الجزائر تعلن إحباط «مخطط إرهابي» يستهدف «الحراك»

وفاة أقدم سجين سياسي من «العشرية السوداء»

جانب من مظاهرات الطلاب الأسبوعية المطالبة بتغيير النظام (رويترز)
جانب من مظاهرات الطلاب الأسبوعية المطالبة بتغيير النظام (رويترز)
TT

الجزائر تعلن إحباط «مخطط إرهابي» يستهدف «الحراك»

جانب من مظاهرات الطلاب الأسبوعية المطالبة بتغيير النظام (رويترز)
جانب من مظاهرات الطلاب الأسبوعية المطالبة بتغيير النظام (رويترز)

أعلنت النيابة بمنطقة القبائل الجزائرية عن إفشال مخطط إرهابي، كان يستهدف، حسبها، تفجير سيارتين خلال المظاهرات الأسبوعية المعارضة للنظام القائم. وفي غضون ذلك، أعلن أمس عن وفاة أقدم سجين سياسي، أدين بتهمة الإرهاب عام 1993، وهي الفترة التي تعرف بـ«العشرية السوداء».
وقال بيان للنيابة بمحكمة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، أمس، إن قوات الأمن أبطلت مفعول «شبكة إرهابية خططت لتنفيذ عمليات إجرامية في مسيرات (مظاهرات) الحراك». مبرزا أن «المخطط الإرهابي كان يقضي بتفجير سيارتين وسط مدينتي تيزي وزو وبجاية».
وبحسب البيان، فقد «قادت التحقيقات الأمنية إلى تحديد هويات خمسة أشخاص مشتبه بهم، وحجز أسلحة حربية، وبندقية مضخية من نوع سكوربيون. كما تم حجز رشاش كلاشنيكوف ومسدس وذخيرة، بالإضافة إلى حجز مركبتين».
في سياق ذلك، شارك أمس بعض أهالي المعتقلين السياسيين في مظاهرات طلاب الجامعات الأسبوعية، ورفعوا صور ذويهم، مطالبين بإطلاق سراحهم على أساس أنهم «ضحية أحداث تسببت فيها السلطة»، بحسب أحد المتظاهرين، وذلك في إشارة إلى تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، التي فاز بها الإسلاميون نهاية 1991، حيث أرغم قادة الجيش الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة في 11 يناير (كانون الثاني) 1992، محدثين بذلك فراغا دستوريا، وحمّلوه مسؤولية «خطر إقامة دولة إسلامية على الطريقة الأفغانية».
وسار الطلاب المتظاهرون في أهم شوارع العاصمة، مرددين شعارات الحراك الشعبي المعروفة، وأبرزها «نريد دولة مدنية لا عسكرية»، و«لا انتخابات مع العصابات». في إشارة إلى انتخابات البرلمان المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل. كما انتقد المحتجون الرئيس تبون بشدة.
إلى ذلك، أعلن أمس عن وفاة السجين عبد القادر بن رزق الله، بعد أن قضى 29 سنة في الزنزانة، وكان ينتمي لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، التي حلتها السلطات عام 1992.
ويتحدر عبد القادر من تلمسان بأقصى غرب البلاد، وقد كان يعاني حسب أسرته من مرض مزمن. وبحسب ما توفر من معطيات حول ملفه القضائي، فقد اعتقلت قوات الأمن بن رزق الله عام 1992، وبعد عام أدانته «المحكمة الخاصة»، التي أنشأتها السلطات آنذاك لمعالجة قضايا الإرهاب، بالإعدام. وفي العام نفسه توقفت الحكومة عن تنفيذ عقوبة الإعدام، فتحولت إلى سجن مدى الحياة، بالنسبة للعشرات من الأشخاص المتابعين قضائيا. وكان آخر من طبق ضدهم حكم الإعدام، أربعة إسلاميين اتهموا بتفجير مطار العاصمة في صيف 1992 (20 قتيلا).
ويبلغ عدد الإسلاميين، الذين أدانهم القضاء مطلع تسعينات القرن الماضي، 160 شخصاً، حسب جمعية تدافع عنهم، يرأسها مصطفى غزال، الذي صرح في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، بأنه يوجد من بين المساجين عساكر حكم عليهم بسبب انخراطهم في «جبهة الإنقاذ».
وكان الجيش قد أطلق خلال أحداث «العشرية السوداء» حملة كبيرة في صفوفه، بحثا عن أي عسكري تشتم فيه «رائحة الإسلاميين»، ففصل الكثير منهم من صفوفه، وأحال الكثير أيضا إلى المحاكم العسكرية. لكن الإعلام المحلي يرفض التعاطي مع قضية «المساجين السياسيين»، إما لموقف سياسي من «جبهة الإنقاذ»، أو خوفا من ردة فعل السلطات التي تعتبرهم إرهابيين.
وترقب المهتمون بالملف استفادتهم من تدابير «قانون الوئام» عام 1999، الذي مكن 6 آلاف متشدد مسلح من إلغاء أحكام قضائية ثقيلة صدرت بحقهم، ينتمون لـ«الجيش الإسلامي للإنقاذ». كما توقعوا أن يشملهم «قانون السلم والمصالحة الوطنية» عام 2005، لكن من دون جدوى. وقد راسل أهالي المساجين الرئيس عبد المجيد تبون عندما وصل إلى الحكم نهاية 2019، يناشدونه فيها بالإفراج عنهم. غير أنهم لم يتلقوا جوابا، بحسب غزال.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.