«حوار غير مباشر» بين دمشق وبروكسل حول شروط «التطبيع»

وزير الخارجية السوري بعث برسالة خطّية إلى وزراء أوروبيين لـ«الحيلولة دون إجراءات جديدة»

مفوض الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل في مؤتمر بروكسل 30 الشهر الماضي (رويترز)
مفوض الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل في مؤتمر بروكسل 30 الشهر الماضي (رويترز)
TT

«حوار غير مباشر» بين دمشق وبروكسل حول شروط «التطبيع»

مفوض الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل في مؤتمر بروكسل 30 الشهر الماضي (رويترز)
مفوض الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل في مؤتمر بروكسل 30 الشهر الماضي (رويترز)

لم يردّ وزراء الخارجية في عدد من الدول الأوروبية على رسالة خطّية غير علنية، بعث بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، تضمنت المطالبة بـ«فتح حوار» مع دمشق و«الحيلولة دون اتخاذ أي مواقف جديدة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي».
لكن الرد غير المباشر جاء من مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، الذي قال في مدونته، إنه إذا «اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، سنستجيب جميعاً»؛ بهدف الوصول إلى «سوريا الجديدة»، مضيفاً: «لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا». وساهم هذا «الرد القاطع» من بوريل، والوحدة في الموقف الأوروبي في تريث المقداد في الاستمرار بمطالبة الأوروبيين بفتح الحوار، والسعي إلى فتح شقوق في جدار الموقف الأوروبي.

«الإرهاب عدو مشترك»
في منتصف الشهر الماضي، بعث المقداد برسالة خطّية إلى عدد من وزراء الخارجية في عدد من الدول الأوروبية بينها النمسا ورومانيا وإيطاليا واليونان، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها. وتضمنت رسالة المقداد، الذي تسلم منصبه خلفاً لوليد المعلم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضاً عاماً للأوضاع في السنوات الماضية، حيث «سادت الفوضى وعدم الاستقرار في عدد من البلدان، ومن أبرز الأسباب التي أسفرت عن ذلك كان ظهور ثم انتشار ظاهرة الإرهاب التي خيّمت بأجواء قاتمة على سوريا مع عدد من البلدان الأوروبية، فضلاً عن عدد من بلدان أخرى حول العالم. تلك الظاهرة التي أسهمت في فقدان كثير من أرواح الأبرياء». كما أشار إلى مخاطر «التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، سواء كان ذلك بالتدخلات العسكرية المباشرة أو عن طريق ما يُعرف إعلامياً بالقوة الناعمة، بُغية فرض أجندات سياسية معينة مع تحقيق مصالح ضيقة وربما آنيّة، تبعد كل البعد عن مصالح وتطلعات الشعوب، وبأسلوب يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية، ولأحكام القانون الدولي، وكذلك لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة».
ثم انتقل المقداد للحديث عن الوضع السوري، قائلاً: إن «سوريا، كانت بين أكثر البلدان تضرراً في المنطقة جراء تلك التفاعلات والتدخلات سالفة الذكر، لا سيما من واقع الأعمال الإرهابية العنيفة ذات الدعم المباشر من جهات خارجية. ولا يمكن لسطور هذه الرسالة الموجزة أن تفسر على نحو كامل مدى الآلام والمعاناة والمآسي التي لحقت بالشعب السوري، ولا الدمار الرهيب الذي ألمّ ببلادنا جراء ذلك»، قبل أن يخاطب كل وزير أوروبي بضرورة العمل على الإفادة من «دروس السنوات القاسية» للعمل على «عدم السماح مستقبلاً باستمرار السياسات الخاطئة التي يتبناها بعض الحكومات المعروفة».
عليه، دعا المقداد إلى «ضرورة تعزيز لغة الحوار والتفاهم فيما بيننا، على أسس الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، ومحاربة الإرهاب، بما قد يسهم في تحقيق التطلعات المشتركة، ثم الوصول إلى مستوى الأمن والاستقرار المنشود لدينا جميعاً» ذلك بعيداً عن سياسات «الحكومات الرامية إلى مواصلة التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية مع فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري»، لافتاً إلى أن «التصريحات الملفّقة الصادرة في الآونة الأخيرة عن بعض المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي لن تخدم المصالح المشتركة لبلداننا في شيء (...) وستسهم في إطالة أمد الأزمة في سوريا».
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على نحو 350 فرداً وكياناً سورياً. ومن المتوقع أن يمدد في مايو (أيار) المقبل العقوبات الدورية على دمشق، حيث لا يزال ملتزماً خلاصة المجلس الوزاري التي تربط المساهمة في إعمار سوريا بـ«تقدم جوهري في العملية السياسية لتطبيق القرار 2254».
ودعا المقداد الدول «الوسطية» مثل اليونان وقبرص ورومانيا والتشيك وهنغاريا وإيطاليا، إلى «الحيلولة دون اتخاذ أي مواقف جديدة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي» التي عدّها عائقاً أمام «الحوار المنشود (...) والعودة الطوعية والآمنة للاجئين، في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والقانون الإنساني الدولي». وزاد أن الحكومة السورية «قد بذلت، وتواصل بذل قصارى جهدها من أجل الوصول إلى حل للأزمة السورية، ذلك الذي يحقق تطلعات الشعب السوري الحقيقية ضمن الاحترام الكامل لسيادته الوطنية».
وكان المبعوث الأممي غير بيدرسن قد رفض مقترحاً أوروبياً لتحميل دمشق مسؤولية عدم التقدم في عمل اللجنة الدستورية، في البيان الختامي لمؤتمر المانحين في بروكسل في 30 الشهر الماضي.
وجاءت رسالة وزير الخارجية السوري قبل مؤتمر بروكسل. وقال دبلوماسي أوروبي لـ«الشرق الأوسط» إن المقداد «أراد أن يدق إسفيناً بين الدول الأوروبية لاختبار مدى وحدة الموقف»، لافتاً إلى أنه «على الأغلب لم يكن يتوقع رداً من وزراء الخارجية على رسالته».

«ثلاث لاءات» أوروبية
من جهته، كتب بوريل مقالاً بمثابة الرد على المقداد قال فيه: «ندرك جميعاً حجم الدمار الذي تعاني منه سوريا ومدى المعاناة التي كابدها الشعب السوري، ولا يزال في كل يوم منذ عشر سنوات. لقد صارت سوريا مرادفاً ملازماً للموت، والخراب، والدمار، فضلاً عن أكبر حركة هجرة بشرية يشهدها القرن الحادي والعشرون حتى الآن»، لافتاً إلى بعض الأرقام بينها «400 ألف قتيل، واختفاء نحو 100 ألف شخص آخرين. ونعلم جيداً أن الاقتصاد السوري في حالة من السقوط المدوي السريع. ويعيش أكثر من 90% من المواطنين السوريين تحت خط الفقر المدقع راهناً. كما يواجه أكثر من 13 مليون مواطن سوري –أي ما يقارب نسبة 60% من إجمالي سكان البلاد ونصفهم من الأطفال– انعداماً شديداً في الأمن الغذائي مع احتياجاتهم الملحّة للحصول على المساعدات الإنسانية العاجلة. وهذا، مع فرار أكثر من 12 مليون مواطن سوري من بلادهم، مع الآلاف الآخرين منهم الذين يعيشون في مخيمات العراء في شمال البلاد».
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي منح 560 مليون يورو، وهو المبلغ نفسه الذي تعهد به الاتحاد الأوروبي في مؤتمر العام الماضي، يضاف إلى 25 مليار يورو قيمة المنح المالية التي أقرها الاتحاد الأوروبي منذ بداية الأزمة السورية، و«استطعنا من خلال ذلك المؤتمر، الذي ضم أكثر من 85 مندوباً وممثلاً عن أكثر من 55 دولة وأكثر من 25 منظمة دولية، أن نؤمّن ما يوازي 5.3 مليار يورو من إجمالي التعهدات بالمنح المالية الجديدة بصفة مشتركة».
وقال المفوض بوريل: «مصالحنا كأوروبيين بسيطة للغاية، وهي تتسق مع ما يريده المواطنون السوريون أيضاً: نريد لسوريا أن تعاود الوقوف على أقدامها كدولة جوار آمنة ومستقرة (...) اتفقت الأطراف الدولية والأطراف الأخرى المعنية بالأزمة السورية على ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد مع إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة تحت رعاية وإشراف منظمة الأمم المتحدة بموجب 2254». وزاد: «سوريا تحتاج إلى تغيير المسار الراهن (...) ويقع على عاتق النظام السوري الحاكم مسؤولية كبرى في اتخاذ الخطوات المهمة والمنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وإذا ما اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، سنستجيب جميعاً لذلك. وحتى بلوغ هذه اللحظة، سوف نواصل ممارسة الضغوط على الصُّعد كافة. لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا». وقال دبلوماسي إن هذه الشروط هي «لاءات أوروبية ثلاث».
وردّت الخارجية السورية على بيان مؤتمر بروكسل بوصفها ما صدر عنه بأنه «غير شرعي». وقالت الخارجية في رسالة وجهتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، إن «الجمهورية العربية السورية تعرب عن استهجانها لانعقاد هذا المؤتمر وللمرة الخامسة دون دعوة الحكومة السورية»، علماً بأن روسيا شاركت في المؤتمر ووجّهت الانتقاد نفسه بسبب عدم تمثيل دمشق.



«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.