مصر وفرنسا تدعوان لتدابير أممية جديدة ضد «داعش»

إدانات عربية ودولية واسعة لعملية ذبح المصريين

مصر وفرنسا تدعوان لتدابير أممية جديدة ضد «داعش»
TT

مصر وفرنسا تدعوان لتدابير أممية جديدة ضد «داعش»

مصر وفرنسا تدعوان لتدابير أممية جديدة ضد «داعش»

أكدت مصادر مصرية وفرنسية اليوم وجود مطالبة مشتركة من القاهرة وباريس لعقد جلسة اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي من أجل اتخاذ تدابير جديدة وحاسمة ضد تنظيم داعش الإرهابي، خصوصا بعد التصعيد الأخير الذي أسفر عن ذبح 21 مواطنا مصريا على يد أعضاء التنظيم في ليبيا مساء أمس، فيما تدور مباحثات مكثفة بين كل من مصر وفرنسا وإيطاليا والحكومة الليبية الشرعية للتنسيق حول سبل مكافحة التنظيمات الإرهابية في ليبيا، بما قد يشمل عمليات عسكرية.
وأوضحت المصادر المصرية لـ«الشرق الأوسط» أن الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم شمل إدانة فرنسا القوية للحادث الإرهابي الآثم الذي طال عددا من أبناء مصر الأبرياء على يد تنظيم داعش في ليبيا، مؤكدا تضامن فرنسا الكامل مع مصر ووقوفها بجانبها في مواجهة الإرهاب الغاشم.
وأعرب الرئيس الفرنسي عن خالص تعازيه للرئيس السيسي ومواساته لأسر الضحايا، كما أكد دعم بلاده للتحرك الدولي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي إطار الاتحاد الأوروبي، من خلال اتخاذ موقف دولي قوي كفيل بدحر الإرهاب والقضاء عليه.
ومن جانبه، أعرب الرئيس السيسي عن تقديره لموقف الرئيس الفرنسي، مؤكدا مواصلة مصر التشاور والتنسيق مع الدول الصديقة من أجل تعزيز التكاتف الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب والقضاء عليها.
كما شمل الاتصال توافقا بين القاهرة وباريس حول دعوة مجلس الأمن للانعقاد من أجل اتخاذ تدابير دولية جديدة في مواجهة «داعش»، في وقت تدور فيه اتصالات قوية بين مصر وفرنسا وإيطاليا والحكومة الشرعية الليبية من أجل التنسيق في سبل مواجهة التنظيمات الإرهابية على الأراضي الليبية، بما قد يصل إلى أعمال عسكرية.
ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه إدانات مختلف الأطراف العربية والدولية ما وصفته بالعملية الوحشية التي أسفرت عن ذبح 21 مصريا في ليبيا. وأدان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي بشدة الجريمة البشعة، وقال في بيان له اليوم: إن «دولة الإمارات العربية المتحدة تضع كل إمكانياتها لدعم جهود مصر لاستئصال الإرهاب والعنف الموجه ضد مواطنيها، وتؤكد وقوفها إلى جانبها وتضامنها التام معها».
كما بعث الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البحرين برقية تعزية ومواساة إلى الرئيس السيسي أعرب فيها عن خالص تعازيه، واستنكار مملكة البحرين وإدانتها الشديدة لهذا العمل الإجرامي، مؤكدا على وقوف مملكة البحرين إلى جانب مصر قيادة وشعبا وعلى دعمها وتضامنها مع مصر الشقيقة في اتخاذ ما تراه من إجراءات إزاء هذا التنظيم الإرهابي وجريمته النكراء.
من جانبه، دعا الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لمحاربة تنظيم داعش في ليبيا وغيره من الحركات الإرهابية المتعصبة والقضاء عليها قبل أن يستفحل أمرها وتزداد جرائمها الإرهابية. معربا عن تعاطف دول مجلس التعاون ووقوفها مع مصر قيادة وشعبا إزاء هذه الجريمة البشعة التي هزت وجدان الشعوب العربية والإسلامية.
كما أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني على أن الأردن ملكا وحكومة وشعبا يقفون مع مصر الشقيقة في مصابها الكبير، ويعبرون عن التعازي للدولة المصرية بكافة مكوناتها ولأهالي ضحايا الإرهاب المجرم.
دوليا، أدان مجلس الأمن مقتل المصريين على يد تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، وعبر المجلس عن خالص تعازيه لأسر الضحايا وللشعب والحكومة المصرية.
وأدانت الولايات المتحدة الأميركية العملية ووصفتها بـ«العمل الجبان والخسيس»، وأعرب البيت الأبيض عن عزاء واشنطن لأسر الضحايا ودعمها للحكومة والشعب المصري في مصابهم الأليم، مشيرا إلى أن وحشية «داعش» لا تعرف حدودا ولا تتقيد بدين أو طائفة أو عرق.
كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنظيره المصري وقوف روسيا إلى جانب مصر، واستعدادها لتقديم كل أشكال الدعم السياسي والأمني والعسكري لها في هذا الظرف العصيب في ظل علاقات الصداقة التي تربط بين البلدين وشعبيهما، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري صباح اليوم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.