اتهام سلطات الجزائر بـ«تدبير انقلاب» ضد رئيسة حزب معارض

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائر أول من أمس (رويترز)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائر أول من أمس (رويترز)
TT

اتهام سلطات الجزائر بـ«تدبير انقلاب» ضد رئيسة حزب معارض

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائر أول من أمس (رويترز)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة الجزائر أول من أمس (رويترز)

احتجت قيادة «حزب العمال» اليساري المعارض في الجزائر، على «تدبير محاولة انقلاب برعاية السلطة»، ضد أمينته العامة لويزة حنون، وذلك على إثر إعلان منشقين عن الحزب أمس سحب الثقة منها، وتعيين واحد منهم في المنصب. وفي غضون ذلك، اعتقلت قوات الأمن أمس عدة أشخاص في العاصمة خلال مظاهرات فاجأت السلطات، التي تعودت على احتجاجات الحراك يومي الجمعة والثلاثاء، دونا عن باقي الأيام.
والتقى برلمانيون سابقون من الحزب مع مناضلين في منتجع غربي العاصمة، بهدف إقالة حنون، وتم اختيار منير ناصري، القيادي السابق أمينا عاما بالنيابة، في انتظار تنظيم مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة. واتهم ناصري حنون بـ«ارتكاب انحرافات خطيرة، وإقصاء المناضلين، والانفراد في اتخاذ القرارات، ولذلك قرر المناضلون تصويب مسار الحزب»، حسبما جاء في تصريحاته.
وشارك في الاجتماع أعضاء بـ«اللجنة المركزية» للحزب، دخلوا في وقت سابق في صراع مع حنون، التي أكدت أنهم أُبعدوا من الحزب بقرارات تأديبية. يشار إلى أن حنون ترشحت مرتين لانتخابات الرئاسة (في 2009 و2014)، وقضت تسعة أشهر في السجن العام الماضي لاتهامها بـ«التآمر على الجيش»، لكنها حصلت على البراءة بعد ذلك.
وقال جلول جودي، الرقم الثاني في «حزب العمال»، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأشخاص الذين نفذوا الانقلاب لا تربطهم أي صلة تنظيمية بالحزب، وقد منحتهم السلطات الإدارية لولاية الجزائر العاصمة رخصة للاجتماع، على أساس أنه لقاء عمومي، وليس لكونهم مناضلين في حزب العمال. والرخصة التي حصلوا عليها تؤكد أن وزارة الداخلية متورطة في الانقلاب، كما أن المحضر القضائي الذي عاين أشغال الاجتماع بغرض تثبيت نتائجه، يجعل من وزارة العدل ضالعة هي أيضا في الانقلاب. وبعبارة أخرى، فالحكومة بكاملها مؤيدة لهذا العمل، الذي يحطم التعددية الحزبية». مضيفا أن ما حدث «يثبت أن النظام لم يتغير، بعكس شعار الجزائر الجديدة، الذي يرفعونه منذ انتخابات الرئاسة نهاية 2019».
وتابع جودي موضحا: «ليس هناك شك في أن حزبنا يدفع ضريبة رفضه المشاركة في الانتخابات البرلمانية»، المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل. مبرزا أن «جهة في السلطة تريد إدخالنا بيت الطاعة».
وكانت حنون قد تعرضت لمحاولتين لإبعادها من القيادة، من طرف أعضاء في الحزب عامي 2015 و2019 لكنهم فشلوا في ذلك.
وفي سياق اجتماعات الأحزاب الجارية منذ أسابيع، لحسم الموقف من التشريعيات، واصل أعضاء «المجلس الوطني» لأقدم حزب معارض، «جبهة القوى الاشتراكية»، اجتماعهم أمس لليوم الثاني، وسط تباين واضح في المقاربة تجاه التعامل مع الانتخابات، بين القيادة ممثلة في السكرتير الأول يوسف أوشيش، ورئيس «الهيئة الرئاسية» للحزب حكيم بلحسل، اللذين يريدان المشاركة في الاستحقاق. فيما يرفض غالبية أعضاء «المجلس» (برلمان الحزب) خوض غمار المنافسة. ويملك الحزب، الذي أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد، شعبية واسعة في منطقة القبائل الناطقة بالأمازيغية، التي قاطعت بشكل كامل استفتاء تعديل الدستور (أول نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي)، وانتخابات الرئاسة الماضية. وتعد مشاركة «القوى الاشتراكية» في الاستحقاق رهانا كبيرا بالنسبة للسلطة، التي تبحث عن كسر المقاطعة في هذه المنطقة، المعروفة بمعارضتها للنظام القائم منذ الاستقلال عام 1962.
في غضون ذلك، خرج عشرات الأشخاص أمس بحي باب الواد الشعبي بالعاصمة، للتعبير عن رفضهم انتخابات البرلمان، ونظموا مسيرة باتجاه «البريد المركزي»، أحد أهم فضاءات الحراك الشعبي. وازداد عدد المتظاهرين خلال سيرهم في شوارع العاصمة الرئيسية، لكن تدخلت قوات الأمن لتفريقهم واعتقلت 10 أشخاص منهم، بحسب صحافيين غطوا الحدث.
ورفع المحتجون شعارات الحراك المعروفة، مثل «لا انتخابات مع العصابات»، و«دولة مدنية لا عسكرية». كما طالبوا بقضاء مستقل عن السلطة التنفيذية، وإطلاق سراح معتقلي الحراك الذين يفوق عددهم الثلاثين.
وبدا أن السلطات فوجئت بهذه المظاهرة، لأنها تعودت على احتجاجات الحراك يومي الثلاثاء (حراك طلاب الجامعات)، والجمعة، التي تشهد عادة انتشار عشرات آلاف الأشخاص في شوارع مدن البلاد.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.