وصف خبراء مصريون حديث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، بشأن «دخول مرحلة جديدة للعلاقات مع مصر» بأنه «نقلة نوعية في سياق ترسيخ التهدئة»، لكنهم لفتوا إلى أن الانتقال إلى مرحلة العلاقات الطبيعية أو التقارب بين البلدين لا يزال «صعباً».
وقال جاويش أوغلو، أمس، إن «عهداً جديداً يبدأ في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى اجتماعات قريبة بين مسؤولين من البلدين، بعد أيام من اتصال هاتفي جمعه بنظيره المصري سامح شكري الذي قال إن بلاده «تُقدر... مُجمل التصريحات والإشارات الصادرة عن أنقرة فيما يتعلق بأهمية القاهرة، وضرورة تصويب المسار» في علاقات البلدين.
ووفق خبير الشؤون التركية في «مركز الأهرام للدراسات السياسية» في مصر كرم سعيد، فإن تصريحات جاويش أوغلو أمس «تخدم سياسة التهدئة الحقيقية التي قد ترفع الشكوك والحذر الذي ربما لا يزال يسيطر على القاهرة تجاه الحديث عن التقارب».
لكنه أوضح أن «التصريحات التركية التي انطلقت من قبل وتحدثت عن تقارب، لم تصحبها تغيرات على الأرض، فالقنوات المعادية لمصر التي تبث من تركيا ما زالت تحرض ضد القاهرة، وما زال المرتزقة في ليبيا، وما زالت الاستفزازات التركية تحدث في البحر المتوسط». ورأى في حديث جاويش أوغلو «نقلة نوعية في سياق ترسيخ التهدئة وليس تحقيق التقارب، لأن تحقيق التقارب مرتبط بحلحلة القضايا الخلافية».
وأكد سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصال الهاتفي من وزير الخارجية التركي لنظيره المصري، وقبله اتصال رئيس مجلس النواب التركي بنظيره المصري، وقبل ذلك إشادة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بجهود الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال الرئاسة الدورية لمجموعة الثماني الإسلامية، كُل هذا يؤشر إلى رغبة متبادلة نحو التهدئة، مع وجود حذر مصري، نظراً لأن التصريحات التركية لم تصاحبها إجراءات».
ولفت إلى أن «إجراءات تركيا قبل أيام بإيقاف عدد من البرامج لبعض القنوات المعادية، كانت رسالة للقاهرة بأنها ماضية نحو التقارب. لكن رغم ذلك، فإن تركيا ماضية في إرسال مرتزقة إلى ليبيا». ورأى أن تبادل السفيرين «لن يحدث إلا بحل جذري للقضايا الخلافية».
ويرى الباحث في العلاقات الدولية الخبير في الشأن التركي صلاح لبيب أن «عودة العلاقات لتكون طبيعية، هو أمر شديد الصعوبة، لأن الدولتين في محورين متناقضين لمدى بعيد جداً، فالقاهرة في محور الاستقرار في المنطقة، وتركيا تراهن على الإسلام السياسي، وبالتالي ما دامت تركيا مستمرة في هذا، فلن يكون هناك أفق للتقارب». لكنه أكد أن «هناك عوامل تساعد على التهدئة لدى الدولتين، فهناك مؤشرات مصرية للتهدئة في ملف الخلاف مع الدوحة وأنقرة، وتركيا أدركت أن ملف الصراع مع القاهرة ليس في صالحها».
ورجح لبيب أن تكون الإشارات الأخيرة لوزير الخارجية التركي «جاءت عقب حديث تردد عن تعطل المفاوضات، وتزامن أيضاً مع استمرار القنوات المعادية في هجومها على مصر». وأوضح أن «ترمومتر العلاقات المصرية - التركية في هذه المرحلة، يُمكن أن نراه من خلال هذه القنوات، فأنقرة أوقفت بعض البرامج، لكن لم تغلق القنوات، وإذا ما أرادت تركيا أن تبدأ علاقات جديدة مع مصر، فيجب ألا تسمح لهذه القنوات بأن تستخدم أراضيها في التحريض ضد الدول».
وسبق أن قال وزير الخارجية المصرية قبل أيام في تعليقه على ما إذا كانت القاهرة طلبت من أنقرة إغلاق تلك القنوات، إن «المهم هو الفعل وليس بالضرورة أن نخوض في من طلب؟ أو من بادر؟ المهم مراعاة قواعد القانون الدولي بعدم التدخل وعدم جعل الأراضي محطة ومنطلقاً لعناصر معادية تستهدف شعب دولة أخرى».
وفيما يخص المحادثات المرتقبة التي أشار إليها جاويش أوغلو، أكد لبيب لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوع المباحثات هذا واسع، لأن ملف صراع الدولتين خلال السنوات الماضية كان في أغلب الملفات التي تتعلق بقضايا المنطقة. والدولتان على طرف النقيض فيما يقرب من 80 في المائة من هذه القضايا الاستراتيجية».
«ترسيخ للتهدئة» بين مصر وتركيا... والعلاقات الطبيعية دونها «صعوبات»
«ترسيخ للتهدئة» بين مصر وتركيا... والعلاقات الطبيعية دونها «صعوبات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة