إيران تنتج 55 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بـ20 %

رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ونائبه بهروز كمالوندي في منشأة فردو يناير الماضي (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ونائبه بهروز كمالوندي في منشأة فردو يناير الماضي (أ.ف.ب)
TT

إيران تنتج 55 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بـ20 %

رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ونائبه بهروز كمالوندي في منشأة فردو يناير الماضي (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ونائبه بهروز كمالوندي في منشأة فردو يناير الماضي (أ.ف.ب)

قالت السلطات الإيرانية، أمس، إنها أنتجت 55 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، الأمر الذي يشير إلى التخصيب بوتيرة أسرع من العشرة كيلوغرامات المقررة شهريا بموجب قانون إيراني أوجد هذه العملية في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ويأتي الإفصاح عن هذا التطور بعد يوم من إجراء طهران وواشنطن مباحثات غير مباشرة وُصفت بأنها «بناءة» في فيينا بهدف إيجاد سبل لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وكان البرلمان الإيراني أقر قانونا العام الماضي يلزم الحكومة باتخاذ حزمة ثانية من الانتهاكات الاتفاق النووي، فيما يعد في جانب منه ردا الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018.
ويلزم القانون إيران بالبدء في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة وينص على تخصيب 120 كيلوغراما على الأقل من اليورانيوم بهذا المستوى كل عام، أي بمعدل عشرة كيلوغرامات شهريا.
وأشار المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي إلى أن وتيرة الإنتاج الإيراني تزيد بنسبة «تصل إلى 40 في المائة» على ذلك.
ونقلت رويترز عن التلفزيون الإيراني قوله «في أقل من أربعة أشهر أنتجنا 55 كيلوغراما من اليورانيوم بدرجة تخصيب 20 في المائة... خلال ثمانية أشهر تقريبا يمكننا الوصول إلى 120 كيلوغراما».
ويعتبر اليورانيوم مخصبا على درجة عالية بدءا من نسبة 20 في المائة. ويمثل الوصول إلى هذه النسبة خطوة كبرى صوب التخصيب بدرجة تصلح لصنع السلاح النووي.
وعمليا إيران بحاجة إلى ما يصل لـ260 كليوغراما بنسبة 20 في المائة، لتخصيب 56 كليوغراما من اليورانيوم بدرجة نقاء 90 في المائة، لتطوير أسلحة نووية.
وجاء في تقرير فصلي عن أنشطة إيران النووية أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير (شباط) أن إيران أنتجت حتى 16 من ذلك الشهر 17.6 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 20 في المائة.
وقال دبلوماسي رفيع في ذلك الوقت، إن إيران تنتج اليورانيوم المخصب حتى 20 في المائة بمعدل 15 كيلوغراما شهريا.
وفي إطار التسارع الأخير في وتيرة خروقات إيران للاتفاق النووي بدأت طهران في يناير التخصيب حتى 20 في المائة بمنشأة فردو النووية تحت الأرض، والتي بنيت سرا لتخصيب اليورانيوم في بطن جبل ربما لتحمّل أي قصف جوي. وبمقتضى الاتفاق لا يُسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم في فردو على الإطلاق.
في نهاية يناير الماضي، زار رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، منشأة فردو للتحقق من تنفيذ قانون البرلمان، وقال حينها «نحن متقدمون في الخطة، سواء ما يتعلق بالتخصيب بنسبة 20 في المائة، أو الجدول الزمني».
وحتى يناير (كانون الثاني) لم تكن إيران تخصب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 4.5 في المائة وهو ما يفوق الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي البالغ 3.67 في المائة لكنه أقل بكثير من التخصيب بنسبة 20 في المائة التي بلغتها طهران قبل إبرام الاتفاق.
وأول من أمس، قالت إيران إنها تجري «اختبارات ميكانيكية» على أجهزة الطرد المركزي من الجيل التاسع «9 - IR»، وهي تفوق قدرتها في التخصيب 50 ضعفا، أجهزة الجيل الأول (آي آر - 1) التي يسمح الاتفاق النووي بتشغيل 5060 جهازا منها.
الى ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية، أمس، عن تأجيل محادثات كان من المقرر عقدها بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وإيران، بهدف الحصول على إجابات من طهران بشأن العثور على آثار يورانيوم غير مبررة في موقعين سريين، حسبما أفادت «رويترز».
ويضيق ذلك من فرص تحقيق تقدم في تقارب مع الغرب، أو يهدد بتقويض الخطوات التي جرى اتخاذها في هذا الشأن بين الوكالة الدولية وطهران.
ووضع الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015 حداً فعلياً لما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة المخابرات الأميركية أنه كان برنامجاً سرياً للأسلحة النووية أوقفته إيران في 2003، لكن على مدى العامين الماضيين، وجد مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية آثار يورانيوم معالج في ثلاثة مواقع لم تعلن إيران عنها من قبل، ما يشير إلى أن طهران امتلكت مواد نووية مرتبطة بأنشطة سابقة لم يُعرف عنها شيء بعد.
وتريد الوكالة الدولية للطاقة الذرية اقتفاء أثر تلك المواد لضمان عدم تحويل إيران أياً منها لصنع أسلحة نووية. وفي محاولة لتحقيق انفراجة وتجنب التصعيد بين طهران والغرب، قالت الوكالة الدولية إنها ستعقد محادثات مع إيران اعتباراً من بداية أبريل (نيسان)، بهدف تحقيق تقدم بحلول أوائل يونيو (حزيران).
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي: «تم تأجيل موعد البداية في أبريل لعدة أسابيع. قد يكون لأسبوعين على الأقل»، مضيفاً أن سبب التأجيل فني. وقال دبلوماسيان آخران أيضاً إن بدء المحادثات تأجل، وأشار أحدهما إلى أن وفد الوكالة الدولية سيكون برئاسة ماسيمو أبارو، كبير المفتشين.
ولدى سؤاله عن التأجيل، قال متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية: «تأكد موعد في أبريل». ولم يستجب مسؤولون إيرانيون بعد لطلبات للتعليق.



طهران مستعدة للتفاوض بـ«ندية» مع واشنطن

صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)
صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)
TT

طهران مستعدة للتفاوض بـ«ندية» مع واشنطن

صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)
صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)

قال نائب وزير الخارجية الإيراني، سعيد خطيب‌ زاده، السبت، إن التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة ممكن إذا أظهرت واشنطن إرادة حقيقية للتفاوض من موقع الندية.

وأضاف خطيب‌ زاده، خلال مؤتمر في اليابان، أن الصواريخ الإيرانية وسيلة لحماية السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، وليست موضوعاً للتفاوض، مؤكداً أن الوصول إلى المنشآت النووية المتضررة محدود للغاية، ويجب إيجاد آليات جديدة للتعاون، في الوقت الذي أعلنت فيه طهران استعدادها للتعاون الإيجابي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي مقابلة مع قناة «NHK» اليابانية على هامش المؤتمر، قال خطيب‌ زاده إن استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة يعتمد بالكامل على نهج واشنطن، مؤكداً: «إذا كانت لدى أميركا إرادة حقيقية للتوصل إلى اتفاق من موقع الندية، فإن ذلك ممكن».

وكانت إيران قد أخرجت برنامجها الصاروخي من قائمة الملفات المطروحة للتفاوض مع الغرب والولايات المتحدة. وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على أن بلاده مستعدة لمفاوضات نووية، من دون التطرق إلى قدراتها الصاروخية، أو مطلب «تصفير التخصيب». وقال عراقجي، إن بلاده «مستعدة لمفاوضات نووية عادلة على قاعدة الربح المتبادل».

ترمب يعرض مذكرة وقَّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

«طوارئ» إيران

في السياق نفسه، مدّد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، الأمر التنفيذي رقم «12170» المتعلق بـ«حالة الطوارئ الوطنية» بشأن إيران لمدة عام آخر، وفق ما نشرته الجريدة الرسمية الأميركية يوم الجمعة.

وجاء في بيان ترمب أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران لم تُطبّع بعد، وأن تنفيذ الاتفاقات الثنائية منذ 19 يناير (كانون الثاني) 1981 لا يزال مستمرّاً، مشيراً إلى أن التمديد يهدف إلى منع أي تهديدات جديدة من طهران قد تضر بالمصالح الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة.

ويعود الأمر التنفيذي إلى عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، بعد احتلال السفارة الأميركية بطهران في نوفمبر (تشرين الثاني) 1979، ومنذ ذلك الحين مدّده سنوياً جميع الرؤساء الأميركيين، بمن فيهم بايدن.

وكان ترمب قد أشار في تمديده السابق إلى أن سياسات إيران، بما فيها تطوير الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب الدولي وانتهاك حقوق الإنسان، تُشكل تهديدات جسيمة للأمن القومي الأميركي.

وتأتي هذه التطورات في ظل توتر شديد في العلاقات بين طهران وواشنطن، بعد فشل عدة جولات تفاوضية بين الطرفين خلال الأشهر الماضية، التي أعقبتها ضربات إسرائيلية على منشآت إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي، وتصعيد الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية والسياسية ضد طهران.

وكان ترمب قد صرّح، الخميس، الماضي خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى: «بصراحة، إيران كانت تسأل عن إمكانية رفع العقوبات عنها. هناك عقوبات أميركية شديدة مفروضة على إيران، وهذا ما يُصعّب الأمر عليها»، مضيفاً: «أنا منفتح على سماع ذلك، وسنرى ما الذي سيحدث، لكنني سأكون منفتحاً على الأمر».

وترزح طهران، المتهمة من قِبَل واشنطن والغرب بالسعي لصنع أسلحة نووية، تحت وطأة عقوبات دولية منذ سنوات، خصوصاً بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي.


إيران تشترط «الإرادة الحقيقية» لواشنطن لإبرام اتفاق «من موقع الندية»

علَم إيران (أرشيفية - رويترز)
علَم إيران (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تشترط «الإرادة الحقيقية» لواشنطن لإبرام اتفاق «من موقع الندية»

علَم إيران (أرشيفية - رويترز)
علَم إيران (أرشيفية - رويترز)

قال سعيد خطيب‌ زاده، نائب وزير الخارجية ورئيس مركز الدراسات السياسية والدولية في وزارة الخارجية الإيرانية اليوم (السبت) إنه إذا كانت لدى الولايات المتحدة إرادة حقيقية للتوصل إلى اتفاق من موقع الندية، فإن ذلك ممكن.

وأضاف خطيب زاده في كلمته بمؤتمر في اليابان أن الصواريخ الإيرانية وسيلة لحماية السيادة الوطنية ووحدة أراضي البلاد، وليست موضوعاً للتفاوض، وفق ما أفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتابع أن الوصول إلى المنشآت النووية المتضررة محدود للغاية، وأنه «يجب إيجاد آليات جديدة للتعاون والأنشطة المشتركة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى استعداد طهران للتعاون الإيجابي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي مقابلة أجراها على هامش اللقاء مع قناة «إن إتش كيه» اليابانية، أشار خطيب‌ زاده إلى أن استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة يعتمد بالكامل على نهج واشنطن، وقال: «إذا كانت لدى أميركا إرادة حقيقية للتوصل إلى اتفاق من موقع الندية، فإن ذلك ممكن».


فوز ممداني في نيويورك يثير الرعب في إسرائيل

عمدة مدينة نيويورك المنتخب الديمقراطي زهران ممداني (وسط الصورة) يتحدث خلال زيارته للمركز الإسلامي الكاريبي في سان خوان (إ.ب.أ)
عمدة مدينة نيويورك المنتخب الديمقراطي زهران ممداني (وسط الصورة) يتحدث خلال زيارته للمركز الإسلامي الكاريبي في سان خوان (إ.ب.أ)
TT

فوز ممداني في نيويورك يثير الرعب في إسرائيل

عمدة مدينة نيويورك المنتخب الديمقراطي زهران ممداني (وسط الصورة) يتحدث خلال زيارته للمركز الإسلامي الكاريبي في سان خوان (إ.ب.أ)
عمدة مدينة نيويورك المنتخب الديمقراطي زهران ممداني (وسط الصورة) يتحدث خلال زيارته للمركز الإسلامي الكاريبي في سان خوان (إ.ب.أ)

أثار انتخاب زهران ممداني عمدةً لمدينة نيويورك حالةً من الرعب في إسرائيل، حيث بدأ الناس يتقبلون فوز سياسيٍّ مدفوعٍ برسالةٍ صريحةٍ مؤيدةٍ للفلسطينيين، وهي رسالةٌ نادرةٌ في السياسة الأميركية. يخشى الإسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية أن يُنذر انتخاب ممداني -في المدينة التي تضم ثاني أكبر عددٍ من اليهود في العالم- بعلاقاتٍ أكثر جموداً مع الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل. وقد زاد دعمُ ما يقرب من ثلث الناخبين اليهود لممداني من حدة الألم. قالت هناء ييغر، وهي من سكان القدس، مُقيّمةً الأخبار في اليوم التالي للانتخابات، لوكالة «أسوشييتد برس»: «سيئٌ للغاية. بالنسبة لليهود، ولإسرائيل، وللجميع، إنه أمرٌ سيئٌ للغاية. ماذا عسانا أن نقول غير ذلك؟».

وانطلقت حملة ممداني الانتخابية من مجموعة من القضايا الاقتصادية المحلية، مثل نقص رعاية الأطفال، والسكن بأسعار معقولة. أما في إسرائيل، فإن برنامجه المؤيد للفلسطينيين هو كل ما يهم، وكان أقوى مثال حتى الآن على تغير في المواقف يُظهر تراجعاً في دعم إسرائيل بين الجمهور الأميركي، وخاصةً بين الناخبين الديمقراطيين الشباب. ويبدو أن هذا التغير قد تسارع بفعل الغضب من الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة. أعرب مسؤولو الحكومة الإسرائيلية عن غضبهم الشديد، واصفين ممداني، وهو مسلم، بأنه معادٍ للسامية، ويكره إسرائيل.

وقال محللون إن ردود فعلهم القاسية تُشير إلى مدى قلقهم من تقلبات السياسة. كتب شموئيل روزنر، المحلل في معهد «سياسة الشعب اليهودي»: «حتى في ظل وجود تركيز هائل للسلطة والمال اليهودي، والنفوذ الثقافي والسياسي اليهودي، حتى في هذا المكان، يُمكن انتخاب أميركي يحمل وصمة معاداة واضحة لإسرائيل». وتابع: «ما فعله يُثبت أن الوقوف في وجه إسرائيل قد يكون مُربحاً سياسياً، أو على الأقل غير ضار».

رد فعل الإسرائيليين على فوز ممداني

لطالما ارتبطت إسرائيل بمدينة نيويورك بعلاقة خاصة. فهي وجهة شهيرة للسياح والسياسيين الإسرائيليين، مليئة بمطاعم الكوشر (وهي التي تقدم طعاماً يلتزم بالقوانين الغذائية اليهودية)، ويقع بالولاية مقر قنصلية إسرائيلية تُركز بشدة على العلاقات مع الجالية اليهودية. وكثيراً ما يُسمع الحديث باللغة العبرية في الشوارع، ومحطات المترو، وفق وكالة «أسوشييتد برس». لكن طوال حملته الانتخابية، أثار ممداني، البالغ من العمر 34 عاماً، وهو عضو في البرلمان من أقصى اليسار، قلق الإسرائيليين بتنصله علناً من الموقف المؤيد لإسرائيل الذي يتبناه عادةً مرشحو عمدة نيويورك. وفي حين أنه يُصرّح بدعمه لحق إسرائيل في الوجود، إلا أنه يصف أي دولة أو تسلسل هرمي اجتماعي يُفضّل اليهود على غيرهم بأنه يتعارض مع إيمانه بحقوق الإنسان العالمية. هذا تصريحٌ يراه كثيرٌ من الإسرائيليين بمثابة «الإهانة». وقد شكَّلت هذه الرؤية اختباراً لمُثُل إسرائيل الديمقراطية؛ إذ يعاني المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل من التمييز بشكلٍ متكرر، ويعيش ملايين الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.

كما وصف ممداني الحرب في غزة بالإبادة الجماعية، وهي تهمةٌ تنفيها الحكومة الإسرائيلية. وقد تعهَّد باعتقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إذا وطأت قدماه المدينة، ولمح إلى أنه قد يقطع علاقاته مع الصناعة والأوساط الأكاديمية الإسرائيلية بسبب الحرب المدمرة في غزة. أثارت هذه الآراء اتهامات بمعاداة السامية من قبل الجماعات اليهودية السائدة، ومناصري إسرائيل. ومع ذلك، التزم ممداني مراراً وتكراراً بمكافحة معاداة السامية، وكوّن تحالفات قوية مع قادة يهود من (يسار الوسط). وقد أظهر استطلاع رأي الناخبين لوكالة «أسوشييتد برس» فوزه بنحو 30 في المائة من أصوات اليهود.

وفي المراسم الاحتفالية مساء الثلاثاء، قال ممداني: «سنبني مبنى بلدية يقف بثبات إلى جانب يهود نيويورك، ولا يتردد في مكافحة آفة معاداة السامية». وسمع الإسرائيليون الذين تابعوا صباح الأربعاء إذاعة الجيش الشهيرة في البلاد أثناء تنقلاتهم الصباحية إدانات -ومخاوف- مرتبطة بفوز ممداني. وتوقع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أن «شعور الجالية اليهودية في نيويورك بالأمن» قد يتضرر من تولي ممداني منصب عمدة المدينة، نظراً لسيطرته على شرطة المدينة.

عمدة مدينة نيويورك المنتخب الديمقراطي زهران ممداني (وسط الصورة) خلال صلاة الجمعة أثناء زيارته للمركز الإسلامي الكاريبي في سان خوان (إ.ب.أ)

ونشر وزير الشتات ومكافحة معاداة السامية في إسرائيل عميخاي شيكلي، العضو في حزب «الليكود» القومي بزعامة نتنياهو، سيلاً من الرسوم التوضيحية المعادية لممداني على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك صورة أُعيد نشرها لبرجي مركز التجارة العالمي وهما مشتعلان بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، مع تعليق «نيويورك نسيت بالفعل». كما شجع شيكلي يهود نيويورك على الانتقال إلى إسرائيل. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: «المدينة التي كانت رمزاً للحرية العالمية سلمت مفاتيحها لأحد مؤيدي (حماس)». عكس هذا الخطاب المتطرف خوفاً عميقاً في إسرائيل من أن السياسة الأميركية تتجه نحو اتجاه جديد. وقالت ميراف زونسزين، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية: «لفترة طويلة جداً، هيمن السياسيون المؤيدون لإسرائيل، والآراء المؤيدة لها، على السياسة الداخلية الأميركية. وإلى حد كبير، لا يزالون كذلك. إن فوز ممداني يمثل أن اليهود الأميركيين، وخاصة الجيل الأصغر سناً، يتغيرون ولم يعد هناك احتكار للسياسات المؤيدة لإسرائيل في السياسة الأميركية المحلية».

الفلسطينيون يحتفلون بفوز ممداني

وقال السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي: «إن انتخاب السيد ممداني أمرٌ مُلهمٌ حقاً. إنه يعكس انتفاضةً كبيرةً بين جيل الشباب في الولايات المتحدة، بمن فيهم جيل الشباب اليهود، ضد الظلم السياسي والاجتماعي». وأضاف: «كما يُظهر أن القضية الفلسطينية أصبحت قضيةً انتخابيةً داخليةً في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية».