وزير الخارجية السعودي أمام مؤتمر بروكسل: الحل السياسي هو الوحيد للأزمة السورية

شدد على رفض بلاده تدخلات إيران

TT

وزير الخارجية السعودي أمام مؤتمر بروكسل: الحل السياسي هو الوحيد للأزمة السورية

أكد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي وفق القرارات الدولية، ودعمها جميع الجهود الدولية لعودة الاستقرار والسلام إلى سوريا وشعبها «الشقيق».
جاء ذلك ضمن كلمة الوزير السعودي التي ألقاها في مؤتمر بروكسل الخامس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة «عبر اللقاء الافتراضي» الذي عقد أمس، حيث أوضح أنّ غياب الإرادة الدولية في تفعيل القرارات الدولية، لا سيما قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان «جنيف 1»، أسهم في إطالة أمد الأزمة وتعقيدها، ودفع ذلك إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المؤلمة.
وأكد وزير الخارجية السعودي أن المملكة بذلت منذ بداية الأزمة جهوداً معلنة وغير معلنة في سبيل منع اندلاع وتفاقم مأساة الشعب السوري، كما استضافت مؤتمرات المعارضة السورية بهدف توحيدها، ودعم وفد المعارضة سياسياً ومادياً، ولا تزال جهودها الداعمة لحل الأزمة مستمرة.
وشدد على تجديد رفض السعودية تدخلات إيران والميليشيات التابعة لها في سوريا، مطالباً بوقف مشروع إيران الطائفي الذي يسهم في إطالة أمد الأزمة ويزيدها تعقيداً وخروجها وجميع القوات التابعة لها من الأراضي السورية، ووقف ممارساتها الإجرامية الهادفة لتغيير هوية سوريا العربية. وأضاف أن المملكة تؤكد على أهمية محاربة جميع التنظيمات الإرهابية بأشكالها كافة، ومنع عودتها ودعم جهود الاستقرار.
وشدد على موقف السعودية الرافض لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وأنها «تؤيد جميع الإجراءات الدولية لمنع إعادة استخدامها ومعاقبة كل مرتكبي جرائم الحرب».
وأشار إلى أن البدء في عملية تسوية سياسية حقيقية تحت إشراف الأمم المتحدة، هو السبيل الوحيد لإعادة الإعمار في سوريا، وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم ووقف معاناتهم، مؤكداً أهمية توحيد جهود الأطراف الدولية حيال تسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى جميع المحتاجين.
وبيّن أن جهود المملكة شملت ملايين السوريين في الداخل السوري والبلدان المجاورة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والبرامج الإنسانية والإغاثية والتنموية بالتنسيق مع حكومات تلك الدول، واستضافة المملكة مئات الآلاف من الأشقاء السوريين على أراضيها.
وأوضح وزير الخارجية السعودي أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها بلاده «للأشقاء السوريين» في الداخل السوري ودول الجوار بلغت نحو مليار ومائة وخمسين مليون دولار.
من جهة أخرى، قال الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون الخليج، إن دول المجلس تبنت موقفاً ثابتاً، منذ بداية الحرب في سوريا، حيث ساندت الجهود الإنسانية والإغاثية، وقامت بواجبها الإنساني، كما أنها تدعم جهود الأمم المتحدة الرامية للحل السياسي للأزمة السورية، وفقاً لبيان جنيف 1، وقرار مجلس الأمن 2254.
وذكر الحجرف في كلمة له خلال المؤتمر، أن إجمالي مبلغ المساعدات المقدمة من الدول الأعضاء منذ بداية الأزمة السورية بلغت أكثر من 8 مليارات دولار، كما بلغ إجمالي عدد الأشقاء السوريين المقيمين في الدول الأعضاء أكثر من مليوني مقيم، يتمتعون بكل الحقوق والمزايا التي تكفل لهم حياة كريمة.
وأضاف: «كان لدولة الكويت دور بارز في مجال العمل الإنساني، حيث استضافت ثلاثة مؤتمرات للمانحين في أعوام بين أعوام 2013 و2015، لدعم الوضع الإنساني في سوريا ودول الجوار، وبلغ إجمالي التعهدات التي قُدّمت في المؤتمرات الثلاثة 7.7 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار تقريباً من دول المجلس.
وأكد الأمين العام أن انعقاد هذا المؤتمر الدولي، وبمشاركة هذا العدد من الدول والهيئات والمنظمات والشركات، يؤكد حرص المجتمع الدولي على القيام بمسؤولياته السياسية والإنسانية، لمساعدة الأشقاء في سوريا على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها نتيجة لما خلفته الحرب الطاحنة خلال السنوات العشر الماضية.
وأضاف: «آن الأوان أن تتوقف هذه الحرب وتتضافر الجهود الدولية للوصول إلى حل سياسي للأزمة، ليتسنى البدء بإعادة الإعمار وإصلاح ما خلفته الحرب وبما يمكن الأشقاء السوريين من عودة كريمة إلى وطنهم».
وقال إن «سنوات الحرب الطويلة تركت عشرات الآلاف من الشباب السوري بلا تعليم ولا عمل ولا أمل، ودعا خلال كلمته إلى إيجاد برنامج خاص لإعادة تأهيل وتمكين هؤلاء الشباب، وإلا فإنهم سيكونون هدفاً سهلاً للتنظيمات الإرهابية لتحقيق مخططاتها التخريبية ليس في سوريا فحسب بل في العالم أجمع».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».