«التدقيق الجنائي» بين الخوف عليه والإقصاء به

TT

«التدقيق الجنائي» بين الخوف عليه والإقصاء به

في ظل الجمود المستمر على خط تشكيل الحكومة اللبنانية، طغى الحديث والسجال حول «التدقيق الجنائي المالي» الذي تضعه رئاسة الجمهورية و«التيار الوطني الحر» كأولوية، وهو ما ردّ عليه بشكل مباشر البطريرك الماروني بشارة الراعي أول من أمس (الأحد) بالتأكيد على أنه «لا تدقيق جنائيا قبل تشكيل الحكومة»، ليبرز مساء موقف من قبل الرئيس ميشال عون قائلاً على «تويتر»: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به».
وفيما تنفي مصادر «التيار» المعلومات التي تشير إلى محاولة المقايضة بين «الحكومة» و«التدقيق» وتبرر التركيز على الأخير بالخوف من الإطاحة به، يعتبر مصطفى علوش، مستشار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أن كل ما تقوم به رئاسة الجمهورية و«الوطني الحر» هو كلام شعبوي يراد به باطل لأنهما لا يريدان حكومة برئاسة سعد الحريري أو الضغط لعودة النائب جبران باسيل ليكون على طاولة مجلس الوزراء.
ويقول علوش لـ«الشرق الأوسط»: يبدو واضحا أن كل ما تقوم به الرئاسة ومن خلفها باسيل، هدفه أنهما لا يريدان حكومة من الأساس، سائلاً: «دخلوا إلى الحكم منذ عام 2009 ثم تولى عون رئاسة الجمهورية قبل أكثر من 4 سنوات، لماذا لم يقوموا بالتدقيق الجنائي؟». ومع تأكيده على تأييد المطلب، يشير علوش إلى أن «تأليف الحكومة يجب أن يكون الأولوية لأن قرارات التدقيق تحتاج إلى حكومة فاعلة وقرارات في البرلمان وليس حكومة تصريف أعمال».
في المقابل، ومع تأكيدها أنه لا جديد على خط تشكيل الحكومة، تشدد مصادر في «التيار» على أن «لا مقايضة إطلاقا بين التأليف والتدقيق الجنائي»، متهمة الحريري ومن يدعمونه بـ«التأجيل للإطاحة بالتدقيق بعد تأليف الحكومة». وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نطالب بالتدقيق منذ أشهر لكنهم يحاولون المماطلة، وهذا ما جعل الرئيس عون يطرحه بإلحاح علما بأنه لو أراد المقايضة لكان فعلها منذ اليوم الأول لتكليف الحريري الذي طرح تأجيل الموضوع إلى ما بعد التأليف لضمان الحصول على أصوات كتلتي رئيس البرلمان (نبيه بري) والحزب التقدمي الاشتراكي (بقيادة وليد جنبلاط)، وهو ما رفضه الرئيس عون». وأكدت المصادر أن «التدقيق ليس موضوع مقايضة ولن يكون، والتشديد عليه في هذه الفترة بعد محاولة تهرب حاكم مصرف لبنان (رياض سلامة) منه عند مطالبة شركة (ألفاريز آند مارسال) المستندات، إلى أن أقرّ القانون في البرلمان واليوم سنترقب رد فعل الشركة المعنية على ما قدمه قبل أيام المصرف المركزي من دون أن نستبعد أن يخترعوا عوائق جديدة» (المركزي). وسبب هذه المخاوف وفق المصادر، هو أن هناك «فريقا أساسيا لا يريد التدقيق ويحاول تأخيره إلى أن يتم تشكيل حكومة الحريري الذي سيحاول العمل على تجميده أو الإطاحة به».
وفي موازاة هذا السجال وتحديدا بعد كلام الراعي، كشف أمس (الاثنين) عن تعميم صادر عن «التيار الوطني الحر» موجه لمحازبيه وكوادره حمل عنوان «توجهات سياسية إعلامية»، حيث كان التركيز فيه على أن الأولوية هي للتدقيق الجنائي الذي لا يجب أن يكون مرتبطا بتأليف الحكومة». وجاء في التعميم: «يشكل التدقيق الجنائي مطلباً أساسياً للناس الذين فقدوا أموالهم، ومطلباً إصلاحياً لصندوق النقد الدولي ولدول مؤتمر سيدر، وأساساً للمبادرة الفرنسية وهو أقرّ بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء، وجرى توقيع ‏العقد مع شركة ألفاريز ومارسال لتنفيذه»، مضيفا «لا يجوز بأي شكل من الأشكال ‏تجميد تنفيذ العقد إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة لأن القرار نافذ وقائم ولا يحتاج إلى حكومة جديدة لإعادة إقراره؛ ‏وإذا كان من بدّ لربط التدقيق بالحكومة الجديدة فهو من باب وجوب التزام هذه الحكومة باستكمال تنفيذ عقد التدقيق الجنائي القائم وتعهدها بذلك، على أن يكون هذا المطلب بنداً رئيساً في البيان الوزاري».
مع العلم أن قضية «التدقيق» والجدل حولها لم تقتصر على بكركي ورئاسة الجمهورية، بل كانت مادة سجال عالية السقف في اليومين الأخيرين بين «الوطني الحر» و«حزب القوات» الذي ردّ رئيسه سمير جعجع بشكل مباشر على عون قائلا: «فخامة الرئيس أسقط حقيقة واحدة تغيِّر مجرى الأمور بأكملها، وهي أنّه في السنوات الخمس الأخيرة كان رئيساً للجمهورية، وبجانبه أكثريّتان وزاريّة ونيابيّة. إذا كان للمواطن العادي الحق بأن يتوجّه بكلّ التساؤلات التي وجّهها فخامته، فهل يعقل أن يقتصر دور رئيس الجمهورية على توجيه الأسئلة؟ ولماذا أحجم أساساً عن تأييد مطلبنا للتدقيق الجنائي منذ العام 2017؟ ولماذا سمح أو غطّى تهجُّم أقرب المقربين إليه على «القوات اللبنانية» بسبب مطالبتها بالتدقيق الجنائي؟».



«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.