عون يعطّل تشكيل الحكومة بتعويم {المستقيلة}

بعد أن «اجتاح» المبادرة الفرنسية بربطها بالتدقيق الجنائي

TT

عون يعطّل تشكيل الحكومة بتعويم {المستقيلة}

ما إن أنهى وزير الخارجية المصري سامح شكري جولته على القيادات السياسية الرئيسة المعنية بتشكيل الحكومة بلقاء الرئيس المكلّف سعد الحريري حتى انبرى رئيس الجمهورية ميشال عون من خارج جدول الأعمال الذي يعطي الأولوية لتأليفها إلى توجيه رسالة للبنانيين اتهم فيها المسؤولين في وزارة المالية وحاكمية مصرف لبنان بالتقصير في التوصل إلى اتفاق مع شركة «ألفاريز ومارسال» يؤدي إلى إنجاز التدقيق لكشف أسباب الانهيار المالي وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق، داعياً الحكومة لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب لحماية ودائع الناس.
ويقول عدد من المسؤولين من رسميين وسياسيين ممن واكبوا الأجواء التي سادت محادثات شكري في بيروت وتحديداً تلك التي شملت عون، بأنهم لم يفاجأوا بتجاهله في رسالته إلى اللبنانيين للدوافع التي أملت على الوزير المصري القيام بزيارة استثنائية لبيروت بعد أن تصاعدت الضغوط الدولية والإقليمية والأممية على المعنيين بتشكيل الحكومة والتي بلغت ذروتها بالتهديد الذي أطلقه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان باتخاذ إجراءات غير مسبوقة ضد من يعرقل تأليفها.
ويؤكد هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» أن لودريان اضطر لتذكير المعرقلين بالإجراءات التي ستتخذ بحقهم بعد أن نفذ صبر المجموعة الدولية منهم، وباتت على قناعة بأن لا جدوى من التمديد للأزمة بذريعة توفير فرصة أخيرة لهم لمراجعة حساباتهم والإقلاع عن شروطهم التي تعيق تأليف الحكومة، ويقولون إن شكري على تواصل شبه يومي مع لودريان.
ويضيف المسؤولون أن عون يعطي الأولوية للتدقيق الجنائي ويربط إسقاطه بضرب المبادرة الفرنسية التي استحضرها في رسالته إلى اللبنانيين من هذه الزاوية، ويكشفون أنه كان واضحاً في التفافه على تشكيل الحكومة والقفز فوق البند الوحيد الذي أدرجه شكري على جدول محادثاته في بيروت والمتعلّق بسحب الشروط للإسراع بتشكيل الحكومة لأنها المفتاح الوحيد للشروع في حل الأزمات التي أوصلت لبنان إلى الانهيار.
ويلفت هؤلاء إلى أن عون ليس في وارد إعطاء الأولوية لتشكيل الحكومة، وإلا لماذا ركّز في محادثاته مع شكري على التدقيق الجنائي وصلاحياته الدستورية وصولاً إلى عدم ارتياحه للتعاون مع الرئيس المكلّف، ويؤكدون أن عون أصر على تكرار مواقفه كلما حاول شكري العودة في حديثه إلى مسألة الإسراع بتأليف الحكومة.
ويرى هؤلاء أن عون تعاطى مع تشكيل الحكومة على أنها نقطة تفصيلية في الأزمة اللبنانية، وأن لا مشكلة اسمها الفراغ الحكومي ما دام أن الحكومة المستقيلة لا تزال قادرة ويمكن تفعيلها بمعاودة اجتماعات مجلس الوزراء بدءاً باتخاذها القرار المناسب في مسألة التدقيق الجنائي، ويؤكدون بأنه يتصلّب في مواقفه، ما يوحي بعدم استعداده لإعطاء الضوء الأخضر لتشكيل حكومة مهمة برئاسة الحريري.
ويعتبرون أن عون يلجأ إلى الشعبوية في مخاطبة اللبنانيين لجهة دغدغته لمشاعرهم حيال ودائعهم في المصارف، مع أنه أمضى حتى الآن أكثر من أربع سنوات وهو يتربّع على كرسي الرئاسة ولم يستحضر التدقيق الجنائي إلا في الأشهر الأخيرة، ويقولون إن الوصول إلى هذا التدقيق يكون بتشكيل الحكومة التي يفترض أن تُدرجه كبند أساسي في بيانها الوزاري بدلاً من أن يُقحم البلد في أزمة دستورية على خلفية السجال الذي سيترتّب على تعويم الحكومة المستقيلة، وكان سبق لرئيسها حسان دياب أن ربط تفعيلها بتفسير الدستور لتحديد سقف لتصريف الأعمال.
ومع أنهم لا يريدون استباق الموقف الذي سيتخذه دياب حيال الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء، رغم أن أوساطه كانت أكدت سابقاً بأن لا نية لديه لأن يُقحم نفسه في مشكلة دستورية تثير الالتباس؛ لئلا يقال بأنه يعطل تشكيل الحكومة.
كما أن عون - بحسب مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» - لم يأتِ في رسالته على ذكر تشكيل الحكومة ما يعني أنه يريد تعطيل المبادرة الفرنسية وصولاً إلى «اجتياحها»، وإلا لماذا دعا الحكومة المستقيلة لعقد جلسة، وهذا ما يفتح الباب أمام السؤال عن موقف «حزب الله» الذي استثناه شكري من لقاءاته كما استثناه سابقاً في زيارته الأولى لبيروت بعد الانفجار الذي استهدف المرفأ من دون أن يتوافر أي تفسير لهذا الاستثناء.
ويلفت المصدر نفسه إلى أن عون بدأ يتصرف كجنرال مستحضراً تجربته أثناء توليه رئاسة الحكومة العسكرية، بدلاً من أن ينخرط في الجهود الرامية لإزالة العقبات التي تعترض ولادة الحكومة، وإلا لماذا أعطى لنفسه حق الإمرة قافزاً فوق الصلاحيات المناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً، وهل اضطر لأن يتصرّف وكأنه الحاكم بأمره احتجاجاً على تعذُّر سفر وريثه السياسي جبران باسيل إلى باريس بعد أن صرفت النظر عن استضافتها أي اجتماع لبناني.
لذلك فإن عون لم يعد متحمساً للمبادرة الفرنسية ليس بسبب عدم شمول باسيل بلقاءات شكري بذريعة أن لا مبرر لها طالما التقى رئيس الجمهورية، وإنما لتعذّره في تسويق وريثه السياسي - أي باسيل - لدى باريس، إضافة إلى أنه بات محاصرا محلياً وهو يصر الآن على عدم الإفراج عن الحكومة إلا بشرط الانصياع لشروطه، مع أنه يدرك سلفاً بأن لا جدوى من رهانه على تطورات خارجية يمكن أن تبدّل الوضع لمصلحته، مع أن هذا الرهان بعيد المنال وسيدفع باتجاه التشدد في إطباق الحصار الدولي الذي لن يستثني هذه المرة الرئاسة الأولى.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».