضي
لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة نطنز السبت الماضي

ولج مسار فيينا، عقب التفجير الذي لحق بمنشأة نطنز يوم الأحد الماضي، ورد إيران من خلال الاسنتقال إلى تخصيب اليورانيوم 3 أضعاف ما كانت تقوم به منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، منعطفاً جديداً ستكون له بالتأكيد تبعات بالغة الأهمية من شأنها تحديد مسار المسألة النووية بكاملها. ومن سيناريوهاتها المحتملة أن تفتح الباب على المجهول، بحيث تخرج المسار المذكور عن السكة التي كان من المفترض أن يسير عليها، وأن تفضي في نهاية المطاف إلى حلول «وسطية» يعمل على بلورتها الثلاثي الأوروبي، بحيث تتراجع طهران عن انتهاكاتها النووية، مقابل رفع واشنطن التدريجي للعقوبات المفروضة عليها، وأن يتم التوصل إلى صيغة تمكن لاحقاً من تناول مواضيع رديفة، مثل أنشطة إيران الباليستية والإقليمية.
وثمة إجماع في الأوساط الأوروبية على أن المستهدف من تفجير نطنز كانت قدرات منشأة التخصيب لغرض عرقلة البرنامج الإيراني، ولكن أيضاً نسف مسار فيينا، وإحراج الطرفين الرئيسيين المعنيين؛ أي إيران وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إضافة إلى توفير «ذرائع» للمتشددين من الجانبين للتصويب على المفاوضات غير المباشرة القائمة بينهما.
وثمة ما يطرح أكثر من تساؤل، يتناول أولها التوقيت الذي اختارته إسرائيل لتنفيذ العملية، إذ يرى خبراء غربيون أنه تم التحضير لها منذ فترة غير قصيرة. فالتفجير حصل بينما كان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في إسرائيل لجولة محادثات، فيما وفد إسرائيلي أمني - عسكري كان يتحضر للتوجه إلى واشنطن. وفي حال لم تكن الأخيرة «على علم» بالعملية، فهل يعني ذلك أن إسرائيل مستعدة وقادرة على مواجهة إدارة الرئيس بايدن، ومعاكسة توجهاته في الملف النووي؟ وهل يعني ذلك أنها جاهزة لعمليات أخرى لعرقلة عودة واشنطن إلى اتفاق 2015، ودفعها لتنبي سياسة متشددة إزاء طهران شبيهة بتلك التي سلكها الرئيس السابق ترمب منذ ربيع عام 2018، أو ربما اقتناص فرصة ما لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية مباشرة، وهو سيناريو أشار إليه رئيس الأركان الإسرائيلي أكثر من مرة؟
على المقلب الآخر، يثير إعلان طهران عن الانتقال إلى التخصيب بنسبة 60 في المائة، بعد قرارها السبت الماضي نشر طاردات مركزية أقوى بخمسين مرة من الطاردات الأولى، مخاوف كبيرة، أهمها أمران: الأول ظهور أن إمكانيات طهران النووية لو صدقت تهديداتها تمكنها من الوصول إلى نسبة 90 في المائة متى تشاء، وبالتالي قدرتها على «عسكرة» برنامجها النووي التي ادعت حتى اليوم أنه «سلمي»؛ والثاني أن الفترة الزمنية الفاصلة بينها وبين إنتاج القنبلة النووية قد تقلصت. والتقديرات المتوافرة تفيد بأنها بحاجة إلى فترة تتراوح بين 9 أشهر وعامين. والحال أن الطاردات الجديدة الأقوى والأسرع في تنقية اليورانيوم ستمكنها من «اختصار» الوقت، ومراكمة الكميات الضرورية، وبالتالي فإن التهديد برؤية إيران نووية لم يعد بعيداً. لذا وصف الأوروبيون الثلاثة الخطوة الإيرانية بـ«الخطرة لغاية»، وعدها البيت الأبيض «استفزازية»، خصوصاً أن الاتفاق النووي أتاح لإيران إمكانية التخصيب بنسبة 3.67 في المائة. وفي نهاية المطاف، لم يبقَ منه إلا الشيء القليل، وأهمه استمرار وجود المفتشين الدوليين، وإن تقلصت أنشطتهم. ولم يعد من المستبعد أن تعمد إيران في خطوة تصعيدية لاحقة إلى طلب رحيلهم.
كيف سيكون الرد على خطوتي طهران الأخيرتين؟ يريد الأوروبيون الثلاثة (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) رداً موحداً، وهم يعون أن الطرف الإيراني يريد العودة إلى فيينا متسلحاً بأوراق ضغط إضافية للتأكيد على ثنائية المعادلة التي يعرضها على الأميركيين: إما التراجع عن العقوبات وفق الفهم الإيراني أو «التفرج» على تنامي القدرات النووية الإيرانية. وتبدو طهران متسلحة بقناعة مفادها أن الرئيس بايدن الذي يريد سحب قواته من أفغانستان بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل يستبعد تماماً الخيار العسكري، ما يوفر لها هامشاً أكبر للمناورة. كذلك تبدو طهران «متنشطة» بفضل اتفاق التعاون الاستراتيجي مع الصين الذي أبرمته مؤخراً، ومتمتعة بما يشبه «المظلة» الروسية بعد تبني الوزير لافروف الشروط الإيرانية في موضوع العقوبات.
وترى مصادر أوروبية أن هناك تمسكاً باستمرار مسار فيينا، وهو ما أعلنته واشنطن صراحة استناداً إلى قناعة فحواها أن «السيطرة» على النووي الإيراني يمر بالعودة إلى الاتفاق. وبالطبع، لا يريد الأوروبيون «المزايدة» على الطرف الأميركي، ولن يقدموا على خطوة تعيق مخططاته. وكان لافتاً في البيان الأوروبي الثلاثي، أمس، تحميل إسرائيل -من دون تسميتها- جانباً من المسؤولية، حيث جاء أنهم «يرفضون أي إجراء من شأنه التسبب في التصعيد من أي جهة أتى». ومن هنا، فإن المتوقع أن يسعى الغربيون الأربعة «مع الولايات المتحدة» إلى بلورة موقف موحد ضاغط على طهران، بحيث يشكلون جبهة واحدة تمنع الطرف الإيراني لاحقاً من اللعب على حبل الانقسامات بينهم.
وترجح أوساط أوروبية أن يكون أحد «المخارج» المتداولة «تجميد» طهران قرار التخصيب بنسبة 60 في المائة، كما فعلت بالنسبة لإنتاج معدن اليورانيوم، ما سيتيح العودة إلى طاولة المفاوضات، وكسب بعض الوقت لمتابعة ما بدأ العمل بشأنه الأسبوع الماضي الذي عدته كل الأطراف «بناء». وقناعة الأوروبيين أن إيران تحتاج لاتفاق بقدر حاجة واشنطن له، وبالتالي سيعود الطرفان للعمل معاً، إلا إذا حصل «تدخل» خارجي يعيد خلط الأوراق ويدفع المسار بعيداً.



إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا ينظر إليها على أنها عملية جديدة لحل المشكلة الكردية، ثار الجدل حول إمكانية تخلي مقاتلي الحزب عن أسلحتهم.

ووجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رسالة صارمة بشأن حلّ حزب «العمال الكردستاني» نفسه، قائلاً إن «الإرهابيين الانفصاليين باتوا أمام خيارين لا ثالث لهما... القتلة الانفصاليون إما أن يدفنوا أسلحتهم في أقرب وقت ممكن، وإما سيدفنون تحت الأرض بأسلحتهم. لا يوجد خيار ثالث غير هذين الخيارين».

لا تسامح ولا عفو

وقال إردوغان، في كلمة خلال مؤتمر لحزبه في ريزا شمال تركيا، الأحد: «سننقذ بلادنا من آفة الإرهاب التي ألحقها الإمبرياليون بشعبنا في أسرع وقت ممكن، نحن مصممون وعازمون على حسم هذه القضية، وقد حددنا هدفنا في هذا السياق».

إردوغان متحدقاً في مؤتمر لحزبه في طرابزون شمال تركيا الأحد (الرئاسة التركية)

وفي مؤتمر آخر في طرابزون، قال إردوغان: «لا أحد، سواء كان تركياً أو كردياً أو عربياً، لديه أي تسامح مع الإرهابيين الذين هم بيادق في مخططات الإمبرياليين الإقليمية». وأيد إردوغان دعوة حليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، بدء عملية حوار مع أوجلان من خلال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تنتهي بدعوته إلى البرلمان للحديث من خلال المجموعة البرلمانية للحزب، وإعلان حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية، وإلقاء أسلحته، وانتهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في خطوات قانونية للعفو عنه بعدما أمضى 25 عاماً في سجن انفرادي بجزيرة إيمرالي في ولاية بورصة جنوب بحر مرمرة، غرب تركيا.

وقام وفد من الحزب يضم نائبيه؛ عن إسطنبول سري ثريا أوندر، ووان (شرق تركيا) بروين بولدان، بزيارة لأوجلان في إيمرالي، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونقلا عنه استعداده لتوجيه الرسائل اللازمة، وتأكيده على الأخوة بين الأكراد والأتراك، في ظل الظروف في غزة وسوريا التي تشكل تهديداً خطيراً، على أن تتم العملية من خلال البرلمان وتشارك فيها المعارضة.

لقاء «وفد إيمرالي» مع رئيس البرلمان نعمان كورتولموش (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وبعد ذلك قام الوفد، الذي انضم إليه السياسي الكردي البارز أحمد تورك، بزيارة لرئيس البرلمان، نعمان كورتولموش وبهشلي، ليستكمل لقاءاته مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وأحزاب المعارضة، باستثناء حزبي «الجيد» و«النصر» اللذين أعلنا رفضهما العملية الجارية.

في السياق ذاته، شدّدت مصادر عسكرية تركية على أهمية مبادرة بهشلي لجعل «تركيا خالية من الإرهاب»، لافتة إلى أنه إذا تحقق هذا الهدف وألقت منظمة حزب «العمال الكردستاني» أسلحتها، فإن العناصر الإرهابية في سوريا، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، ستتأثر سلباً.

وأكّدت المصادر، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية، الأحد، أنه إذا تم القضاء على «التنظيم الإرهابي» (حزب العمال الكردستاني) وإلقاء أسلحته، فسيتم محاكمة المستسلمين من عناصره، وسيتم إطلاق سراحهم إذا وجد القضاء أنهم غير مذنبين، «لكن من المستحيل أن يتم إصدار عفو عن الإرهابيين».

وتوقّعت المصادر هروب قادة حزب «العمال الكردستاني» في جبل قنديل (معقل العمال الكردستاني في شمال العراق) إلى دول أوروبية، إذا تم نزع سلاحهم.

رفض قومي

في المقابل، قال رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ، إنه «لا يوجد في تاريخ العالم أي منظمة إرهابية ألقت أسلحتها، هذه كذبة كبيرة».

رئيس حزب النصر القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ (حسابه في «إكس»)

وأضاف أوزداغ، في تصريحات الأحد: «نريد (...) أن يدرك (الجمهور التركي) أن ما يحدث فقط هو أن عبد الله أوجلان سيظهر في البرلمان، وسيوجه الدعوة لإلقاء السلاح وسيحصل على العفو». وتابع: «نعتقد أن الوقت قد حان للنزول إلى الشوارع، حتى لا يتم العفو عن قتلة الجنود الأتراك». وأعلن أن حزبه سيبدأ مسيرات في أنحاء تركيا بدءاً من الخميس المقبل، مضيفاً: «حزبنا ليس في البرلمان، لكننا سنحول تركيا كلها إلى برلمان، نحن ضد هذه العملية التي تحرج الأمة وتكسر شرف الدولة التركية».

بدوره، قال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، خلال تجمع لحزبه، الأحد، إن حزبه «لن يقول نعم لأي شيء لا تقوله عوائل الشهداء والمحاربين القدامى».