في وقت أكد فيه خبراء عقاريون أن القرارات الأخيرة المتعلقة بتطوير القطاع ستجعل من العام الحالي عاماً لجذب الاستثمار وزيادة نمو أعماله وسط وفرة مشروعات القطاعين العام والخاص في البلاد، أكدت الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ممثلة في لجنة التشريعات وبيئة الأعمال المنبثقة عن اللجنة العقارية، وبالتعاون مع «مركز خدمات المطورين العقاريين (إتمام)»، أمس، تعزيز الاستراتيجية التشغيلية والتقنية للتطوير العقاري، خلال ورشة عمل من بعد بعنوان: «خدمات التطوير العقاري... رؤية مستقبلية».
وشددت ورشة العمل التي شارك فيها عدد من المسؤولين وأعضاء من اللجنة العقارية، على محاور «تتطلبها الفرص والتطلعات في خدمات التطوير العقاري، لا سيما تحديات التطوير العقاري الاستراتيجية والتشغيلية والتقنية، والتطلعات والرؤية المستقبلية لقطاع التطوير العقاري».
وأوضح المهندس عبد الوهاب القحطاني مدير مركز «إتمام»؛ من مبادرات وزارة الإسكان، أن «(المركز) يهدف للتعاون وإلى تيسير حصول المواطن على السكن الملائم، مستفيداً من حقيبة خدمات متنوعة لقطاع التطوير العقاري»، مشيراً إلى أن «المطور قد لا يرى منها إلا خدمات قليلة نسبة للاحتياج العالي لها، إلا إن الخدمات الأخرى لا تقل أهمية عنها»، مشدداً على أن «القنوات المالية للمشاريع العقارية ربما تكون غائبة بوصفها أهم تحد يواجه المطور العقاري».
إشكالية التأخير
من جهته، لفت رئيس «لجنة التشريعات وبيئة الأعمال» المنبثقة عن «اللجنة العقارية»، عبد العزيز بن هلال، إلى إشكالية التأخير في اعتماد المخططات والاعتمادات اللازمة، بما في ذلك موضوع تحويل استعمالات الصكوك في القطاع السكني أو الصناعي أو الزراعي وجميع ما يخص تحويل استعمالات الأراضي.
بيد أن القحطاني أكد أن الخدمات مستهدفة من قبل «إتمام»، وأن العمل جار لدراستها ولحلها في أقرب وقت، في وقت تساءل فيه عضو اللجنة العقارية، الدكتور تركي اليحيى، عن «اعتماد المخططات بالمسارات الثلاثة، وما إذا كان المطور العقاري قد أنجز مرحلة من مراحل التطوير ولكنه لم ينضم إلى المسارات الثلاثة»، وهنا أوضح القحطاني أن «اعتماد المخططات بالمسارات الثلاثة خاص بالمخططات السكنية، وجار العمل لتشمل المخططات الصناعية».
المستفيد الأعظم
من جانب آخر، توقع عقاريون أن يشهد قطاع العقار السعودي نشاطاً حيوياً العام الحالي، حيث توقع المهندس عبد المنعم محمد مراد، رئيس مجلس إدارة «شركة ركز الدولية للاستثمارات العقارية»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «يشهد الاستثمار العقاري نشاطاً ملموساً العام الحالي، وسط تواصل تطوير أدواته في إطار (رؤية المملكة)».
وأضاف: «ملفات (الرؤية السعودية) دون أي استثناء توجه المستثمرين المحليين والدوليين إلى زيادة في رفع مستوى رأس المال العامل والاستثماري المتلاحق... من ضمن تلك البنود الاستثمارية الاستثمار العقاري»، مشيراً إلى أن «الملموس في الوقت الراهن هو بدء نمو جميع أنشطة العقار واستثمارها، تزامناً مع تطوير الأنظمة والتشريعات».
ووفق المهندس مراد، فـ«تلك القرارات والتشريعات توجه إلى (رؤية 2030) الدافعة لتحفيز رأس المال للمستثمرين المحليين والدوليين، مما يدعم تحقيق إضافة إيجابية منتظرة للمستثمر العقاري».
عودة الثقة
من جهته، يعتقد عبد الله المليحي، عضو مجلس الغرف سابقاً، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوق العقارية السعودية حققت استقراراً متوازناً، متجاوزة تحديات العرض مع زيادة الطلب»، متوقعاً أن «يشهد القطاع نمواً كبيراً خلال عام 2021 في ظل مشروعات القطاعين العام والخاص المتصلة ومبادرات وزارة الإسكان والقوانين الصادرة لتعزيز القطاع، لا سيما على مستوى الإنفاق الحكومي في مشاريع البنية التحتية الضخمة والمشاريع الكبرى».
وتوقع المليحي، وهو رئيس «شركة التميز» السعودية المستثمرة بمجال العقارات، «زيادة الاستثمار في قطاع الإسكان وسط الدعم الحكومي القوي، في حين حافظ قطاع العقارات السكنية على الطلب»، مشيراً إلى أن «انضمام السوق السعودية لمؤشر الأسواق الناشئة، سيفتح شهية البنوك العالمية والصناديق الاستثمارية، ضمن برامج (رؤية 2030) ذات الصلة؛ الأمر الذي يعزز عودة ثقة المستثمرين بالقطاع العقاري بشكل أكبر في منتصف العام الحالي».
ورشح المليحي أن يدعم تعزيز التعاون بين وزارة الإسكان وعدد من الجهات الحكومية والهيئة العامة للعقار، تحفيز سوق الاستثمار العقاري بالمملكة وزيادة أعمالها للعام الحالي.
وأوضح أن «الجهات السعودية العقارية المسؤولة استطاعت أن تتجاوز تحديات جائحة (كورونا)، حيث حافظت المملكة على نشاط أعمال البناء في سوق الوحدات السكنية؛ إذ بلغ إجمالي المعروض في عام 2020 من الوحدات السكنية 3.1 مليون في الرياض، و835 ألف وحدة في جدة، بينما بلغ إجمالي المخزون في مكة المكرمة 400 ألف، و363 ألفاً في الدمام»، مشيرا إلى «زيادة نشاط المعاملات في سوق الوحدات السكنية، مع استجابة المطورين للزيادة في ضريبة القيمة المضافة».
الاستراتيجية الشاملة
وقال الدكتور عبد الله المغلوث، عضو اللجنة العقارية السابق بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن مجلس الوزراء وافق في نهاية عام 2020 على الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري، «مما يعكس اهتمام السلطات العليا بتطوير القطاع العقاري بوصفه من ركائز الاقتصاد الوطني، وحرصها على تنظيمه وتنميته وتحسين آليات الإشراف عليه، ورفع كفاءته وتشجيع الاستثمار فيه، وتمكينه من زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي».
ولفت المغلوث إلى أنه «تجاوزت أعداد الأسر المستفيدة من القرض العقاري المدعوم لخيار البناء الذاتي ضمن برنامج (سكني) خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، 8 آلاف أسرة، وذلك في إطار سعي البرنامج لتسهيل تملّك المواطنين وتمكين من يملكون أراضي من بناء وحداتهم السكنية وفقاً لرغباتهم».
ووفق المغلوث، «تعدّ سوق الاستثمار العقاري السعودية محط أنظار كثير من المستثمرين من مختلف الجنسيات، لما تحققه من مستويات متزايدة وملحوظة في النمو ومعدلات الربح العائدة منها، والتي قد تفوق التوقعات في معظم الأحيان»، لافتاً إلى أن «القطاع العقاري يحل في المرتبة الخامسة من حيث الأهمية النسبية في الاقتصاد السعودي، بعد الخدمات الحكومية، والنفط، والصناعة، والتجارة».