أجواء رمضان الفولكلورية تفرض حضورها في القاهرة

مصريون ينشرون بهجة الزينة والفوانيس

الزينة في شوارع القاهرة على الرغم من مخاوف «كورونا» (الشرق الأوسط)
الزينة في شوارع القاهرة على الرغم من مخاوف «كورونا» (الشرق الأوسط)
TT

أجواء رمضان الفولكلورية تفرض حضورها في القاهرة

الزينة في شوارع القاهرة على الرغم من مخاوف «كورونا» (الشرق الأوسط)
الزينة في شوارع القاهرة على الرغم من مخاوف «كورونا» (الشرق الأوسط)

تشهد شوارع القاهرة حالة معتادة من الزحام الشديد قبل أيام من استقبال شهر رمضان، وفي شوارع حي شُبرا اختلطت مشاهد الزحام بالبهجة، بعد أن دأب سكانها في إشاعة روح مختلفة هذا العام لاستقبال شهر رمضان المبارك، بعد أن حرمتهم جائحة كورونا في العام الماضي من ممارسة طقوسهم المعتادة لاستقبال الشهر الفضيل.
ومع ما يشتهر به الحي العتيق من تواجد نسبة كبيرة من المصريين المسيحيين تقطنه، والذين يعيشون في تلاحم مع إخوانهم المسلمين منذ عشرات السنين؛ تزينت واجهات العديد من المحال في الحي العتيق بزينة رمضان الملونة وفوانيس رمضان، وعدد آخر من الإكسسوارات المرتبطة لدى المصريين بالشهر المبارك، كما يشهد الحي هذا العام تنفيذ مجسّم كبير الحجم لهلال يحتوي الصليب، في إشارة إلى النسيج الاجتماعي المتلاحم الذي يميز حي شبرا عن غيره.
في حين تنتشر الأنوار المتلألئة المُعلقة بطول وعرض الشوارع وعلى البنايات احتفالاً بقدوم الشهر. أما اللافت، فهو أن كثيراً من هذه الزينات والأنوار عُلقت بأيدي المسيحيين، الذين يحاولون مشاركة بهجة استقبال شهر الصيام، وهو الأمر الذي راق لكثير من المصريين الذين قصدوا حي شبرا هذه الأيام، سواء لشراء الفوانيس أو التمتع بمشاهدة زينة رمضان، التي يحاولون بها إعادة طقوس الشهر وما يصحبه من عادات متوارثة منذ القِدم، وكمحاولة لتجاهل مخاوفهم وقلقهم من «كورونا».
«من يريد أن يرى مصر عليه أن يأتي إلى حي شبرا»، هكذا يقول أمير غطاس، المسيحي الديانة، مُنفذ أكبر فانوس ديكوري يأخذ مكانه في شارع «الترعة»، أحد أشهر شوارع حي شبرا، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن نفذت أكبر شجرة كريسماس في مصر خلال الاحتفال برأس السنة الميلادية 2021، قررت مع حلول شهر رمضان أن أنفذ أكبر فانوس في مصر، حيث يبلغ ارتفاعه 17 متراً، وعرض قاعدته 6 أمتار، والهدف من ذلك هو بث حالة من السعادة والفرحة بين الجميع سواء مسلمين أو مسيحيين، وبالفعل هو ما حدث، حيث يجتذب الفانوس قاطني الحي، وغيره من الأحياء، الذين راقت لهم الفكرة».
ويشير غطاس إلى أنه رغم عمله في تجارة ملابس الكهنوت، فإنه قرر هذا العام أن يقيم أكبر «شادر» في شبرا لبيع الفوانيس، لافتاً إلى أنّه يحاول إعادة طقوس شهر رمضان بعد أن غابت العام الماضي بسبب فيروس كورونا، وكمحاولة لتلبية رغبات شراء واقتناء الفانوس، متابعاً «ما نعرضه من فوانيس تجد إقبالاً كبيراً من المصريين، ولا فارق في ذلك بين مسلم ومسيحي، فالجميع يحرص على شراء الفانوس، ووجدنا ردود فعل إيجابية للغاية رغم أننا نبيعه لأول مرة».
أمام عدد كبير من الفوانيس مختلفة الأحجام والأشكال والأنواع، يقول بائعها عادل نجيب «نعرض الأنواع التقليدية من الفوانيس، وكذلك الأنواع الحديثة، وكلاهما عليه طلبات كبيرة للشراء، فالنوع المستورد من الصين أو فوانيس الألعاب المتحركة يجد إقبالاً، خاصة من الأطفال صغار السن، أما الأنواع التقليدية المصنوعة من الزجاج وصفائح النحاس والصاج – التي تربينا عليها - عليه أيضاً إقبال كبير، خصوصاً من كبار السن».
ويعرب نجيب عن سعادته بالإقبال على شراء الفوانيس، وعودة أجواء رمضان هذا العام بعد تواريها السنة الماضية، لافتاً إلى أنّ أكثر ما يسعده هو أن زبائنه من المسلمين والمسيحيين، قائلاً «يحضر العشرات يومياً للشراء، ولا أستطيع أن أميز ديانة أحدهم... فهكذا هي شبرا دائماً المسيحي مثل المسلم».
تمتد حالة البهجة بقدوم شهر رمضان إلى أحياء أخرى بالقاهرة، حيث تتغير ملامح الميادين والشوارع من خلال الزينة والديكورات والفوانيس، إلى جانب إقامة الشوادر والخيام التي تتراص بداخلها البضائع المختلفة والسلع الرمضانية التي ترتبط بالشهر الفضيل، وعلى رأسها التمور، والياميش (المكسرات والفواكه المجففة)، والتي تسمع في خلفياتها صوت أغنية «رمضان جانا» الشهيرة.
ورغم مشاعر التخوف من جائحة كورونا، فإن هذه الشوادر والخيام حافظت على تواجدها هذا العام أمام الفيروس، حيث يقصدها الآلاف خلال هذه الأيام السابقة لشهر رمضان بهدف التسوق، بما يلبي احتياجاتهم خلال الشهر، في ظل ارتفاع معدلات الاستهلاك خلاله عن بقية أشهر السنة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
TT

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)
معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

وسط ازدياد أعداد الوافدين إلى مقرّ «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» بنسخته الثانية في العاصمة السعودية، بتنظيم من «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر»، في منطقة «كوب 16» بالرياض، رصدت «الشرق الأوسط» جوانب لافتة حول تصميم مقرّ المعرض وإنشائه.

بدخول الزوّار المنطقة المركزية، يجدون أنفسهم في قلب الحدث. وكشف «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر»، لـ«الشرق الأوسط» عن أنّ المعرض يقدّم رؤيته للمستقبل المستدام من خلال مجموعة متنوّعة من الأنشطة والجلسات ومناطق الجذب؛ فتمثّل المنطقة المركزية قلبَه، إذ تُشكِّل نقطة الانطلاق والتواصل مع المناطق الأربع المحيطة، مما يسمح للزوار بالتعرُّف إلى كيفية تضافر الجهود المختلفة لتحقيق الاستدامة.

جانب من التقنيات ضمن المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

قلب النبتة وبتلاتها

وتُمثّل المنطقة المركزية في المعرض «قلب النبتة»؛ وهي المحور الرئيس الذي يمدُّ جميع المناطق المحيطة بالأفكار والموارد اللازمة. تحتوي هذه المنطقة على المعرض وجناح المركز، حيث تُعرض الرؤية الشاملة لمستقبل مستدامٍ ومكافحة التصحّر.

ولاحظت «الشرق الأوسط» خلال جولتها في أجنحة المعرض، انقسامه إلى 4 مناطق تُمثّل «بتلات النبتة»، إذ تجسِّد كل منطقة شريكاً من شركاء المركز في رحلتهم نحو بناء مستقبل مستدام.

استعراض عدد من الأرقام المهمّة (تصوير: تركي العقيلي)

وشرح القائمون على «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير»، تلك المناطق كالآتي:

«صون الطبيعة»؛ وهي مخصّصة لعرض جهود حماية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر، و«واحة التشجير» المُرتكزة على أهمية المشاتل والمتنزهات في تعزيز الغطاء النباتي ودورها في الحفاظ على التنوّع البيولوجي.

شاشات عرض متعدّدة داخل المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

أما الثالثة، «منطقة المستقبل والابتكار»، فتتضمّن عرضاً لأحدث الابتكارات والتقنيات التي تقدّم حلولاً عملية للتحدّيات البيئية، إلى جانب «منطقة النماء المستدام» المُرتكزة على أهم الطرق والأساليب المستدامة لإنماء الطبيعة من خلال بناء شراكات وتوفير فرص استثمارية وجهات داعمة لتنمية الغطاء النباتي.

استدامة من التصميم إلى الإنشاء

وأكد «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر» حرص المعرض على استخدام مواد مستدامة وصديقة للبيئة في جميع جوانب التصميم والإنشاء، بما فيها مناطق الجلوس والديكورات، والأثاث، بهدف تقليل البصمة الكربونية وتعزيز أهمية الاستدامة البيئية.

شاشة تستعرض المتنزهات الجيولوجية (تصوير: تركي العقيلي)

ومن المواد المستخدمة في التصميم والإنشاء، مادة «الإكريليك» المعروفة باسم «البليكسيغلاس» أو «صفائح البليكسيغلاس»، وهي متعدّدة الاستخدامات وصديقة للبيئة ومثالية لمجموعة واسعة من المشروعات. وأوضح المسؤولون أنَّ مَن يبحث عن إنشاء قطعة ديكور منزلية، أو قطعة أثاث مخصّصة، أو ميزة معمارية فريدة، فإنّ صفائح «الإكريليك» توفِّر فوائد عدَّة تجعلها الخيار الأمثل لأي مشروع.

وثانياً «الألمنيوم» الذي يُعدّ من أكثر المعادن الصديقة للبيئة. وثالثاً خشب «شيبورد» وهو لوح حُبيبي أو منتج خشبي هندسي يُضغَط من رقائق الخشب ويُستَخدم على هيئة رقائق خشب مُشكَّلة، أي مُعاد تدويرها. وأوضح المعرض أنه باستخدام هذه الأخشاب، «نعمل على تقليل الطلب على الأخشاب المقطوعة حديثاً، مما يساعد في الحفاظ على الغابات ونُظمها البيئية».

اهتمام من زوّار دوليّين بمشاهدة تقنية سلّة المهملات الذكية (تصوير: تركي العقيلي)

وأخيراً «الدهانات المائية صديقة البيئة»، المتميّزة بأنها طلاءات ذات أساس مائي. ورغم ذلك، فإنّ هذا الأساس المائي ليس كافياً لتكون صديقة للبيئة، فيؤكد المعرض ضرورة تجنُّب استخدام المركّبات العضوية المتطايرة وشبه المتطايرة في الطلاءات لتأثيرها السلبي في الصحة، ولتوفير نوعية ممتازة من الهواء في الأماكن المغلقة.

الشجرة التفاعلية تتحدّث إلى أحد الزوّار (تصوير: تركي العقيلي)

ويقدّم المعرض أيضاً فرصة فريدة لاستعراض جهود «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر» عبر 14 تقنية منتشرة في أرجائه، منها: «تقنية خريطة تأثير المركز» التي تُبرز جهوده عبر تسليط «بروجكتور» على خريطة البلاد لتُقسَّم تلك الجهود إلى 7 قوائم رئيسية؛ وعند اختيار قائمة، تُحدَّد المنطقة وتُعرَض الجهود فيها على شكل جداول.

فمن خلال «هولوغرام» نَظم المعلومات الجغرافية، والاستعراض التفاعلي للمنتزهات الجيولوجية، وشاشة بحجم يتجاوز المترين، تُعرَض جميع بيانات إدارة الفرص والاستثمارات.

جانب من التقنيات الـ14 في المعرض (تصوير: تركي العقيلي)

وضمن التقنيات، برزت شاشة بحجم 9 أمتار، متخصّصة في إدارة الرصد والحماية، فكشف المركز لـ«الشرق الأوسط» عن رصد الإدارة العامة للرقابة والحماية 2752 مخالفة بيئية خلال عام 2024، مضيفاً أنّ الإدارة العامة للرقابة والحماية تُعنى بالمحافظة على الغطاء النباتي من خلال تسيير دوريات الحماية الخاصة بالمركز وأعمال الرقابة الجوّية باستخدام الطائرات المسيَّرة للمحافظة على سلامة الغطاء النباتي في المتنزهات والغابات والأراضي والمراعي؛ مع نشر أكثر من 600 مراقب بيئي للحدّ من المخالفات وضبط المُخالفين.

عرض ثلاثيّ البُعد (تصوير: تركي العقيلي)

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر، تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

كذلك تتعدّد التقنيات لتشمل غرفة التنوّع النباتي، بالإضافة إلى جولة تفاعلية للمتنزهات الوطنية، عبر «هولوغرام» مع شاشة جانبية تعرض صوراً ثلاثية البُعد لمستقبل هذه المتنزّهات.

من وسائل الرصد والحماية في المركز (تصوير: تركي العقيلي)

ذلك بالإضافة إلى مؤشِّر التنوّع البيئي، وجهاز الرخص والتراخيص، وشاشة خطّ الإنجازات، وسلّة المهملات الذكية، وتقنية الواقع المعزِّز أمام كل شجرة لكشف تفاصيل تتعلّق بها وببيئتها ومواقعها والجهود المبذولة بشأنها.

وأخيراً مُساعد الذكاء الاصطناعي الذي يتفاعل مع الزوّار بطرح الأسئلة والتحدُّث معهم حول موضوعات التصحُّر والتشجير في السعودية.