الحكومة التونسية تعتزم عرض برنامج يتضمن 120 إجراء عاجلاً على البرلمان

استكمال مقومات بسط الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب ضمن الأولويات

الحكومة التونسية تعتزم عرض برنامج يتضمن 120 إجراء عاجلاً على البرلمان
TT

الحكومة التونسية تعتزم عرض برنامج يتضمن 120 إجراء عاجلاً على البرلمان

الحكومة التونسية تعتزم عرض برنامج يتضمن 120 إجراء عاجلاً على البرلمان

طلب محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) من الحبيب الصيد رئيس الحكومة التقدم إلى المؤسسة البرلمانية بأولويات حكومته خلال الفترة المقبلة في نطاق الرقابة التي يمارسها البرلمان على عمل الحكومة. وفي هذا الإطار، لبى رئيس الحكومة دعوة رئيس المجلس وأدى أمس زيارة أولى إلى قصر باردو (مقر المجلس) منذ منحه الثقة بصفة رسمية في السادس من الشهر الحالي. وعرض عليه تصور حكومته لمشاريع القوانين ذات الطابع العاجل ومن بينها قانون مكافحة الإرهاب ومجموعة من القوانين الاقتصادية وخاصة منها المتعلقة بالتنمية في الجهات.
وقال مفدي المسدي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء الذي جمع يوم أمس رئيس الحكومة برئيس البرلمان، لم يتناول البرنامج المستقبلي للحكومة على اعتبار أن مهلة العشرة أيام التي منحها الصيد لوزراء حكومته انتهت أمس.
وأفاد أن الحكومة في انتظار أن يتقدم كل وزير ببرنامجه إلى رئيس الحكومة وهو الذي سيعد البرنامج العام المقبل للحكومة ليعرضه بعد ذلك مفصلا على أعضاء البرلمان. وفي حال توصلت الحكومة إلى تقديم المبادرات الوزارية سيقع عرضها جميعا على مكتب المجلس لتقع إحالتها على اللجان التشريعية المختصة.
ووفق مصادر مطلعة فإن الحكومة التونسية لن تجد الطريق ممهدة وستواجه خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية بسلسلة طويلة من المطالب الاجتماعية والاقتصادية. وأشارت إلى بداية التململ الذي ظهرت أولى بوادره في ولايتي (محافظتي) تطاوين ومدنين جنوب شرقي تونس، وتوقعت أن تمتد المطالب إلى جهات تونسية أخرى مطالبة بتنفيذ الوعود الانتخابية خاصة في مجالي التنمية والتشغيل.
وللتأكيد على حجم التحدي الذي ينتظر الحكومة التونسية الجديدة، فإن سكان مدينتي الذهيبة وبن قردان تقدموا لوحدهم بـ50 طلبا عاجلا على رأسها مشاريع التنمية المعطلة ووضع المعابر الحدودية، وإقامة منطقة حرة، وإحداث مناطق بلدية وإلغاء إتاوات العبور.
وسبق للناصر أن أعلن خلال الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة للحكومة الجديدة أن «الأغلبية المريحة التي حظيت بها الحكومة عبرت بطبيعة الحال عن مدى التوافق الواسع حول تركيبتها»، ولكن ذلك، على حد تعبيره «سيزيد من حجم المسؤولية الملقاة على كاهلها». ووعد الناصر بأن يمارس البرلمان صلاحياته الدستورية في مراقبة عمل الحكومة ومتابعة نشاطها عن قرب وبصفة لصيقة رغم سيطرة حركة نداء تونس على السلطة التشريعية، ورأسا من رأسي السلطة التنفيذية (رئاسة الجمهورية).
ويوافق يوم أمس مرور 10 أيام على أداء حكومة الصيد اليمين أمام رئيس الجمهورية في السادس من الشهر الحالي. وكان قد تعهد في خطاب منح الثقة بتقدم الوزراء للتونسيين خلال الأيام العشر الأولى بما سماها «الأولويات الخمسة» التي سيسعى كل وزير إلى تنفيذها قبل مرور 100 يوم على توليه مهامه.
وكشف معظم وزراء الحكومة الجديدة ومن بينهم ياسين إبراهيم وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، وسليم شاكر وزير الاقتصاد والمالية، وسلمى الرقيق وزير السياحة والصناعات التقليدية في تصريحات إعلامية ومن خلال الزيارات الميدانية التي أدوها إلى مدن الجنوب التونسي، عن بعض ملامح برامجهم العاجلة.
ومن المنتظر تتويج جهود أعضاء الحكومة بالكشف عن برنامج يتضمن 120 إجراء حكوميا عاجلا في ظل تهديد سكان بن قردان (جنوب تونس) بغلق المعبر الحدودي رأس الجدير أمام كل الأنشطة التجارية إلى حين إلغاء الإتاوة المطبقة على العابرين في الاتجاهين بين تونس وليبيا.
ووضعت حكومة الصيد من بين أولوياتها استكمال مقومات بسط الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب وتعزيز الإجراءات والتدابير والآليات الكفيلة لحفظ الأمن والوقاية من أشكال الجريمة والتصدي لمظاهر الغلو والتطرف والغش والتصديق على قانون مقاومة الإرهاب في أسرع وقت ممكن واستكمال قانون حماية الأمنيين، هذا إلى جانب تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المعطلة وتجاوز العراقيل الحائلة دون إنجازها، وتحسين إطار العيش ومعالجة عدة ترسبات ذات تأثير سلبي على نوعية حياة التونسيين من خلال خطة وطنية للنظافة وحملة لتهذيب المنشآت العمومية والمسالك الريفية والطرقات. كما تعهدت بإدخال إصلاحات على قطاعي الصحة والتربية والتعليم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم