الأندية الثرية تسعى للهيمنة على كرة القدم من خلال جدول مباريات لا ينتهي

الجداول المزدحمة تصب في مصلحة «الكبار»... و«الصغار» يتكبدون الديون للاستمرار في المنافسة

من المرجح ألا يفوز يوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي... لكن النظام الجديد يضمن له مكاناً في دوري الأبطال (أ.ف.ب)
من المرجح ألا يفوز يوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي... لكن النظام الجديد يضمن له مكاناً في دوري الأبطال (أ.ف.ب)
TT

الأندية الثرية تسعى للهيمنة على كرة القدم من خلال جدول مباريات لا ينتهي

من المرجح ألا يفوز يوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي... لكن النظام الجديد يضمن له مكاناً في دوري الأبطال (أ.ف.ب)
من المرجح ألا يفوز يوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي... لكن النظام الجديد يضمن له مكاناً في دوري الأبطال (أ.ف.ب)

هناك مفهوم في تصميم الويب يسمى التمرير اللانهائي، الذي ستكون على دراية به إذا سبق لك استخدام «تويتر» أو «فيسبوك» أو أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة الأخرى. وبشكل أساسي، فإن هذه الخاصية عبارة عن جزء من التعليمات البرمجية التي تضيف صفحات جديدة تلقائياً كلما وصلت إلى الجزء السفلي من الصفحة، وهو ما يسمح لك بالاستمرار في التصفح إلى الأبد.
وبالمثل، ربما كان التمرير اللانهائي في كرة القدم أطول من ذلك الذي أشرنا إليه في عالم التواصل الاجتماعي، لكن آثاره متشابهة إلى حد كبير. لقد تم الإعلان مؤخراً أنه سيتم بث كل مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز على الهواء مباشرة في إنجلترا حتى يعود الجمهور إلى الملاعب، وهي الخطوة التي تعني بث المباريات على شاشات التلفزيون بشكل متواصل من بداية يونيو (حزيران) الماضي وحتى مايو (أيار) على الأقل. في الحقيقة، يعد هذا شيئاً جيداً لكرة القدم لم نكن نشهده من قبل، لكن ما تأثير ذلك؟
من المؤكد أن المشاهد يمكنه أن يتابع ما يريد من مباريات، لكن المشكلة تكمن في أن هذا العدد الكبير من المباريات المتواصلة قد أفقد كرة القدم متعتها وأفقد المشاهد شغفه بمتابعة المباريات. أنا أعشق كرة القدم وقضيت معظم حياتي المهنية وأنا أكتب عنها، لكن يبدو أن هذا العدد الكبير من المباريات المتتالية قد أصاب الناس بالملل، فبمجرد أن تنتهي مباراة تبدأ مباراة أخرى، وحتى الفرق نفسها أصبحت تلعب بطريقة متشابهة تعتمد على الضغط المتواصل على حامل الكرة!
ربما يكون من الجيد أن ننظر إلى الوضع الحالي برمته على أنه وضع مؤقت ناتج عن تداعيات تفشي فيروس كورونا، لكن الحقيقة أن الاتجاه طويل الأمد لكرة القدم الأوروبية يرى ضغط المباريات في الوقت الحالي على أنه «بروفة» لما يمكن أن يحدث حتى بعد القضاء على الوباء وعودة الحياة إلى طبيعتها. وتناقش الأندية الكبرى في أوروبا إجراء تغييرات مهمة في دوري أبطال أوروبا، والتي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة عدد الفرق المشاركة في دور المجموعات من 32 فريقاً إلى 36 فريقاً، يلعب كل منها 10 مباريات. ويمكن حجز ثلاثة أماكن للأندية التي فشلت في التأهل، لكنها حققت نتائج ومستويات جيدة في الماضي، وهو ما يعد بمثابة «ضمان» لعدم ابتعاد أي نادٍ من الأندية الكبرى عن المشاركة في دوري أبطال أوروبا!
في الحقيقة، يتم الحديث عن هذه الفكرة منذ عدة سنوات، وبالتالي فمن الصعب للغاية تجاهلها، ومن المؤكد أن هذه الفكرة تعمق عدم المساواة بين الأندية وتصب في مصلحة الأندية الأكثر جشعاً، وهو ما يعد شيئاً مروعاً للغاية. إن مثل هذه الأمور تجعل الشخص يشعر بالعجز بسبب العديد من الأشياء التي لا يمكنه التحكم فيها. ومع ذلك، فإن هذا ما يجعل اللحظة الحالية شديدة الخطورة، فهناك شعور بأن كرة القدم التي تعاني من التشويش والتشتت في الوقت الحالي تتجه نحو تغيير دراماتيكي لا رجعة فيه، وأن هذا الجدول المزدحم للغاية من المباريات يلغي هوية اللعبة.
دعونا نتعامل مع الجوانب العملية أولاً، والتي تتمثل في إضافة 100 مباراة أخرى إلى الجدول المزدحم للغاية من المباريات في الأساس. وقال لارس كريستر أولسون، رئيس رابطة الدوريات الأوروبية: «أعتقد أنه من الممكن إدراج أربعة تواريخ أخرى في جدول المباريات». وهناك رأي سائد ومزعج مفاده أن عدم القدرة على التنبؤ بنتائج المباريات هذا الموسم كان نوعاً من التصحيح الطبيعي للنظام القائم، والدليل على ذلك أن باريس سان جيرمان لم يهيمن على قمة جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز، ومن المستبعد أن يتمكن يوفنتوس من الحفاظ على لقب الدوري الإيطالي الممتاز هذا الموسم، كما عانى قطبا الكرة الإسبانية، ريال مدريد وبرشلونة، بشكل واضح خلال الموسم الحالي.
وإذا نظرنا للأمور بتعمق سيمكننا التعرف على الشكل الذي ستكون عليه كرة القدم في مرحلة ما بعد القضاء على فيروس كورونا. فمانشستر سيتي، الذي يعد النادي الإنجليزي الوحيد القادر على التعاقد مع نجم مثل ليونيل ميسي مقابل 250 مليون جنيه إسترليني، يغرد منفرداً في صدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، أما الأندية الأصغر، مثل توتنهام وساوثهامبتون وبيرنلي وبرايتون، فتتكبد المزيد من الديون من أجل الاستمرار في المنافسة، ناهيك عن الضغوط المالية الهائلة التي تتعرض لها الأندية التي تلعب في دوري الدرجة الأولى.
وفي القارة الأوروبية بصفة عامة، فإن الجزء غير المملوك لقطر من الدوري الفرنسي الممتاز يعاني من خسائر تزيد على مليار جنيه إسترليني. لقد تعاقد باريس سان جيرمان مؤخراً مع أحد أفضل المديرين الفنيين في العالم، ومن المحتمل أن يتعاقد هو أو مانشستر سيتي مع ليونيل ميسي هذا الصيف. ونجح بايرن ميونيخ مرة أخرى في التغلب على أكبر منافسيه من خلال التعاقد مع دايوت أوباميكانو من لايبزيغ. كل هذا يجعلنا نطرح التساؤل التالي: كيف نعتقد أن كل هذا سينتهي؟
ربما لا ينتهي ذلك على الإطلاق، وهذا هو بيت القصيد. ولا يوجد أدنى شك في أنه إذا تم إجراء هذه التعديلات، فإن الأندية الكبرى ستعود في غضون بضع سنوات لتطالب بتغييرات جديدة، وستطالب بإقامة عدد أكبر من المباريات وبأن تضم قوائم الأندية عدداً أكبر من اللاعبين حتى تتمكن من تكديس اللاعبين المميزين، وبأن يتم تخفيف القواعد والقيود، وبأن يكون لديها حقوق التأليف والنشر لكلمة كرة القدم، فمن يدري!


مقالات ذات صلة

غوندوغان: الهزيمة أمام ليفربول قد تُنهي آمال السيتي في اللقب

رياضة عالمية إلكاي غوندوغان (أ.ف.ب)

غوندوغان: الهزيمة أمام ليفربول قد تُنهي آمال السيتي في اللقب

أقرّ الألماني إلكاي غوندوغان لاعب وسط مانشستر سيتي الأربعاء أن الهزيمة أمام مضيفه ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز قد تُنهي آمال بطل المواسم.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية الاتحاد الإنجليزي قال إن اللاعب سيكون متاحاً للمشاركة في المباريات الثلاث المقبلة (رويترز)

الاتحاد الإنجليزي يلغي طرد نورغارد أمام إيفرتون

ألغى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الأربعاء بطاقة حمراء تلقاها كريستيان نورغارد لاعب برنتفورد خلال تعادل سلبي أمام إيفرتون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أموريم (أ.ب)

أموريم محبَط بسبب الالتزامات الإعلامية في مانشستر يونايتد

كانت الإشارة لافتة إلى حد ما في أول مقابلة لروبن أموريم مع شبكة «سكاي سبورتس» بعد المباراة، لكنها أثارت رداً بدا واضحاً.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)

نقاش مع صديق حول «بطاقة صفراء» يُخضع الحكم الإنجليزي كوت للتحقيق

يخضع ديفيد كوت، الحكم الموقوف عن التحكيم في الدوري الإنجليزي الممتاز، للتحقيق، من قبل الاتحاد الإنجليزي، بعد مزاعم بأنه ناقش إشهار بطاقة صفراء مع صديق له.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (رويترز)

غوارديولا: مانشستر سيتي «هش»

قال بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي إن فريقه «هش» بعد أن أهدر تقدمه بثلاثة أهداف في المباراة التي تعادل فيها مع فينورد 3-3 في دوري أبطال أوروبا.

The Athletic (مانشستر)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».