وعيد حوثي بحملة جديدة لإغلاق المنظمات الإنسانية

الجماعة اعترفت بالاستيلاء على 600 مليون دولار خلال عام

مسلح تابع للميليشيات الحوثية يستقل سيارة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلح تابع للميليشيات الحوثية يستقل سيارة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

وعيد حوثي بحملة جديدة لإغلاق المنظمات الإنسانية

مسلح تابع للميليشيات الحوثية يستقل سيارة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلح تابع للميليشيات الحوثية يستقل سيارة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وعيدا جديدا بشن حملة جديدة تستهدف المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرتها وذلك بالتزامن مع اعترافها بحصول حكومتها الانقلابية على نحو 600 مليون دولار من المنظمات والوكالات الدولية خلال العام الماضي 2020.
التهديدات الحوثية جاءت بعد حوالي أسبوعين من رفض منظمة الصحة العالمية الحضور إلى إحدى المحاكم الحوثية لمواجهة دعوى قضائية قالت المنظمة إنها غير قانونية لجهة أن المنظمة مثلها مثل بقية الوكالات الأممية تحظى بالحصانة بموجب القانون الدولي، بحسب ما جاء في رسالة بعثت بها إلى وزير خارجية الانقلاب الحوثي هشام شرف.
وجاء التهديد الحوثي بشن الحملة الجديدة ضد المنظمات الدولية في تصريحات أطلقها القيادي في الجماعة عبد المحسن الطاووس المعين أمينا عاما لما يسمي «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي» وهو هيئة انقلابية أنشأتها الجماعة بغرض السيطرة على المساعدات الإنسانية والتحكم بها وتسخيرها لمصلحة مجهودها الحربي.
الطاووس قال خلال جلسة نظمتها وزارة إعلام الجماعة الانقلابية في صنعاء إن المجلس الانقلابي الذي يرأس أمانته العامة «سيتخذ خلال الأيام المقبلة قراراً بإغلاق عدد من المنظمات لمخالفتها للوائح والقوانين المعمول بها» بحسب زعمه.
وفي حين لم يشر الطاووس إلى أسماء المنظمات التي توعد بإغلاقها، زعم وجود 462 منظمة في مناطق سيطرة جماعته قال إنها تعمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي بإشراف الميليشيات، معترفا بأن حكومة الانقلاب حصلت على 589 مليونا و939 ألف دولار من الدعم الدولي.
- قيود وتهديدات
يعيد تهديد الميليشيات بإطلاق حملة جديدة لاستهداف المنظمات المحلية والدولية العاملة في المجال الإنساني التذكير بانتهاكات الجماعة الواسعة خلال السنوات الماضية بحق قطاع الإغاثة والمعونات، سواء فيما يتعلق بالقيود التي فرضتها على الوصول الإنساني أو فيما يخص السطو على المساعدات وتخصيصها للمجهود الحربي.
وقبل نحو أسبوعين كانت منظمة الصحة العالمية في صنعاء رفضت الامتثال للحضور أمام محكمة حوثية ووجهت خطابا إلى وزير خارجية الانقلاب هشام شرف اطلعت «الشرق الأوسط» على صورة منه، ذكرت فيه بأن المنظمات الأممية تحظى بالحصانة.
وأشارت المنظمة إلى أنها وموظفيها وتمويلاتها وممتلكاتها وأصولها تتمتع بتسهيلات وامتيازات وحصانات مختلفة تمكنها من أداء مهمتها في تقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ أنشطتها على المستوى القطري للبلد، وأن موظفيها يتمتعون بحصانة كاملة من أي نوع من أنواع الإجراءات القانونية.
وقالت المنظمة إنها ليست في موقف يسمح لها حضور جلسة المحكمة المحددة في 21 مارس (آذار) 2021 بسبب حصانتها داعية الميليشيات إلى إبلاغ المحكمة الحوثية بذلك.
وفي حين شددت الصحة العالمية على ضمان احترام استقلاليتها وامتيازاتها وحصانتها قالت إن «أي تحد تواجهه في تنفيذ أنشطتها سيعيق بشكل مباشر قدراتها على تقديم المساعدة الإنسانية اللازمة لليمنيين».
يشار إلى أن الانتهاكات الحوثية ضد العمل الإغاثي والإنساني كانت دفعت برنامج الغذاء العالمي إلى تعليق عمله في صنعاء ومناطق أخرى، كما دفعت منظمات أخرى إلى التهديد بمغادرة مناطق سيطرة الجماعة.
ويتبنى زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي نفسه في تصريحاته خطابا عدائيا إزاء المنظمات الدولية التي يزعم أنها تقود أجندة استخباراتية ضد جماعته، وأنها لا تقدم أي شيء على الصعيد الإنساني.
- سنوات من السطو
أقدمت الجماعة الانقلابية خلال السنوات الماضية على إغلاق ومصادرة العشرات من المنظمات والجمعيات الإنسانية المحلية قبل أن تقوم بتأسيس منظمات يديرها قادتها للاستيلاء على المساعدات الدولية، كما نصبت موالين لها لإدارة أصول وأموال الجمعيات المستولى عليها.
وسبق أن استولى الحوثيون على أسطول من سيارات الدفع الرباعي المقدمة من منظمة الصحة العالمية للمستشفيات ومن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة تحت لافتة استخدامها للإسعافات ولنزع الألغام.
وكان الجيش الوطني اليمني ضبط العام الماضي كميات من الأغذية الأممية في مواقع استولى عليها بعد طرد عناصر الميليشيات منها، وهو ما أثار حينها المزيد من الانتقادات من قبل الجانب الحكومي لأداء المنظمات في مناطق سيطرة الانقلاب.
إلى ذلك اتهمت تقارير أممية سابقة الميليشيات بأنها تسرق الطعام من أفواه الجوعى، كما اتهمتها بأنها ارتكبت انتهاكات جسيمة ضد العاملين الصحيين في اليمن، تمثلت في الاعتداء والقتل والاختطاف والاعتقال، وهجمات على المنشآت الصحية.
واتهمت الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأنها نهبت خلال العام الماضي ما يقارب 900 قافلة إغاثية، خلال الفترة الماضية كانت في طريقها لإغاثة المواطنين في مناطق مختلفة.
وضمن التضييق الحوثي على العمل الإنساني كانت الجماعة اشترطت على المنظمات الحصول على موافقة مسبقة من قادة الجماعة على كافة المشاريع الإغاثية التي تعتزم تنفيذها في مناطق سيطرتها وتحديد السقف الزمني للتنفيذ إضافة إلى القبول برقابة الجماعة على تنفيذ المشاريع. وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» عاملون في المجال الإنساني.
وفي مسعى تبريري للقيود التي تفرضها الجماعة الحوثية على المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات، يلجأ قادتها إلى كيل تهم لهذه المنظمات بـ«الفساد» و«الابتزاز» وبـ«تجاوز المعايير» التي تضعها الجماعة.
وكانت مصادر في الحكومة الشرعية وتقارير أممية اتهمت الجماعة بأنها تفرض على وكالات الإغاثة والمنظمات دفع اثنين في المائة من قيمة مشاريعها في مناطق سيطرتها، دون أن تلقي بالا لتبعات ذلك على ملايين السكان الذين يتضورون جوعا، غير أن الجماعة زعمت أنها تراجعت عن هذا القرار.
وغير مرة جددت الحكومة اليمنية دعوتها لمراجعة أداء الوكالات الأممية الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية على خلفية التقارير الغربية حول قيام الجماعة بإعاقة العمل الإنساني وابتزاز المنظمات وتحويل شق كبير من المساعدات لمصلحة مجهودها الحربي.
إذ تقول الحكومة الشرعية إن 30 في المائة من المساعدات الإنسانية تذهب لتمويل المجهود الحربي للميليشيات الحوثية، واستغلالها في التصعيد العسكري والحشد لجبهات القتال، بدلاً من تخصيصها لإعانة ملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً ويفتقدون للرعاية الصحية والخدمات الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».