رئيس وزراء بلغاريا المحافظ يتطلع لولاية رابعة

بعد فوزه المتوقع في انتخابات تشريعية مثيرة للجدل

ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات بصوفيا أمس (رويترز)
ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات بصوفيا أمس (رويترز)
TT

رئيس وزراء بلغاريا المحافظ يتطلع لولاية رابعة

ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات بصوفيا أمس (رويترز)
ناخبة تدلي بصوتها في الانتخابات بصوفيا أمس (رويترز)

توجه الناخبون في بلغاريا، أمس (الأحد)، إلى مكاتب الاقتراع للتصويت في انتخابات تشريعية يتطلع رئيس الوزراء المحافظ بويكو بوريسوف إلى الفوز على أثرها بولاية رابعة، ويتوقع أن تتسم بنسبة امتناع كبيرة بعد احتجاجات واسعة ضد الفساد الصيف الماضي.
وقال بوريسوف بعدما أدلى بصوته في غياب الصحافيين: «وضعت في الحسبان دائماً ما يقرره الشعب (...) أن تكون الانتخابات نزيهة». وأضاف في تصريحات نشرت على موقع «فيسبوك» أن «الدعم الهائل الذي تلقيناه من نظرائنا في أوروبا يظهر أهمية وجود حكومة أوروبية مستقرة في بلغاريا»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وترجح معاهد استطلاعات الرأي تصدر حزب «شعار النبالة» (غيرد) الذي يتزعمه رئيس الوزراء المثير للجدل، إذ حصل على ما بين 28 و29 في المائة من نوايا التصويت؛ أي نحو 75 مقعداً في البرلمان (من أصل 240).
وقال الخبير في السياسة البلغارية أنتوني تودوروف لوكالة الصحافة الفرنسية إن «غياب الخيارات الأخرى سببه المعارضة المشتتة غير المقنعة؛ وهو ما يفسر الهيمنة السياسية» لحزب بوريسوف بلا منازع منذ 2009.
ورفض بوريسوف إجراء أي اتصال مع وسائل الإعلام منذ المظاهرات، وقاد حملته على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حيث كان يبث يومياً زياراته المفاجئة وهو يقود سيارته الرباعية الدفع لجميع أنحاء البلاد من أجل لقاء العمال وأرباب العمل. وقد رفع شعار «عمل.. عمل.. عمل».
واختار بوريسوف التزام الصمت السبت، وظهر في صورة ببزة سوداء وحيداً في مرج تغطيه الورود، وكتب تحت الصورة: «أحياناً يكون الصمت أفضل».
ويتناقض الهدوء الظاهري مع الأجواء المتوترة التي سادت قبل بضعة أشهر، عندما طالب آلاف البلغار في الشارع باستقالته، بعد سلسلة من الفضائح. وراهن بوريسوف (61 عاماً) على الوقت، ورفض تنظيم انتخابات مبكرة، واستغل تراجع الحركة الاحتجاجية تحت تأثير الشتاء ووباء «كوفيد-19».
لكن فوز حزبه، إذا حصل، قد يضعفه انخفاض المشاركة، في أجواء من القلق في منتصف الموجة الثالثة من الوباء. وقد فتحت مراكز اقتراع في المستشفيات المكتظة، وسيتم إحضار صناديق الاقتراع المتنقلة إلى عائلات تخضع للحجر الصحي.
ويرجح أن يحتل الاشتراكيون المرتبة الثانية، بحصولهم على ما بين 20 و22 في المائة من الأصوات، لكنهم منقسمون، ويتوقع أن يتأثروا بإحجام ناخبيهم المسنين عن المجيء للتصويت.
وستتجه الأنظار إلى تصويت المحتجين الذين يتوزع تأييدهم على 3 تشكيلات جديدة. ويبدو أن أداء مقدم البرامج التلفزيونية سلافي تريفونوف، المعروف بانتقاداته الحادة للحكومة، جيد (13 في المائة)، مع أنه لم يشارك في الاحتجاجات.
وبين المشاركين في المظاهرات حزب «بلغاريا الديمقراطية» (يمين) الذي يدعمه الناخبون المغتربون، و«انهض! لترحل المافيا» (يسار) القريب من الرئيس رومان راديف الذي دعا إلى «التجديد». وقد يدخل الحزبان البرلمان، بحصول كل منهما على 6 في المائة من الأصوات. وهناك أيضاً حزب الأقلية التركية «حركة الحقوق والحريات» الذي يعد عادة صانع الملوك (12 في المائة)، والقوميون في حزب الحركة القومية البلغارية الذي يشارك في الحكومة المنتهية ولايتها، لكنه يشهد تراجعاً سريعاً.
وستعلن أولى تقديرات استطلاعات الرأي بعد ساعات من إغلاق مكاتب الاقتراع، لكن النتائج الرسمية النهائية لن تعرف قبل الخميس المقبل. وكانت المنظمة غير الحكومية «صندوق مكافحة الفساد» قد حذرت في وقت سابق من هذا الأسبوع من ظاهرة شراء الأصوات من قبل الأحزاب التي تطال عادة بين 5 و19 في المائة من الأصوات.
فالناخبون الذين يتلقون أموالاً يكون لديهم دافع للتصويت، خلافاً للذين يصوتون بحرية، وسيثنيهم انتشار كورونا عن التوجه إلى مراكز الاقتراع. كما أن هناك شبهات بالتزوير مرتبطة بوجود مزدوج على القوائم الانتخابية للبلغار المقيمين بالخارج، في حالة قدومهم للتصويت في البلاد.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».