قلق من المشهد الوبائي البرازيلي... وتشديد أوروبي للقيود

بروكسل تتوقع زخماً كبيرا في حملات التلقيح هذا الشهر

قلق من المشهد الوبائي البرازيلي... وتشديد أوروبي للقيود
TT

قلق من المشهد الوبائي البرازيلي... وتشديد أوروبي للقيود

قلق من المشهد الوبائي البرازيلي... وتشديد أوروبي للقيود

عادت «منظمة الصحة العالمية»، أمس، لتدقّ ناقوس الخطر من المشهد الوبائي في البرازيل، وما يشكّله من تهديد لمنطقة أميركا اللاتينية برمّتها، في الوقت الذي يتزايد فيه قلق السلطات الصحية الأوروبية من جموح سريان الطفرات الفيروسية التي تنذر بموجة جديدة دفعت بمعظم الحكومات إلى تشديد تدابير العزل والاحتواء، وتمديد إجراءات الإقفال والقيود على التنقّل داخل البلدان وخارجها.
وبعد أن سجّلت البرازيل 3896 حالة وفاة وأكثر من 90 ألف إصابة جديدة في الأربع والعشرين ساعة الماضية، دعت كاريسّا إتيان مديرة المكتب الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في القارة الأميركية السلطات البرازيلية إلى الإسراع في فرض فترة إقفال تام لا تقلّ عن أسبوعين، لوقف تمدّد الوباء وتخفيف الضغط على المنظومة الصحية. وحذّرت إتيان مجدداً من أن الوضع الوبائي في البرازيل بات يشكّل تهديداً حقيقياً على البلدان المجاورة التي تشهد منذ أسابيع ارتفاعاً مطّرداً في عدد الوفيات والإصابات الجديدة.
ويواجه الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو موجة واسعة من الانتقادات، بسبب إدارته للأزمة الصحية، التي جعلت من البرازيل البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء في العالم، محطّمةً أرقاماً قياسية في أعداد الوفيات والإصابات الجديدة، يوماً بعد يوم، منذ أكثر من ثلاثة أسابيع على التوالي. وكان قادة أركان القوات المسلحة البرية والجوية والبحرية قد قدّموا استقالاتهم دفعة واحدة منذ يومين احتجاجاً على ما وصفوه بأنه «سياسة كارثية» للحكومة في مواجهة الأزمة.
يُذكر أن بولسونارو كان قد عيّن مؤخراً وزيراً جديداً للصحة، هو الرابع منذ توليه الرئاسة، بعد استقالة وزيرين سابقين، وإقالته الثالث.

وفي أوروبا، انسدل ستار الفصل الأول من العام على مشهد وبائي ينذر بموجة جديدة دفعت بمعظم البلدان إلى تشديد قيود العزل والاحتواء وتمديد تدابير الإقفال، في انتظار تقدّم حملات التلقيح التي ما زالت تتعثّر بسبب عدم توفّر الإمدادات اللقاحية الكافية، ورغم القدرات الصحية والعلمية الهائلة التي تملكها.
ويطلّ الاتحاد الأوروبي على هذا الفصل الثاني من العام، بعد أن فشل في تحقيق جميع الأهداف التي كان قد وضعها في حملات التلقيح خلال الفصل الأول. وبعد أن كانت المفوضية قد خططت لتلقيح 80 في المائة من السكان الذين تجاوزوا الـ80 من العمر وأفراد الطواقم الصحية، بحلول نهاية مارس (آذار) الماضي، أفادت البيانات الأخيرة الصادرة عن المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها بأن نسبة الذين تلقّوا اللقاح بين المسنّين لم تتجاوز 27 في المائة، و50 في المائة بين الممرضين والأطباء.
كما فشل الاتحاد الأوروبي في تنفيذ الجدول الزمني لتوزيع اللقاحات التي فاخرت رئيسة المفوضية طويلاً بالعقود التي أبرمتها مع الشركات، لشرائها بكميات كبيرة وأسعار متدنّية.
لكن رغم ذلك، يصرّ المسؤولون في المفوضية على أن هذا الشهر سيشهد زخماً قويّاً في حملات التلقيح، وأن التغطية اللقاحية ستصل إلى 70 في المائة من السكّان البالغين، قبل نهاية الصيف المقبل. وكان المركز الأوروبي قد أفاد في تقريره الدوري الأخير الذي صدر، أمس (الخميس)، بأن 4 دول فقط من أعضاء الاتحاد تجاوزت عتبة الـ80 في المائة من التغطية اللقاحية للمسنّين، وهي فنلندا وآيرلندا والسويد ومالطا، وأن الدنمارك والبرتغال أصبحتا قاب قوسين من هذه النسبة. أما بالنسبة لأفراد الطواقم الطبية، فقد أفاد المركز بأن 61 في المائة، قد تلقّوا الجرعة الأولى من اللقاح، و47 في المائة الجرعة الثانية.
وفيما وصلت نسبة الذين تلقّوا الجرعتين من اللقاح إلى 15 في المائة في الولايات المتحدة وإلى 7.9 في المائة في المملكة المتحدة، ما زالت هذه النسبة دون 6 في المائة في الاتحاد الأوروبي، عند نهاية الفصل الأول من العام. وصرّحت الناطقة بلسان المفوضية الأوروبية، دانا سبينانت، أن 107 ملايين جرعة لقاح ستوزع على البلدان الأعضاء قبل نهاية الأسبوع الحالي، بعد أن كان من المقرر توزيع 160 مليون جرعة، قبل نهاية الفصل الأول.
ويترافق هذا التعثّر في توزيع اللقاحات، مع تردد العديد من الحكومات الأوروبية في استخدام لقاح «أسترازينيكا» لبعض الفئات العمرية، وذلك رغم أن الوكالة الأوروبية للأدوية أكّدت سلامة هذا اللقاح، وفعاليته لجميع الأعمار. وفيما عادت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون در لاين، لتلقي اللوم مجدداً على بعض شركات الأدوية التي لم تلتزم ببنود العقود الموقعة معها، قال تييري بروتون المفوّض المكلّف إعادة تنظيم حملات التلقيح الأوروبية إن «الزيادة الكبيرة في الإنتاج ستسمح بتوزيع الكميات الكافية أواسط يوليو (تموز) المقبل، للوصول إلى المناعة الجماعية».
من جهتها، توقعت مفوضة الشؤون الصحية ستيلا كيرياكيديس أن يتضاعف توزيع اللقاحات ثلاث مرات، في الأشهر المقبلة، مؤكدة أن التغطية اللقاحية في الاتحاد الأوروبي ستبلغ 70 في المائة، قبل نهاية الصيف المقبل. ورجّح مصدر مسؤول في المفوضية أن تبلغ التغطية الصحية 60 في المائة من السكان البالغين في الدول الأربع الكبرى، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، بحلول نهاية يونيو (حزيران).
وتُذكّر مصادر المفوضية بأن الاتحاد الأوروبي، خلافاً للمملكة المتحدة والولايات المتحدة، حافظ على قنوات تصدير اللقاحات إلى الخارج مفتوحة، وذلك رغم فرضه نظاماً لمراقبة الصادرات الذي لم يطبّقه سوى مرة واحدة لمنع خروج 4 ملايين جرعة من لقاح «أسترازينيكا»، وسمح بتصدير 69 مليون جرعة إلى 41 دولة.
ونوّه المسؤولون الأوروبيون بنجاح اللقاح الذي طورّته شركة «بيونتيك» بالتعاون مع شركة «فايزر» الأميركية. تجدر الإشارة إلى أن شركة «بيونتيك» التي طوّرت تقنيّة الحمض النووي الريبي RNA التي يقوم عليها لقاحها قد ضاعفت أرباحها 12 مرة في الفصل الأخير من العام الماضي، وهي في طريقها لتصبح واحدة من أنجح الشركات الأوروبية والعالمية في السنوات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.