طالبت الولايات المتحدة بالإفراج الفوري عن كل المحتجزين والرهائن الأميركيين وغيرهم في إيران، الذين اعتقلتهم السلطات الإيرانية «ظلماً»، داعية إلى التوقف عن ممارسة هذه الاعتقالات التي وصفتها بـ«غير العادلة»، وتهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية. ودعت جالينا بورتر، نائبة المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، في بداية المؤتمر الصحافي، أول من أمس، إلى توقف النظام الإيراني عن استخدام سياسة الاعتقالات غير العادلة لتحقيق مكاسب سياسية، أو في أي مكان حول العالم، ويجب أن توضح إيران مصير المواطنين الأميركيين المفقودين أو المخطوفين في إيران، مثل روبرت ليفنسون، وعماد شرقي، ومراد طهباز البريطاني الجنسية.
وقالت إن نهاية هذا الأسبوع يصادف ذكرى الـ2000 يوم منذ أن اعتقلت إيران سياماك نمازي المواطن الأميركي، وهو رجل أعمال كان يعيش في طهران عندما تم اعتقاله في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، وعندما سافر والده باكر نمازي البالغ من العمر 84 عاما إلى إيران للمساعدة في تحرير ابنه، اعتقلته الحكومة الإيرانية أيضاً. وأضافت: «تم القبض على سياماك وباكر، وحُكم عليهما بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم لا أساس لها من الصحة، ونتيجة لذلك، عانت عائلة نمازي لمدة خمس سنوات ونصف السنة، بينما تواصل الحكومة الإيرانية معاملة زوجها ووالدها وابنها وشقيقها كبيادق سياسية. هذه الأحكام إساءة إلى كل من يؤمن بسيادة القانون».
وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» في المؤتمر الصحافي لمتحدث وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، حول التواصل مع الحكومة الإيرانية لإطلاق سراح المحتجزين، والدفاع عن حقوق الإنسان في إطار الحديث للعودة إلى المفاوضات النووية، قال إن الإدارة الأميركية تعمل على تأمين عودة المعتقلين الأميركيين ظلماً في إيران، وهو ما تحدث عنه جيك سوليفان مستشار الأمن القومي، وكذلك أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي. وأكد أن الأولوية لدى الإدارة الأميركية هي عودة الأميركيين المعتقلين ظلماً حول العالم إلى البلاد بكل أمان، بما في ذلك الأميركيون المعتقلون أو المفقودون في إيران، مشيراً إلى أن بلاده ستواصل توضيح ذلك للإيرانيين بأن هذه الممارسة غير مقبولة، قائلاً: «وبالطبع أصدر الوزير بلينكن، رسالة قوية للغاية حول الدول، واحتجاز الرهائن، واستخدام الناس كأدوات سياسية، وأدانها بنفس القدر من الأهمية». وأضاف: «يدرك قادة إيران موقفنا، وليس لديهم انطباع خاطئ حول هذه المطالبات، وهو أمر ذو أهمية قصوى بالنسبة لنا».
قيود قابلة للتحقيق
وحول المفاوضات النووية، قال برايس: «نحن نسعى لاتفاق نووي يوفر قيوداً قابلة للتحقق ودائمة لبرنامج إيران النووي، وسوف نستمر في إطار مساعينا لتأمين العودة الآمنة للأميركيين المعتقلين داخل إيران». يذكر أن الإدارة الأميركية، أعلنت في وقت سابق عن محادثات غير مباشرة مع النظام الإيراني عبر وساطة سويسرية، بالإفراج عن المعتقلين الأميركيين في إيران، وقال جيك سوليفان مستشار الرئيس بايدن للأمن القومي، إن إدارة بايدن تجري بالفعل التواصل مع طهران بشأن السجناء الأميركيين المحتجزين.
وتعد إيران أحد أبرز الدول المتهمة باعتقال الأميركيين واستخدامهم كرهائن لتحقيق مكاسب سياسية، إذ يوجد أكثر من خمسة أميركيين من مزدوجي الجنسية في إيران، منهم رجل الأعمال الأميركي الإيراني عماد شرقي الذي أدين في يناير (كانون الثاني) الماضي قبل أسابيع قليلة من تولي الرئيس بايدن منصبه، بتهم ملفقة بقيامه بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، وقال فريق الدفاع والمحامين أنه محتجز في مكان مجهول وانقطع الاتصال به منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
صفقة إفراج
كما تحتجز إيران أربعة سجناء أميركيين آخرين، منهم رجل الأعمال سياماك نمازي ووالده باكير نمازي البالغ من العمر 84 عاماً، وكانت إيران قد ألقت القبض على سياماك نمازي 46 عاماً وهو في زيارة لأقاربه في طهران، وحكم عليه في أكتوبر 2016 بالسجن 10 سنوات بتهمة التعاون مع أعداء إيران. فيما أعلنت أسرة فافاداري أن كلاً من كاران فافاداري وزوجته افارين نباساري، اعتقلا في مطار طهران في يوليو (تموز) 2016، ووجهت إلى فافاداري وزوجته تهمتي محاولة الإطاحة بنظام الدولة، وتجنيد الجواسيس عبر السفارات الأجنبية، وحُكم على فافاداري في يناير 2018 بالسجن 27 عاماً، وعلى زوجته بالسجن 16 عاماً، وتواردت أنباء عن استئناف الحكم وفي انتظار الإفراج عنهما بكفالة.
وتمكن مستشار الأمن القومي الأميركي السابق روبرت أوبراين، من إبرام صفقة للإفراج عن معتقل أميركي آخر في السجون الإيرانية وهو زيو واينغ، العالم الأميركي في جامعة برينستون، الذي كان يدرس اللغة الفارسية في إيران، وتم اعتقاله في أغسطس (آب) 2016 واتهامه بالتجسس، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات. وقد خلصت الإدارة الأميركية وعائلة عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت ليفنسون الذي اختفى في إيران منذ أكثر من 10 سنوات إلى أنه قد توفي خلال احتجازه، وكانت إيران قد قامت باحتجازه في عام 2007 في جزيرة كيش الإيرانية ونفت وجود أي معلومات عنه.
وفي سياق متصل، رفضت جالينا بورتر، نائبة المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، الإفصاح عن الدول التي ستتوسط في نقل الرسائل ضمن المناقشات بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن موافقة الطرفين على عقد محادثات «غير مباشرة». وقالت في إجابة عن سؤال «الشرق الأوسط»، إنه من السابق لأوانه الإفصاح عن المعلومات والمحادثات الدبلوماسية في هذا الوقت، «لكنني سأؤكد فقط أنه ليس لدينا أي إعلانات اليوم حول من سيعمل كممثل للولايات المتحدة في ذلك الاجتماع، وسنقوم بمشاركة ذلك بالتأكيد عندما تكون لدينا تلك التفاصيل».
وكانت وزارة الخارجية أكدت، في وقت سابق، أن العقوبات المتعلقة بإيران ستكون مستمرة، وأنها لا تزال سارية المفعول، ما لم يتم رفعها كجزء من العملية الدبلوماسية، وأن الولايات المتحدة لن تتوانى في فرض عقوبات على دول آسيوية (في إشارة إلى الصين)، إذا تم كسر العقوبات الأميركية على إيران.