معسكر التغيير يعمل على حكومة يمينية من دون نتنياهو

رئيس الوزراء يواصل جهوده للاستعانة بـ«الإسلامية»

TT

معسكر التغيير يعمل على حكومة يمينية من دون نتنياهو

في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة الحكم في إسرائيل، ويبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يستطيع تشكيل حكومة بقيادته، ويواجه معسكر التغيير الذي يسعى لاستبداله عقبات جدية للاتحاد تحت قائد واحد، طرحت قوى في حزب الليكود اقتراحاً لتشكيل حكومة يمينية، من دون نتنياهو، ومن دون النواب العرب من «القائمة المشتركة» أو من الحركة الإسلامية.
وقالت مصادر مقربة من الليكود إن أصحاب الاقتراح الجديد عرضوه مباشرة على نتنياهو، وقالوا له إن مثل هذا الاقتراح يضمن بقاء اليمين على رأس الحكم. وكتعويض لنتنياهو على خسارة الحكم يتم انتخابه لمنصب رئيس دولة، مكان رؤوبين رفلين، الذي تنتهي دورته في الصيف المقبل. وأشاروا إلى أن أصحاب الاقتراح تحدثوا عن سن قانون، يضمن أن ينجو نتنياهو في هذه الحالة من محاكمته بتهمة الفساد. وبدا أن أحزاب اليمين، أي الليكود والأحزاب الدينية، وافقت على الاقتراح، وكذلك ثلاثة أحزاب أخرى، هي حزب «يمينا» برئاسة نفتالي بنيت، وحزب «أمل جديد» برئاسة غدعون ساعر، وحتى «كحول لفان» (الوسط) برئاسة بيني غانتس، وافقت على الاقتراح. وإذا تم تطبيق الاقتراح تقوم حكومة يمين تضم أكثرية 68 نائباً (من مجموع 120). وستكون تلك حكومة يمينية ثابتة. إلا أن نتنياهو رفض الاقتراح وأجهضه قبل ولادته. وحسب مصادر مقربة منه، فإنه يشعر بأن الأمر مصيدة، إذ إن معارضيه سينظمون مظاهرات أمام مقر رؤساء إسرائيل كي يضطر إلى الاستقالة، كما حصل مع الرئيس الأسبق، موشيه قصاب، الذي حوكم وأدين بتهمة اعتداءات جنسية على موظفاته وأمضى في السجن خمس سنوات.
وأكدت مصادر سياسية أن كلاً من نفتالي بنيت، وغدعون ساعر، اللذين يريدان الحفاظ على الطابع اليميني لحزبيهما، ومعهما بيني غانتس أيضاً، يقودون تحركات بهذا الاتجاه. ولم تستبعد المصادر إمكانية مشاركة يائير لبيد في هذه الحكومة، وهو ينزعج من تصنيفه على اليسار والوسط ويفضل اعتباره يمينياً ليبرالياً. وقالت المصادر إن رئيس حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين، أريه درعي، يتحمس هو أيضاً للاقتراح، خصوصاً أنه يريد حكومة من دون أفيغدور ليبرمان، الذي يحارب الأحزاب الدينية، ويرى في هذا الاقتراح حلاً خلاقاً.
لكن نتنياهو يواصل جهوده لتشكيل حكومة يمين تستند إلى دعم الحركة الإسلامية، بقيادة النائب منصور عباس. وقد باشر العمل على إقناع حلفائه في حزب اليمين المتطرف «الصهيونية الدينية» بقيادة بتسلئيل سموترتش وايتان بن غبير، بتغيير موقفهما وتقبل الحركة الإسلامية. وقد نجح في تجنيد عدد من رجال الدين من قيادة المستوطنين لتأييد الفكرة. وخرج عدد منهم، أمس (الثلاثاء)، بتصريحات يتحدثون فيها عن التقارب بين اليهودية والإسلام، والشراكة في مفاهيم الحفاظ على العائلة ورفض المثليين، ويقولون إن اليهودية تنظر باحترام إلى الإنسان العربي. ويأمل نتنياهو أن يؤثر هذا الخطاب الجديد في المستوطنات على حلفائه. وهو يؤكد لهم أن مطالب الحركة الإسلامية تقتصر على القضايا المدنية ولا يوجد فيها ضرر لإسرائيل.
في المقابل، حذرت أوساط في معسكر التغيير من أن يكون هذا مطباً جديداً من نتنياهو يهدف إلى تخديرهم. وقال رونين تسور، المستشار السابق لرئيس «كحول لفان»، بيني غانتس، إن معسكر التغيير يتصرف بصبيانية ويتصارع على أمور شخصية تتعلق برئاسة المعسكر، وينسى أن الحديث يدور عن مصلحة إسرائيل العليا، التي تقتضي التخلص من نتنياهو. وقال: «نتنياهو أشطر منهم. لقد جمع 52 نائباً سيوصون عليه لرئاسة الحكومة. فإذا لم ينجح المعسكر المقابل بجمع عدد أكبر منه وراء مرشح متفق عليه، فسيكون رئيس الدولة مضطراً لتكليف نتنياهو. وإذا تم هذا التكليف، فإن نتنياهو سينجح في تشكيل حكومة وتحويل هزيمته في الانتخابات إلى انتصار». وحذر تسور، الذي يعد أحد أبرز الخبراء في المعارك السياسية الإسرائيلية، من أن «عامل الوقت حاسم في هذه القضايا».
يذكر أن هناك خلافاً في صفوف معسكر التغيير حول تشكيل حكومة، إذ إن بنيت وساعر يرفضان أن تكون حكومة كهذه، قائمة على دعم النواب العرب من القائمة المشتركة أو الحركة الإسلامية، على السواء. وهناك خلاف حول رئاسة الحكومة، إذ إن يائير لبيد يقول إنه يترأس الحزب الأكبر (17 مقعداً)، ولذلك يجب أن يكون هو رئيس الحكومة، ويرد بنيت بالقول: «من دوني لن تستطيع تشكيل حكومة».
ويواصل لبيد لقاءاته مع الأحزاب، وسيجتمع غداً (الخميس) مع ممثلي القائمة المشتركة برئاسة النائب أيمن عودة، لفحص إمكانية التوصية عليه ليكلف بتشكيل الحكومة. وقالت مصادر في المشتركة إن هناك خلافات داخلية حول الموضوع، فبعد أن كانوا قد أوصوا على بيني غانتس في انتخابات السنة الماضية، أدار ظهره لهم وانضم لحكومة نتنياهو، وهناك شكوك لديهم في جدوى توصيات كهذه، خصوصاً بعد أن أعرب بعض حلفاء لبيد عن رفضهم حكومة تستند إلى العرب.
من جهته، قرر الرئيس الإسرائيلي، رفلين، أنه سيباشر اللقاءات الاستشارية مع رؤساء القوائم، يوم الاثنين المقبل وتستمر يومين، وسيقرر يوم الأربعاء، إلقاء مهمة تشكيل الحكومة على أحد المرشحين. وقالت مصادر مقربة منه إنه في حال فشل المرشح في مهمته، لن يلقي المهمة على مرشح آخر وسينقل التفويض إلى الكنيست، لتجري محاولة توافق على شخصية تقوم بتشكيل الحكومة.
ومن المقرر أن تنشر اليوم (الأربعاء)، النتائج النهائية الرسمية للانتخابات. وإذا تم إسناد مهمة تشكيل الحكومة لأحد المرشحين الأسبوع المقبل، فإن المرشح سيمنح مهلة قانونية لمدة 28 يوماً يمكن تمديدها 14 يوماً أخرى.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.