مطالبات بتسوية قضية «أسرى الحرب» بين شرق ليبيا وغربها

حقوقيون يأملون في إطلاق جميع المعتقلين قبل شهر رمضان

أسرى من قوات المشير حفتر أُفرج عنهم في مدينة الزاوية يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
أسرى من قوات المشير حفتر أُفرج عنهم في مدينة الزاوية يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

مطالبات بتسوية قضية «أسرى الحرب» بين شرق ليبيا وغربها

أسرى من قوات المشير حفتر أُفرج عنهم في مدينة الزاوية يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
أسرى من قوات المشير حفتر أُفرج عنهم في مدينة الزاوية يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

فتحت عملية إطلاق الأجهزة الأمنية بمدينة الزاوية (غرب ليبيا) سراح 120 عنصراً من «الجيش الوطني»، كانوا قد أسروا قبل نحو عامين، باب المطالبات بضرورة تسوية هذه القضية بشكل نهائي، وإطلاق جميع المعتقلين لدى سلطات شرق ليبيا وغربها.
ووسط إشادات محلية وأممية بما أقدمت عليه مدينة الزاوية (الواقعة على بُعد 45 كيلومتراً غربي طرابلس) تمنى سياسيون وحقوقيون ليبيون أن يُغلق هذا الملف في ظل ما تشهده البلاد من التفاف حول السلطة التنفيذية الجديدة، وبما يسهم في إنجاح عملية «المصالحة» التي يرعاها المجلس الرئاسي لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة محمد المنفي.
ودعا موسى الكوني، نائب رئيس المجلس الرئاسي، الليبيين، في تصريح صحافي، إلى «الاقتداء بالزاوية في إطلاق المحتجزين»، بعد عملية الاستقرار التي تشهدها البلاد راهناً، لافتاً إلى إمكانية قيام وفد من الزاوية بزيارة بنغازي (إقليم برقة) بشرق البلاد؛ للمساهمة في إطلاق المحتجزين هناك.
وفيما تأمل العديد من الأسر الليبية في «لمّ شمل أبنائها المحتجزين لدى طرفي النزاع»، قال اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، هي المخولة ببحث عملية إطلاق المحتجزين، كما فعلت من قبل ونجحت في تبادل العديد منهم لدى الجانبين. لكنه استدرك: «هذا لا ينطبق على الذين لهم نشاط إرهابي».
ووفقاً لمخرجات اللجنة العسكرية وبمساعٍ من لجنة الحوار بمدينة الزاوية، وبدعم من حكومة «الوحدة الوطنية»، أُطلق، الأربعاء الماضي، سراح أفراد مجموعة «الكتيبة 107 – مشاة» التابعة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، كانت القوات الموالية لحكومة «الوفاق» المنتهية ولايتها اعتقلتهم مطلع أبريل (نيسان) عام 2019، مع بدء هجوم شنه الجيش على طرابلس.
ويأتي هذا التحرك كخطوة أولية من حكومة عبد الحميد الدبيبة، تمهد الطريق أمام المصالحة الشاملة في ربوع البلاد كافة. علماً بأن اللجنة العسكرية نجحت، منذ تشكلت، في تبادل أربعة أفواج من المحتجزين بين طرفي النزاع بشرق ليبيا وغربها.
ووسط دعوات حقوقية بضرورة إطلاق جميع «أسرى الحرب» قبل حلول شهر رمضان، قال أحمد عبد الحكيم حمزة، من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك ما يقارب 120 أسيراً من القوات التي كانت تقاتل في صفوف حكومة (الوفاق) قيد الاحتجاز لدى الجيش بشرق ليبيا».
يأتي ذلك فيما أكد بيان للجنة الوطنية، «دعمها الكامل لجميع المبادرات الرامية لتسوية ومعالجة ملف الأسرى والمحتجزين، بما يسهم في تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة بين جميع أطياف ومكونات المجتمع الليبي».
ودعت «الوطنية لحقوق الإنسان» اللجنة العسكرية المشتركة إلى ضرورة استكمال الجهود لإطلاق سراح جميع الأسرى، «نظراً لما يكتسبه هذا الملف من أهمية خاصة على المستوى الإنساني والقانوني والوطني»، كما طالبت بـ«كشف مصير جميع المفقودين»، بالإضافة إلى «إجراء ترتيبات ضمانات العودة الآمنة للنازحين داخلياً، في إطار إجراءات بناء الثقة بين الأطراف العسكرية والسياسية التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار».
وسبق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن ثمّنت إطلاق سراح المحتجزين في مدينة الزاوية، وعدت هذه المبادرة بداية لمصالحة وطنية شاملة واستعادة النسيج الاجتماعي الليبي، داعية إلى إطلاق جميع المعتقلين.
ونقلت وسائل إعلام محلية استغاثات ومناشدات العديد من الأسر للسلطة التنفيذية الجديدة بسرعة التحرك لإطلاق سراح أبنائهم وذويهم المحتجزين لدى شرق ليبيا، وقال مصدر مقرب من اللجنة العسكرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك أخباراً ستسعد الليبيين قريباً»، دون الإفصاح عن المزيد، في إشارة إلى احتمال إطلاق سراح دفعة جديدة من المعتقلين على خلفية الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس قرابة 13 شهراً، وانتهت بانسحابه.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.