«برلمان» الانقلاب الحوثي يسقط عضوية 44 نائباً من الشرعية

TT

«برلمان» الانقلاب الحوثي يسقط عضوية 44 نائباً من الشرعية

عادت الميليشيات الحوثية مجدداً، عبر «مجلس نوابها» غير الشرعي في صنعاء، إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات التعسفية غير الدستورية بحق من تبقى من أعضاء البرلمان ممن يعيشون خارج نطاق سيطرتها، بحجة أنهم مناهضون لانقلابها وجرائمها المتكررة بحق اليمنيين.
وأقدمت الجماعة هذا الأسبوع على إجبار عدد من النواب الموالين لها على الاجتماع، بمن فيهم «نواب» غير شرعيين كانت عقدت لتنصيبهم انتخابات تكميلية لملء مقاعد المتوفين، وطلبت منهم إسقاط عضوية 44 برلمانياً من الأعضاء الموالين للحكومة الشرعية المناهضين لمشروع الجماعة.
وأفادت مصادر برلمانية في صنعاء بأن الخطوة الحوثية غير القانونية التي لا يترتب عليها أي أثر دستوري أو قانوني جاءت عقب توجيهات صدرت من رئيس مجلس حكم الانقلاب المدعو مهدي المشاط للقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» يحيى الراعي المُنصّب رئيساً لبرلمان الجماعة غير الشرعي.
وتسعى الميليشيات الحوثية، بحسب المصادر البرلمانية، من وراء إجراءاتها إلى ملء مقاعد الأعضاء الذين زعمت إسقاط عضويتهم بأشخاص موالين لها من سلالة زعيمها. وتقول المصادر إن توجيهات المشاط للراعي جاءت عطفاً على رسالة السلطة القضائية الخاضعة هي الأخرى للجماعة التي اتخذت في وقت سابق حكمين غير دستوريين بإسقاط العضوية عن الأعضاء الموالين للشرعية.
وعلى الصعيد ذاته، واجهت الخطوات غير القانونية التي اتخذها برلمان الجماعة الانقلابية في صنعاء بحق عشرات الأعضاء سخطاً برلمانياً ومجتمعياً واسعاً، حتى من أوساط النواب الخاضعين لها، إذ عد عدد من البرلمانيين القابعين تحت سيطرتها أن الخطوة الحوثية الأخيرة تأتي استكمالاً لجرائم الجماعة السابقة بحق من تبقى من أعضاء المجلس الموجودين خارج مناطق سيطرتها.
وسبق أن قامت الجماعة، أواخر العام قبل الماضي، بسحب الحصانة من 35 عضواً برلمانياً مناهضاً لها، وإحالتهم للمحاكمة، ومصادرة ممتلكاتهم، على خلفية انعقاد برلمان الشرعية قبل عامين في مدينة سيئون. كما أقدمت على رفع الحصانة عن 12 برلمانياً مناهضين لها في منتصف العام الماضي.
وفي تعليقه على الموضوع، عد النائب عن صنعاء أحمد سيف حاشد، المعروف بمناهضته للجماعة، أن ما تم اتخاذه من قرارات أخيرة بحق عشرات النواب مخالفة صريحة للدستور والقانون. وأشار إلى أن جلسة الانعقاد غير الدستورية لإسقاط عضوية برلمانيين منتخبين كانت غير مكتملة النصاب القانوني للانعقاد، كون النصاب الذي يحتاج إليه المجلس للانعقاد الصحيح يحتاج أكثر من 120 عضواً، وليس 90 عضواً، بينهم 25 تم تعيينهم مؤخراً من قبل الجماعة بطريقة غير قانونية.
وذكر حاشد، في سلسلة تغريدات، أن مثل تلك القرارات الخاصة بإسقاط عضوية تحتاج إلى أغلبية خاصة، وليس أن تقدم الأقلية على إسقاط عضوية الأغلبية. وقال إن «سلطة الحوثيين في صنعاء لا تريد العمل بالدستور ولا القانون، فقط تريد التعامل مع هذه المضامين بانتقائية؛ تأخذ منها ما تريد وتترك ما لا تريد».
وأبدى استغرابه من دعوة الجماعة، عبر هيئة المجلس التابع لها، للأعضاء (بعضهم تم تعيينهم من قبل قيادات حوثية، بصفتهم أعضاء غير منتخبين) إلى حضور اجتماع طارئ لمناقشة ما سماه «إسقاط العضوية». وتساءل: «لماذا لا ينعقد المجلس في صنعاء (غير معترف به) بهذا الشكل الطارئ لمناقشة كيفية صرف مرتبات الموظفين التي تم قطعها، بدلاً من إسقاط العضوية؟».
وكان النائب في «برلمان» صنعاء غير الشرعي، عبده بشر، قد تحدث هو الآخر، في منشورات سابقة له عبر حسابه على منصات التواصل، عن أن المجلس كان قد رفع جلساته الأسبوع الماضي إلى ما بعد عيد الفطر، وفق ما سماها اللائحة، لكنه تفاجأ مع كثير من الأعضاء بدعوتهم من قبل الهيئة الحوثية إلى حضور اجتماع طارئ.
وقال بشر إن توقعاته عقب تلك الدعوة كانت ترجح أن الاجتماع سيناقش مواضيع عاجلة، تلامس قضايا وهموم ومعاناة ملايين اليمنيين، مثل الارتفاع الجنوني للأسعار، وصرف المرتبات، وإطلاق المعتقلين، وإيقاف الجبايات خارج إطار القانون، ورفع الظلم عن اليمنيين، وإقرار إيقاف سفك الدماء ووقف الاقتتال. وعبر عن خيبة أمل بالغة حيال تفاجئه، وعدد من زملائه، بأن سبب الدعوة الحوثية لذلك الاجتماع العاجل كان من أجل شرعنة إجراءات غير دستورية.
وكانت تقارير محلية قد اتهمت في أوقات سابقة الجماعة، وكيل إيران في اليمن، بمواصلة تسخير ما تبقى من البرلمان القابع تحت سيطرتها في صنعاء لخدمة أجنداتها ومشاريعها، وشرعنة قراراتها، وتحقيق أهدافها الانقلابية.
وخلال السنوات الماضية، أصدرت الميليشيات قرارات عبر جهازها القضائي غير الشرعي، قضت بإعدام العشرات من النواب والسياسيين والناشطين المناهضين لانقلابها، ومصادرة جميع أموال وممتلكات المحكوم عليهم بالإعدام العقارية والمنقولة، وتوريدها إلى خزينة الجماعة.
وفي أغسطس (آب) الماضي، كان البرلمان العربي قد أكد «رفضه القاطع لاستمرار ميليشيا الحوثي الانقلابية في القيام بالممارسات الإجرامية والأعمال الإرهابية والانتهاكات الجسيمة بحق نواب الشعب اليمني، وإجراء المحاكمات الصورية غير الدستورية وغير القانونية، وإصدار أحكام بالإعدام ضد هؤلاء النواب والصحافيين والسياسيين، وكل من يقف ضد ممارساتها الإرهابية»، معتبراً أن الجماعة تضع «العوائق والعراقيل كافة في طريق السلام الذي ينشده الشعب اليمني، وتتحدى الجهود الأممية الرامية للوصول إلى سلام دائم».
وحينها، وعدت رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، غابرييلا كويفاس بارون، بالتصدي للانتهاكات الحوثية ضد أعضاء البرلمان اليمني، بحسب ما جاء في رسالة وجهتها إلى رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني. وأشارت إلى «إحالة قضايا الانتهاكات بحق البرلمانيين اليمنيين إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد البرلماني الدولي»، مؤكدة أنه «سيتم تكليف الأمين العام للاتحاد بمتابعة القضية، وفقاً للنظام الأساسي للاتحاد، والقرارات التي اتخذتها هيئة الاتحاد».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».