علماء يؤكدون: «مناعة القطيع» ضد «كورونا» قد تختفي بعد الوصول إليها

أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)
أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)
TT

علماء يؤكدون: «مناعة القطيع» ضد «كورونا» قد تختفي بعد الوصول إليها

أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)
أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)

يقول العلماء إن مناعة القطيع ضد فيروس «كورونا» المستجد يمكن أن تختفي بعد الوصول إليها نتيجة لعدة أسباب، بعضها خارج عن سيطرتنا.
وحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد قال الدكتور كريستوفر موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن: «مناعة القطيع هي النقطة التي يطوِّر فيها عدد كافٍ من الأشخاص مناعة ضد الفيروس إما بعد إصابتهم بالعدوى وإما نتيجة لتلقيهم اللقاح المضاد للفيروس».
وأضاف: «ولكن الوصول إلى مناعة القطيع ليس أبدياً، فإذا انتقلت العدوى فيما بعد من شخص واحد لآخرين فإن هذه المناعة ستتلاشى».
وتختلف تقديرات العلماء حول نسبة السكان التي ينبغي تطعيمها أو إصابتها بالعدوى للوصول إلى مناعة القطيع.
وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المُعدية في الولايات المتحدة، إن مناعة القطيع يمكن الوصول إليها «إذا طوّر 70 إلى 85% من المواطنين مناعة ضد الفيروس»، في حين يقدِّر اختصاصي الطب الأميركي الشهير الدكتور خورخي رودريغيز، أن الرقم يتراوح بين 85 و90%.
وقال رودريغيز: «إذا قمنا بتطعيم 70% من سكان الولايات المتحدة، بما في ذلك الأطفال، ثم أُصيب 15 - 20% آخرون بالعدوى، أعتقد أن مناعة القطيع ستتلاشى وسنحيا مع الفيروس مرة أخرى».
وأشار العلماء إلى أن هناك بعض الأسباب التي تجعل من الصعب الوصول إلى مناعة القطيع وتعيق الحفاظ عليها في حال بلوغها، ومن ضمن هذه الأسباب ما يلي:

- عدم تطعيم الشباب والأطفال
قال عالم الأوبئة علي مقداد، أستاذ علوم المقاييس الصحية في جامعة واشنطن، إن عدم تلقي الأطفال والأشخاص دون سن الـ16 لقاحات «كورونا» في معظم بلدان العالم قد يشكّل حاجزاً منيعاً ضد الوصول لمناعة القطيع.
وأضاف مقداد: «هذه عقبة كبيرة أمام الوصول إلى مناعة القطيع، حيث لا يزال بإمكان الشباب والأطفال أن يصابوا بالعدوى وينقلوا الفيروس».

- رفض التطعيم
لفت العلماء إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي قد تجعلنا غير قادرين على الوصول إلى مناعة القطيع هو رفض عدد كبير من الناس تلقي التطعيم.
ويقول رودريغيز: «إذا استمر أولئك الناس في رفضهم ستتاح للفيروس فرصة كبيرة للانتشار، مما يؤدي إلى إبطاء العودة إلى الحياة الطبيعية».
وفي استطلاع أجرته مؤسسة «كايزر فاميلي فاونديشن»، وهي منظمة غير ربحية تبحث في مجال تحليل السياسات الصحية ومقرها كاليفورنيا، قال نحو 20% من المشاركين إنهم «بالتأكيد لن يتلقوا اللقاح».
ولفت رودريغيز إلى أنه يعتقد أن «التردد في تلقي اللقاحات سينخفض إذا رأى الجميع مدى خطورة فيروس (كورونا) في تدمير حياتنا».
وأوضح قائلاً: «أحد الأسباب التي تجعلني أعتقد أن الكثير من الناس لا يؤمنون بخطورة عدوى «كورونا» هو أن الأشخاص لا يرون في الأغلب معاناة أفراد عائلاتهم وأصدقائهم مع المرض. فحين يمرض أحد معارفهم بشدة يتم نقله إلى المستشفى بمفرده ولا يُسمح لأحد بالدخول معه ليرى معاناته الشديدة، على عكس مرض السرطان على سبيل المثال الذي يخاف أغلب الناس منه بشدة بسبب رؤيتهم واختبارهم لمعاناة المرضى الشديدة منه».

- تغيُّر المواسم
يمكن لمناعة القطيع أن تتغير حسب الموسم، وفقاً للعلماء.
وقال موراي إنه يعتقد أن تغير المواسم هو أكبر سبب يمكّننا من «الوصول لمناعة القطيع وفقدانها».
وأوضح قائلاً: «نحن نعلم الآن أن فيروس (كورونا) موسمي تماماً. هناك إمكانية انتقال أكبر في الشتاء مقارنةً بالصيف».
وأشار موراي إلى أن هذا الأمر يجعل من الصعب علينا معرفة متى سنصل لمناعة القطيع.
وتابع: «ما سيحدث على الأرجح هو أن انتقال العدوى سيقل جداً في الصيف، وعندها سيعتقد الأشخاص أننا وصلنا لمناعة القطيع. وبعد ذلك سيفاجأون بعودة تفشي الفيروس في الشتاء ليصابوا بالإحباط مرة أخرى».
وأضاف موراي: «الأهم من الوصول إلى مناعة القطيع هو الحفاظ عليها ومنعها من الاختفاء».

- متغيرات الفيروس
يخشى العلماء من تسبب المتغيرات الجديدة أو المستقبلية للفيروس في تدمير مناعة القطيع، مؤكدين أهمية تلقي التطعيم والاستمرار في ارتداء الأقنعة للتصدي لهذه الأزمة.

- السفر والتنقل
يؤكد العلماء أن السفر العالمي يمكن أن يتسبب في نشر متغيرات «كورونا» الجديد وينشر الفوضى حول العالم مرة أخرى.
وقال رودريغيز: «مناعة القطيع لن تحدث إلا إذا تم تطوير مناعة عالمية ضد الفيروس».

- المناعة قد تتلاشى ببطء
يقول العلماء إن مناعة القطيع قد تنتهي بعد فترة من تطويرها مثلها مثل المناعة التي يكتسبها الشخص بعد العدوى أو تلقي التطعيم.
وقال رودريغيز: «لا نعرف إلى متى تستمر المناعة من العدوى الطبيعية. وبالمثل فإننا لا نعرف إلى متى ستستمر مناعة القطيع».
وتابع: «بعض المرضى يكتسبون مناعة تستمر لأشهر طويلة بعد تلقي العدوى، والبعض الآخر يفقدون هذه المناعة بعد أيام من العدوى. ومن ثَمّ لا يمكن التكهن بمدى استمرارية مناعة القطيع في بلدان لديها هذان النوعان المختلفان من المرضى».


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
TT

«ميدان الثقافة» بوابة تربط بين الماضي والحاضر في جدة التاريخية

يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)
يأتي المشروع في إطار جهود تعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات (واس)

يشكل «ميدان الثقافة» الذي أطلقه «برنامج جدة التاريخية»، التابع لوزارة الثقافة السعودية، بوابةً تربط بين الماضي والحاضر من خلال موقعه المميز الذي عكس تصميمه ووظائفه هذه الثنائية الزمنية ليمثل معلماً حضارياً كبيراً كإحدى الوجهات الثقافية المهمة بالمدينة الساحلية جدة (غرب السعودية).

ويأتي المشروع في إطار جهود إعادة إحياء المنطقة التاريخية، وتعزيز الفنون والثقافة من خلال مراكز متخصصة في مختلف المجالات الفنية والثقافية، وبما يوفر تجارب ثقافية وفنية ثرية متنوعة، تعزز من تجربة الزوار، وتسهم في جعل المنطقة وجهةً سياحيةً عالميةً، وذلك تماشياً مع «رؤية المملكة 2030».

يعد متحف «تيم لاب» الأول من نوعه ويقام وبشكل دائم في منطقة الشرق الأوسط (واس)

ويقع «ميدان الثقافة» الذي يضم مركز الفنون المسرحية (مسرح وسينما)، ومتحف الفنون الرقمية «تيم لاب بلا حدود» (حاصل على جائزة مكة للتميز في فرع التميز الثقافي)، على ضفاف بحيرة الأربعين، ويطل على منطقة جدة التاريخية.

ويقدم مركز الفنون المسرحية فعاليات ثقافية متنوعة تشمل عروضاً مسرحيةً، ومهرجانات عالمية، ودور سينما، وجلسات تجسد أجواء «المركاز»، إلى جانب مطاعم ومقاهٍ تمثل نقاط تجمع وحوار، أما متحف «تيم لاب بلا حدود» فيُبرز الطابع الحديث للثقافة، الذي يجمع بين الفن والعلم والتكنولوجيا. وفي قلب هذا المشهد الثقافي، يبرز «بيت أمير البحر» التاريخي متوسطاً مركز الفنون المسرحية ومتحف «تيم لاب بلا حدود»، ومطلاً على «شارع حمزة شحاتة» (الشاعر السعودي الراحل)، ليعكس الثراء الثقافي المتأصل في الموقع. وقد قام البرنامج وفي إطار جهوده للحفاظ على تراث المنطقة المعماري والثقافي بترميم «البيت» وإعادة تأهيله. ويتميز «بيت أمير البحر» بتصميمه المعماري الفريد، إذ يأتي على شكل هندسي ثماني، ويتكون من دور واحد، وهو محاط بنوافذ كبيرة على شكل أقواس، وقد استُخدم في الماضي مناراً لإرشاد السفن.

مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» جعل المنطقة مقصداً للزوار من مختلف أنحاء العالم (واس)

ويجسد مشروع «ميدان الثقافة» الهندسة المعمارية التي تعكس القيم الجوهرية لجدة التاريخية، مع رؤية تجديدية دمجت بين الماضي والمستقبل في تناغم فريد، إذ مزج التصميم بين التراث المعماري الغني والنسيج الحضري المترابط، في استمرارية لهوية المنطقة وثقافتها. وفي الوقت ذاته تماشى التصميم مع فلسفة متحف «تيم لاب» التي تقوم على الانسجام بين الزائر والأعمال الفنية، وهو ما يظهر بوضوح في سطح المبنى المائل نحو المسطحات المحيطة، مما يعزز من فكرة الاندماج والانسجام.

ويشتمل «ميدان الثقافة» على مبنيين رئيسيين، بإجمالي مساحة بناء تبلغ حوالي 26 ألف متر مربع ويمتد مركز الفنون المسرحية والسينما على مساحة 16 ألف متر مربع، ويضم مقر مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ويتكون من مدخل رئيسي (الردهة)، وقاعة مسرح رئيسية بسعة 868 مقعداً، بالإضافة إلى خمس قاعات سينما بسعة 564 مقعداً، وردهة داخلية (غرفة متعددة الأغراض)، وتسع قاعات للجلسات الحوارية، و«سينماتيك»، ومطعم وثلاثة مقاهٍ.

الممثل ويل سميث يوثق زيارته للمنطقة التي تشهد إقبالاً من الزوار على مدار العام (جدة التاريخية)

فيما تبلغ مساحة متحف «تيم لاب بلا حدود» 10 آلاف متر مربع، ويضم قرابة 80 عملاً مستقلاً ومترابطاً، تُجسِد عالماً واحداً بلا حدود. ويجمع المتحف بين الفنون والتكنولوجيا والطبيعة في مساحة إبداعية مبتكرة، ويُشكل إضافة نوعية للمشهد الثقافي في المملكة.

وكان الحفاظ على الصحة العامة وتعزيز الاستدامة البيئية من الأهداف المهمة التي سعى إليها برنامج جدة التاريخية في تصميم وتنفيذ مشروع «ميدان الثقافة»، إذ تم استخدام وحدات تكييف عالية الجودة، مُجهزة بتقنية تُنقي الهواء بنسبة 100 في المائة، بالإضافة إلى تركيب مصاعد تعمل بدون لمس، وسلالم كهربائية مُزودة بتقنية تعقيم بالأشعة فوق البنفسجية، وذلك للحد من انتقال الفيروسات والجراثيم المسببة للأمراض.

ديفيد فيا نجم الكرة الإسباني خلال زيارة سابقة للمنطقة (برنامج جدة التاريخية)

كما اهتم البرنامج بالحفاظ على الموارد المائية من خلال استخدام نظام يعيد تدوير مياه التكثيف الناتجة عن وحدات التبريد لتلبية احتياجات الري، وهو ما يعزز من كفاءة استهلاك الموارد ويساهم في الحفاظ على البيئة.

وجاء مشروع «ميدان الثقافة» ضمن جهود برنامج جدة التاريخية في إعادة إحياء المنطقة، والحفاظ على تراثها المادي وغير المادي، وإثراء تجربة الزوار، ويعد الميدان معلماً حضارياً وبصرياً متميزاً في جدة، بتصميمه الذي راعى الحفاظ على النسيج الحضري في المنطقة، وجمع بين استخدام الهندسة المعمارية المعاصرة في بنائه، والحفاظ على الطابع المعماري التراثي الذي يستلهم من المباني التاريخية في المنطقة، ويأتي ضمن استثمار تاريخ المنطقة وعناصرها الثقافية المميزة وتحويلها إلى روافد اقتصادية، وجعل المنطقة وجهة مميزة على خريطة السياحة العالمية.