سنوات السينما

لقطة من الفيلم المصري «قدرات غير عادية»
لقطة من الفيلم المصري «قدرات غير عادية»
TT

سنوات السينما

لقطة من الفيلم المصري «قدرات غير عادية»
لقطة من الفيلم المصري «قدرات غير عادية»

«قدرات غير عادية»
(2015)
***
يحيى الذي ذاب واختفى

لم يحظ فيلم داود عبد السيد «قدرات غير عادية» بالكثير من الاحتفاء عندما خرج للعروض أولاً ضمن فاعليات مهرجان دبي، وثانياً خلال ما أتيح له من عروض تجارية. الوصف الأكثر تداولاً بين المعلّقين عليه هو أنه فيلم «بطيء» علماً بأن «بطء» أو «سرعة» فيلم ما ليست مقياساً صحيحاً. ما يشغل بال المخرج داود عبد السيد (رحمه الله)، في أفلامه عامّة مراقبة الناس في همومها الخاصّـة ومتابعة مشاويرها في الحياة على نحو ما شاهدناه في أعماله الروائية السابقة مثل «أرض الخوف» و«مواطن ومخبر وحرامي» و«رسائل البحر».
حتى البداية هنا فيها رنّـة من بعض الأعمال الماضية. في الدقيقة الأولى يُـطلب من يحيى (خالد أبو النجا) أن يواصل العمل على بحث كتبه حول الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات فائقة وغير طبيعية ما يذكّـرنا بمطلع فيلم عبد السيد «مواطن ومخبر وحرامي» (الذي مثّـله أيضاً أبو النجا) عندما يُـمنح بطله وقتاً غير محدد للغياب عن العمل والنزول إلى الشارع ليستكشف أمر الناس وينقل معلومات عنهم. في ذلك الفيلم (2001) وفي الفيلم الجديد فإن الطلب نوع من منح الشخصية الأولى تذكرة ذهاب بلا عودة ليذوب ويغيب. لينتقل من الحضور إلى الاختفاء.
في «قدرات غير عادية» فإن بحث يحيى منصب على فكرة دراسة أولئك المتميزين بقدراتهم غير القابلة للتفسير مثل توقع أن يحدث شيء فيحدث، أو مثل النظر إلى الشيء البعيد فيقترب أو تحريك الأشياء في الهواء وسواه. ينطلق الفيلم من فكرة قيام يحيى بطرق باب لا يستطيع استيعاب ما وراءه، ومن ثم دخوله عالماً يتحوّل فيه إلى مجرد أداة تحت مجهر غامض.
سيجد يحيى في «بنسيون» ساحلي شخصيات مثيرة للاهتمام ومهمّـشة مثله تعيش منسية واضعة عواطفها في خزائن الذاكرة المكبوتة. سيجد كذلك قدرات استثنائية في ابنة صاحب البنسيون الصغيرة. عند هذا الحد يضيع الفيلم في سراديب صغيرة تؤدي به إلى تكرار مفادات وإلى المزيد من الرحلات القصيرة التي تعود به إلى حيث بدأ.
مجموعة جيدة من الممثلين المحيطين بالممثل الرئيس مانحين العمل المزيد من الأداء غير المغالى به ومنهم نجلاء بدر وحسن كامي وإيهاب أيوب ومحمود الجندي.
يلامس الفيلم هنا خطوط أفلام أخرى، إذ يوحي بـ«غير قابل للكسر» و«الحاسة السادسة» للأميركي م. نايت شيآمالان و«كاري» (في نسختيه السابقة سنة 1976 و2013) ولما تقوم عليه سلسلة «رجال إكس». ليس أننا نرى الطفلة تنظر إلى خالد أبو النجا وتقول له «أرى أمواتاً»، إنما على نطاق الطرح المستمر لأسئلة موحية بالغرائبيات.
لكن داود عبد السيد يبقي الحالات نصف حاضرة ويترك أيضاً الثغور بينها كما لو أنه غير واثق من وضوح ما يتحدث عنه. في الوقت ذاته، يحافظ الممثل خالد أبو النجا على مستوى واحد من التعبير حتى مع اختلاف الظروف وردّات الفعل. ربما لأن السيناريو لا يتضمن تطوّراً يمكن له الاستناد عليه.
هناك الكثير من الشجن وأكثر من الأفكار التي أحياناً ما ترفع مستوى الفيلم وتنفض الغبار عن رتابته كمشاهد نزول يحيى إلى الحفلات الدينية في المدينة وحالة الغربة التي يعيشها روحياً واجتماعياً. تصوّر فقط لو تخلى المخرج هنا عن التعليق الصوتي واكتفى بالكاميرا رقيباً.
في مجموعه فيلم غريب ومختلف بالفعل، لكن كذلك كل أفلام هذا المخرج المصري المقل.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».