«قسد» تحذّر من «تسرب» متطرفين من مخيم «الهول»

مقاتل كردي قرب مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مقاتل كردي قرب مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«قسد» تحذّر من «تسرب» متطرفين من مخيم «الهول»

مقاتل كردي قرب مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مقاتل كردي قرب مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

حذر مسؤول عسكري في «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، أمس، من خروج متطرفين كبار من مخيم الهول المكتظ شمال شرقي سوريا، مع إعلان قوى الأمن الداخلي بالإدارة الذاتية انتهاء المرحلة الأولى من الحملة الأمنية في مخيم الهول التي أسفرت عن إلقاء القبض على الرجل الثاني لتنظيم داعش، الملقب بـ«أبو كرار»، و125 مطلوباً و20 مسؤولاً كانوا يتولون مناصب قيادية في صفوف التنظيم، في وقت تستمر فيه العمليات العسكرية بالبادية السورية، بدعم جوي روسي لملاحقة مسلحي التنظيم.
وقال علي الحسن، الناطق الرسمي لقوى الأمن الداخلي لدى الإدارة الذاتية، خلال مؤتمر صحافي الجمعة الماضية داخل مخيم الهول: «نعلن انتهاء المرحلة الأولى من حملة الإنسانية والأمن التي استمرت 5 أيام متواصلة». وكشف المسؤول الأمني عن حصيلة الحملة، بالقبض على 125 عنصراً من خلايا «داعش» النائمة، موضحاً: «اعتقلنا المسؤولين عن عمليات الاغتيالات التي حدثت خلال الفترة الماضية. كما عثرنا على مستلزمات عسكرية في أثناء حملة التفتيش، إضافة إلى دارات إلكترونية تستخدم في تحضير العبوات الناسفة».
وضبطت قوى الأمن وعناصر «قسد» أسلحة وبطاريات ومواد متفجرة تستخدم في صناعة المفخخات والأحزمة الناسفة، وصناديق تحتوي على أسلحة ثقيلة وذخيرة حية، وصادرت كثيراً من أجهزة الهاتف النقالة، إضافة إلى كثير من الحواسيب المحمولة، كان بداخلها ملفات وأسماء ومعلومات عن أنشطة التنظيم بالمخيم.
وقتل كذلك مسلح كان مسؤولاً عن عمليات القتل بعد تفجير قنبلة يدوية في أثناء ملاحقته داخل المخيم من قبل دورية تابعة لقوات الأمن. ولفت الحسن إلى أنهم اعتقلوا أسماء كانت مدرجة على قوائم المطلوبين لديها، بينهم قيادات بارزة من الجنسية العراقية، وتابع حديثه ليقول: «اعتقلنا 20 مسؤولاً كانوا يتولون مناصب عالية لدى خلايا التنظيم النشطة، أبرزهم الرجل الثاني للتنظيم في المخيم، المدعو أبو كرار»، إلى جانب القبض على خبير اتصالات ضمن صفوف التنظيم يدعى مصطفى الخلف، من مواليد الموصل سنة 2003، وآخر كان مسؤولاً أمنياً، واسمه علي الخليف، وهو من مواليد بلدة البعاج العراقية 2002.
وأكد الحسن أن الموقوفين مصطفى الخلف وعلي خليف قد دخلا مخيم الهول قاصرين، وكانوا من بين الأطفال العراقيين الذين نشأوا بالمخيم «لكن الحكومة العراقية والمجتمع الدولي تخلوا عن واجباتها حيال قاطني المخيم، لا سيما اللاجئين العراقيين، وتأثر هؤلاء بفكر التنظيم، وباتوا قنبلة موقوتة كانت ستنفجر هنا أو بسوريا أو بأي مكان آخر».
وعلى مدار الأشهر الثلاثة الماضية، شهد المخيم إراقة دماء بصورة شبه يومية، حيث بلغ عدد القتلى 47 ماتوا في ظروف غامضة، بعضهم قطع رأسه عن جسده، وآخرون تعرضوا للقتل بأداة حادة أو سكاكين. وعثرت قوات الأمن خلال المداهمات على جثتين مجهولتي الهوية دفنوا في مجاري الصرف الصحي داخل أحد قطاعات المخيم.
إلى ذلك، كشف نوري محمود، الناطق الرسمي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، أن عائلات مسلحي «داعش» بالمخيم «شكلوا لجان الحسبة ومحاكم أصدرت قوانين وأحكام جائرة، إذ قتلوا منذ بداية العام أكثر من 47 شخصاً بأسلحة وأدوات حادة».
وبحسب محمود، ستتبع هذه الحملة عمليات أمنية مشابهه في المستقبل، فـ«الخطورة لا تزال قائمة مستمرة. وبدورنا، قمنا بالعمليات الأمنية على الأرض، لكن الذهنية في المخيم لم تنته».
وتطرق محمود إلى قضية أعمار أطفال المخيم الذين يكبرون، وهي أكثر شريحة يرجح اعتناقها أفكار وذهنية التنظيم المتشددة، وأردف قائلاً: «الأطفال بالمخيم هم الأكثرية، وقد يتدربون على الذهنية الداعشية، وإذا بقيت هذ العقلية مستمرة فإنها ستخرج إرهابيين كبار». ودعا المجتمع الدولي إلى إيجاد حلول سريعة عاجلة لحل معضلة قاطني المخيم، لا سيما الجنسيات الأجنبية: «لقد حان الوقت لإجلاء البلدان رعاياها إلى أراضيها ومحاكمتهم لإزالة الخطر»، بحسب نوري محمود.
وبدورها، كررت الإدارة الذاتية وواشنطن دعواتها لحكومات الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في السجون والمخيمات، أو العمل على إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة المتشددين، وحسم ملف عائلاتهم القاطنين في مخيمي «الهول» و«روج»، غير أن غالبية الدول ترفض استعادة مواطنيها، ويؤوي مخيم الهول 60 ألفاً، يشكل السوريون والعراقيون النسبة الأكبر، و90 في المائة هم نساء وأطفال.
وكان مظلوم عبدي، القائد العام لـ«قسد»، قد قال في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «تويتر» الاثنين الماضي: «نجدد دعوتنا الدول الأجنبية إلى استعادة مواطنيها، وتقديم مزيد من الدعم الإنساني لمخيم الهول لتحسين الظروف والاستقرار فيه».
وفي السياق، تواصل القوات النظامية وميليشيات «الدفاع الوطني» و«لواء القدس الفلسطيني» حملة تمشيط في بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي، لليوم الثالث على التوالي، بحثاً عن مسلحي «داعش» الذين يبسطون السيطرة على جيوب منعزلة مقطوعة الأوصال.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، وصفحات إخبارية محلية، إن هذه القوات تمشط، بدعم من الطيران الروسي الحربي، منطقة «فيضة ابن موينع» ومحيطها، وإنه جرى تفكيك ألغام مزروعة هناك. وذكر نشطاء على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي أن الحملة لم تشهد مواجهات مباشرة بين القوات وعناصر التنظيم، في وقت نفذت فيه الطائرات الروسية أكثر من 25 طلعة وغارة جوية استهدفت كهوفاً وجبالاً وودياناً في بادية الميادين، دون ورود أي معلومات عن الخسائر البشرية من الطرفين.



بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
TT

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)

بدأت السلطات العراقية انتشال رفات «نحو مائة» امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين، من مقبرة جماعية كُشفت هذا الأسبوع، على ما أفاد به ثلاثة مسؤولين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع هذه المقبرة الجماعية في منطقة تل الشيخية في محافظة المثنى بجنوب العراق، وتبعد عن الطريق العام المعبّد بين 15 إلى 20 كيلومتراً، بحسب مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفتحت فرق متخصصة هذه المقبرة في منتصف ديسمبر (كانون الأول) بعد اكتشافها في 2019، وهي ثاني مقبرة جماعية تُفتح في هذا الموقع، بحسب ضياء كريم مدير دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء الحكومية المكلفة العثور على المقابر الجماعية والتعرف على الرفات.

وقال كريم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء: «بعد رفع الطبقة الأولى للتربة وظهور الرفات بشكل واضح، تبيّن أن جميع الرفات يعود لأطفال ونساء يرتدون الزي الكردي الربيعي».

ورجّح أن يكونوا جميعهم متحدّرين من قضاء كلار بمحافظة السليمانية في شمال العراق، مقدّراً أن يكون عددهم «لا يقلّ عن مائة»، غير أن عمليات الانتشال لا تزال جارية والأعداد غير نهائية.

وأُعدم الرئيس السابق صدام حسين الذي أطيح نظامه في عام 2003 بعيد غزو أميركي للبلاد، قبل انتهاء محاكمته بتهمة «إبادة» آلاف الأكراد في إطار «عمليات الأنفال» التي شنها عام 1988.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 290 ألف شخص بينهم مائة ألف كردي اختفوا قسراً في إطار حملة الإبادة الجماعية التي شنها صدام حسين في كردستان العراق بين 1968 و2003.

وأوضح كريم أن عدداً كبيراً من الضحايا «أُعدموا في هذا المكان بطلقات نارية في الرأس من مسافة قريبة»، مرجّحاً مع ذلك أن يكون البعض الآخر «دُفنوا وهم أحياء»، إذ لا دليل وفق قوله على وجود رصاص في جمجماتهم.

من جهته، أشار أحمد قصي، رئيس فريق التنقيب عن المقابر الجماعية في العراق إلى «صعوبات نواجهها الآن في هذه المقبرة بسبب تداخل الرفات ببعضها، إذ بعض الأمهات كنّ يحضنّ أطفالهنّ الرضّع» حين قُتلوا.

وبالتزامن مع بدء عمليات الانتشال في هذه المقبرة الجماعية، «تم العثور على مقبرة جماعية أخرى» بحسب ضرغام كامل رئيس الفريق الوطني لفتح المقابر الجماعية.

وتقع تلك المقبرة، وفق قوله، في منطقة قريبة من سجن نقرة السلمان السيئ الصيت، حيث كان يخفي نظام صدام حسين معارضيه السياسيين.

وتشير تقديرات حكومية إلى أن أعداد المفقودين بين العامين 1980 و1990، من جراء القمع الذي كان يمارسه نظام صدام حسين، بلغت نحو 1.3 مليون شخص.

وإضافة إلى المقابر الجماعية المرتبطة بعهد صدام حسين، ما زالت السلطات العراقية تعثر على مقابر جماعية مرتبطة بجرائم تنظيم «داعش». وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن التنظيم الجهادي ترك خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يرجح أنها تضم نحو 12 ألف جثة.

واكتشف العراق نحو 289 مقبرة جماعية منذ 2006، بحسب مؤسسة الشهداء.