لمحاربة السمنة... خبراء ينصحون باتباع نظام غذائي مبني على الجينات

رجل يعاني من السمنة يمشي في أحد شوارع نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يعاني من السمنة يمشي في أحد شوارع نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

لمحاربة السمنة... خبراء ينصحون باتباع نظام غذائي مبني على الجينات

رجل يعاني من السمنة يمشي في أحد شوارع نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يعاني من السمنة يمشي في أحد شوارع نيويورك (أرشيفية - رويترز)

تجذب جائحة «كوفيد - 19» المزيد من الاهتمام لمشكلة السمنة في أميركا، حيث تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أنه يجب استخدام جيناتنا لتحديد ما نأكله، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
وتظهر عقود من الأبحاث أنه، على الأقل بالنسبة لمعظم الناس، يكمن سر درء المرض في ممارسة كثير من التمارين الرياضية وتناول نظام غذائي غني بالخضراوات ومزيج صحي من الدهون والبروتين والكربوهيدرات. ولكن الآن، هناك مجال ناشئ يسمى «علم المورثات الغذائية» يهدف إلى تقديم نصائح شخصية حول أسلوب الحياة بناءً على الحمض النووي لكل شخص.
رغم أنه لا يزال مجالاً جديداً للدراسة العلمية، يأمل الباحثون في أن تكون خطط الطعام القائمة على التركيبات الجينية أكثر فاعلية من التوصيات التقليدية ذات الحجم الواحد الذي يناسب الجميع.
وقالj اختصاصي التغذية بريجيد تيتغيماير: «نظراً للقلق الأكبر بشأن ارتفاع ضغط الدم ونسبة السكر في الدم والسمنة، وارتباط هذه الأمراض بأعراض حادة من فيروس «كورونا»، أتوقع تركيزاً كبيراً على التغذية الشخصية، باستخدام البيانات من الاختبارات الجينية ومراقبة نسبة الغلوكوز في الدم، لمساعدة الناس في اتخاذ خيارات إيجابية، وتقليل الأخطار».
وبعد عقود من رسم خرائط جينات البشر، يستخدم العلماء الآن هذه المعلومات لتحديد كيف يمكن للغذاء تعديل للاستعدادات المرتبطة بالأمراض ووظائف المناعة.
ويوصف علم المورثات الغذائية بأنه نهج جيني للتغذية المصممة لكل شخص منا، بما في ذلك ليس فقط النظام الغذائي، ولكن أنماط النوم وحياة الفرد بشكل عام.
وقال الدكتور يائيل جوفي، مؤسس وكبير مسؤولي العلوم في «3X4 جينيتيكس»: «هذا الأسلوب يتبنى فكرة أنه رغم أننا جميعاً متماثلون بنسبة 99.9 في المائة، إلا أن هناك نسبة 0.1 في المائة تحدد حقاً كيفية استجابتك للعالم من حولك».
وقال الدكتور مارفن سينغ، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي التكاملي: «قد يؤدي اتباع نظام غذائي مقيد أو نظام يتم مشاهدته على وسائل التواصل الاجتماعي إلى بعض التحسُّن، لكنه ليس مستداماً، ولا يعتمد على البيانات».
وتابع: «يوفر علم المورثات الغذائية فهماً لميولك وأوجه قصورك، من حيث فقدان الوزن. يمكن أن يوفر بيانات عن طفرات جينية معينة لديك، التي قد تفضل التصرف أو تناول الطعام بطريقة معينة - أو حتى أنماط التمارين التي قد تكون أكثر فائدة لك».
ويمكن الوصول إلى التركيب الجيني للفرد بأخذ عينات من اللعاب وإرسالها إلى المختبر. وقال جوفي إن استخدام البيانات التي يحصل عليها الشخص قد تساعد في إبلاغه بالأطعمة، التي يمكن تناولها لتشغيل أو إيقاف جينات معينة.
وقالت كريستين كيركباتريك، اختصاصية التغذية ورئيسة شركة «كاك» لاستشارات التغذية: «نستجيب جميعاً بشكل مختلف قليلاً عندما نأكل سلطة... ونظراً لعدم وجود نظام غذائي يناسب الجميع. نحن بحاجة إلى النظر إلى حمضنا النووي، إذا كنا نريد إنقاص الوزن».
والنظام الغذائي والتمارين الرياضية هي العلاج الأول الموصى به لغالبية الأمراض المزمنة في الولايات المتحدة؛ ارتفاع ضغط الدم والسمنة والسكري وارتفاع الكوليسترول. أظهرت الأبحاث أن التغذية الشخصية القائمة على الجينات أكثر فعالية في الوصول إلى أهداف إنقاص الوزن على المدى الطويل.
وأضاف جوفي: «علم الوراثة هو أداة سلوكية قوية للغاية لتنفيذ تغييرات طويلة الأمد. الأمر يتعلق بك. إنها قصتك. ليست شيئاً تقرأه على وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت».
وفي عيادته، وجد سينغ أن المرضى أكثر ميلاً للالتزام بخطط العلاج المصممة وفقاً لجيناتهم الخاصة؛ لذا فإن الوصول إلى هذه البيانات يساعد على توفير إطار عمل لعلاجات أفضل.


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».