مراحل تاريخية في إعادة تأهيل العلا وجهة سياحية عالمية

في شهر يوليو (تموز) من عام 2017، كان الأمر الملكي يصدر عبر شاشات التلفزيون السعودية، وجاء النص: «ونظراً إلى أهمية تطوير محافظة العلا على نحو يتناسب مع قيمتها التاريخية، وما تشتمل عليه من مواقع أثرية، بما يحقق المصلحة الاقتصادية والثقافية المتوخاة، والأهداف التي قامت عليها رؤية المملكة (2030)، ويبرز ما حبا الله به هذه البلاد من تراث إنساني (...) أمرنا بما هو آت: إنشاء هيئة ملكية لمحافظة العلا».
تمر أكثر من ثلاثة أعوام، على هذه الخطوة الملكية التي أعادت العلا نحو ما يليق بتاريخها، وخلق لها مناخاً جاذباً للزوار طوال الأعوام الثلاثة، مع تنشيط لمواقع سياحية وأثرية فيها، وتحقيق موسم شتائي فيها سُمّي «شتاء طنطورة»، كان يحمل جانباً ثقافياً فنياً في قالب التاريخ بالعلا.
مرحلة التطوير للمحافظة التي يتجاوز حضورها البشري أكثر من 7 آلاف عام، وعصور مرّت بها؛ من العصر البرونزي، ثم مملكتي لحيان ودادان، وعصر الرومان وما تبعه، ستكون الأولى التي تعيد تأهيل العلا لواحة ثقافية هي الأكبر في العالم.
إنشاء الهيئة حمل آمالاً لتعزيز السياحة السعودية، في منطقة تُعدّ الغنية بالآثار والمناظر الخلابة في شمال غربي البلاد، إحدى أهم المناطق التي تسعى المملكة لتطويرها، لتكون على خريطة السياحة العالمية، في وقت اتسع فيه الإقبال عليها داخلياً وخارجياً، مع فتح التأشيرات السياحية، أواخر عام 2018.
أحد الأحداث البارزة في تاريخ العلا، كان تدشين الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، «رؤية العلا»، في فبراير (شباط) من عام 2019، للإعلان عن خطتها الرامية إلى تطوير العلا بطريقة مسؤولة لتحويلها إلى وجهة عالمية للتراث، مع التزام الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي في المنطقة، بالتعاون مع مجتمع العلا، وفريق من الخبراء العالميين.
وتضمن الاحتفال إطلاق محمية «شرعان» الطبيعية، التي تسهم بحماية المناطق ذات القيمة البيئية الاستثنائية، التي تهدف إلى استعادة التوازن الطبيعي في المنطقة بين الكائنات الحية والبيئة الصحراوية، بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الهيئة سعيها لإنشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي، وهو أكبر صندوق في العالم لحماية هذا النوع.
وتم استعراض مشروع منتجع شرعان وهو المنتجع المنحوت في الجبال الذي يضم عدداً من الأجنحة الفندقية، وموقعاً يضم مساحات مبتكرة ومجهزة بأحدث الوسائل والخدمات التقنية، وينبثق المنتجع من جبال العلا، ليحمل إرث الحضارة النبطية في ضيافة الطبيعة الخلابة، ويمزج المنتجع بين الضيافة والحفاوة العربية، مما سيعزز من موقع العلا كمقصد عالمي.
مراحل مفصلية خلال الأعوام الماضية منذ إنشاء الهيئة، كان الشريك الأكبر فيها سكان العلا، ليكون لهم دور بارز وفعال في المشروعات، من خلال برنامج «حماية»، الذي يُتيح الفرصة لـ2500 من أهالي العلا ليكونوا حماة للتراث الطبيعي والإنساني.
كذلك أطلقت برنامج «الابتعاث»، الذي يُوفّر لأبناء وبنات العلا فرصة الدراسة في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، في مجالات مختلفة تتعلّق بخطط التنمية الخاصة بالعلا.
وعلى صعيد حركة النقل إلى العلا، تم خلال أشهر مضت تحويل مطارها إلى مطار دولي، بعد استيفائه جميع المتطلبات التشغيلية، وفق المعايير الدولية، وبما يتناسب مع احتياجات الجهات المختصة العاملة في المطار، وشملت أعمال التطوير مضاعفة الطاقة الاستيعابية من 100 ألف إلى 400 ألف مسافر سنوياً، مع زيادة إمكانات ساحة الطيران لتكون ضمن أكبر 10 مطارات بالمملكة، بمساحة 49 ألف متر مربع تتسع لـ15 طائرة تجارية.