استجوب قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة الجزائرية، أمس، سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق حول «ممارسة نفوذ على القضاء» بغرض إلغاء أوامر بالاعتقال، صدرت في 2013 ضد وزير الطاقة شكيب خليل وزوجته الأميركية، ونجله وابن شقيق وزير الخارجية السابق، وذلك في قضية رشى وعمولات، قدرت بـ190 مليون دولار، دفعت في عقود نفطية مشتركة مع مؤسسة إيطالية للمحروقات.
وأفاد مصدر قضائي مطلع على «ملفات سعيد بوتفليقة» لـ«الشرق الأوسط» بأن قاضي التحقيق سأل كبير مستشاري الرئيس بوتفليقة السابق عن أوامر لوزير العدل آنذاك، الطيب لوح (مسجون حالياً)، لإطلاق ترتيبات قانونية عن طريق النيابة، التي تتبع له، من أجل إبطال المتابعة القضائية ضد خليل وعائلته المقيمين بالولايات المتحدة الأميركية. وهو ما تم فعلاً.
ففي سنة 2016 عاد خليل من مكان إقامته عبر مطار وهران بغرب البلاد، وبعد أيام أعلن مدير مكتب بوتفليقة، أحمد أويحيى (في السجن)، أن قاضي التحقيق بـ«محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة أصدر قراراً بـ«انتفاء وجه الدعوى» لمصلحة خليل وكل المتهمين في القضية. وبذلك تم محو كل تهم الفساد التي لاحقته.
وكانت هذه التصرفات، التي تمت عام 2015 خارج القانون، عاكسة لموقف سياسي اتخذته «جماعة بوتفليقة» آنذاك من مدير المخابرات، المحال على التقاعد في نفس العام، الفريق محمد مدين. وقد عاتبته بشدة على «تلفيق تهمة الفساد ضد خليل» على أساس أن التحقيق في صفقات النفط أجرته الشرطة القضائية، التابعة لجهاز الأمن العسكري، وكان موجهاً ضد بوتفليقة شخصياً، بذريعة أن خليل صديق طفولة، وقد استقدمه من أميركا في بداية حكمه عام 1999 بغرض مساعدته على بعث الاقتصاد المنهار. بمعنى آخر، استهدف مدين والمخابرات بوتفليقة شخصياً بتوجيه تهمة الفساد ضد خليل، بحسب تقدير الرئاسة لهذا الموضوع.
وبعد إقالة مدين، الشهير بـ«الجنرال توفيق»، حلت السلطة جهاز المخابرات، وأعادت إطلاقه بتسمية جديدة، وألحقته بالرئيس مباشرة بعدما كان تابعاً لوزارة الدفاع. وقد أمر الوزير لوح المفتش العام بوزارة العدل، الطيب بن هاشم، بـ«تسوية موضوع خليل وعائلته مع النيابة»، ما كلفه السجن هو أيضاً. وصرح لوح نهاية العام الماضي، أثناء استجوابه بشأن هذه القضية بأنه ورث «ملف خليل» عندما تسلم الوزارة في 2013 (قضى فيها 6 سنوات)، وبأن أوامر القبض «كانت مجانبة للقانون، وكان لا بد من تصحيحها»، حسب ما ورد على لسانه. ويوجد في الملف أثر لرسائل نصية هاتفية، تبادلها لوح مع سعيد، تخص «معالجة قضية خليل» بالطريقة التي أرادتها الرئاسة.
ويتابع سعيد بوتفليقة في وقائع فساد أخرى، تتعلق بـ«غسل أموال»، و«التمويل السري لحزب سياسي»، يرأسه شقيقه هو «جبهة التحرير الوطني». كما يتهم بـ«إخفاء عائدات مالية مصدرها جرائم فساد». وقال خالد بورايو، محامي سعيد في اتصال به، إن «كل هذه التهم ليس لها أي أساس من الصحة، ولا أي واقعة تقابلها، وقد تمت صياغتها أثناء محاكمة رجل الأعمال علي حداد (في السجن)، وبذلك أقحم القاضي سعيد بوتفليقة في قضية لا تهمه».
وبرأ «مجلس الاستئناف العسكري»، مطلع العام، سعيد بوتفليقة من تهمة «التآمر على رئيس تشكيلة عسكرية والتآمر على سلطة الدولة»، التي كان يقضي بسببها حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً. كما حصل على البراءة أيضاً رئيسا الاستخبارات سابقاً، مدين وبشير طرطاق، وزعيمة «حزب العمال» لويزة حنون. وفيما عاد مدين وحنون إلى بيتيهما، أبقي على طرطاق وسعيد في السجن لمتابعتهما في قضايا أخرى.
وكان ينظر لسعيد على أنه كان صاحب السلطة الحقيقي في الجزائر، واعتُقل بعد الإطاحة بشقيقه في خضم الحراك الشعبي، الذي اندلع في 22 من فبراير (شباط) 2019 للمطالبة بالديمقراطية، ووضع حد للفساد الذي نخر الدولة.
استجواب شقيق بوتفليقة حول «فرض نفوذه على القضاء» الجزائري
بعد 4 أشهر من تبرئته في «ملف التآمر»
استجواب شقيق بوتفليقة حول «فرض نفوذه على القضاء» الجزائري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة