يطلق الرئيس الأميركي جو بايدن، هذا الأسبوع، مشروع استثمارات ضخمة في البنى التحتية مرفقاً بزيادات ضريبية أثارت على الفور انتقادات خصومه، حتى قبل تحديد نسبها. وفي دليل على الأهمية التي يوليها لهذا الملف الذي يمكن أن يشكّل علامة فارقة لعهده، سيطلق بايدن اليوم (الأربعاء)، مشروعه الجديد من مدينة بيتسبرغ في شمال شرقي الولايات المتحدة، حيث أطلق قبل عامين حملته الانتخابية.
وفي مؤشر إلى عهد رئاسي يريده جريئاً وإصلاحياً، سيعرض بايدن أرقاماً قد تبدو للبعض خيالية بعد أن كان سلفه دونالد ترمب يسمّيه «جو النعسان» ويتهمه بأنه يفتقر إلى الأفكار والأطر التوجيهية.
فبعد أن تمكّن من إقرار خطته الإنقاذية المتمحورة حول جائحة «كوفيد - 19» والمقدّرة بنحو 1.9 تريليون دولار في الكونغرس، سيطرح الرئيس الديمقراطي مشاريع تقدّر قيمتها بما بين 3 و4 تريليونات دولار. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن المشروع يهدف إلى «إعادة بناء اقتصادنا وإيجاد فرص عمل توفر مدخولاً أفضل للعمال الأميركيين». ويتمحور المشروع حول وعد تكرر ألف مرة خلال الحملة «إعادة البناء بشكل أفضل»، ويرمي إلى تحديث المنشآت، ومنافسة الصين، ووضع التحديات المناخية في صلب السياسة الأميركية. ولم يصدر البيت الأبيض حتى الآن معلومات وافرة حول المشروع، مما زاد التكهنات حول المشاريع والمبالغ والاستراتيجية السياسية التي ستُعتمد. ولكن، هناك أمر واحد مؤكد وهو أن الخطاب في بيتسبرغ سيكون مجرّد نقطة انطلاق لمعركة ضارية في الكونغرس غير محسومة النتائج. فهامش الغالبية ضيق جداً والمفاوضات تبدو في غاية الصعوبة. وستشكّل الأشهر المقبلة اختباراً للقدرات التفاوضية لبايدن الذي يصفه الرئيس الأسبق باراك أوباما بأنه «أحد أسود التاريخ الأميركي»، ولإلمامه بمفاصل السياسة الأميركية.
وسواء تمحورت الخطة حول إصلاح أو بناء طرق وجسور وسكك حديد وموانئ ومطارات، لا شك أن هذه المشاريع تحاكي تطلّعات عامة الشعب، خصوصاً أن قسماً كبيراً من البنى التحتية في الولايات المتحدة يعود إلى خمسينيات القرن الماضي ولا جدال حول تقادمها.
لكن بعيداً عن العبارة الشهيرة «إنها قضية يمكن للديمقراطيين والجمهوريين الاتفاق بشأنها»، يعد التوصل إلى توافق سياسي مسألة بالغة الصعوبة.
وكان كل من الرئيس السابق دونالد ترمب، وسلفه باراك أوباما، قد أطلق وعوداً كبرى على هذا الصعيد، بقيت حبراً على ورق... والمسألة الجوهرية تبقى كيفية التمويل. ويؤكد المنافس السابق لبايدن في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين بيت بوتيجيج، الذي يشغل حالياً منصب وزير النقل وسيكون في الخط الأمامي في هذا الملف، أن الأمور ستكون مختلفة هذه المرة وأن الظروف مواتية. وقال بوتيجيج: «أعتقد أننا أمام فرصة استثنائية لنيل تأييد الحزبين، وإظهار توجّه جريء على صعيد البنى التحتية». وتابع: «لا يحتاج الأميركيون لأن نشرح لهم أن البنى التحتية تستدعي تحركنا، وفي الحقيقة لا يمكن فصل البعد المناخي» عن هذا الملف. وعلى الرغم من اندفاع بوتيجيج ورصيده السياسي، تبدو المهمة شاقة. ويقول دي جيه غريبين، الخبير في مؤسسة «بروكينغز» والمستشار السابق لترمب لشؤون البنى التحتية، إن «على بايدن أن يتّعظ من أخطاء أسلافه. وعليه أولاً أن يحدد بدقة دور الحكومة الفيدرالية التي ليست في غالبية الحالات الجهة المالكة لهذه البنى التحتية... كذلك يجب التنبّه إلى مخاطر المشاريع شديدة (التقنية) والأخذ دائماً في الحسبان تطلّع الأميركيين ونوابهم إلى مشاريع (ملموسة)، على غرار كم ستوفّره من وقت على مستخدميها؟ وهل ستُزال الحفر من الطرق؟». وكتب غريبين في مدوّنته أن بايدن سيلقى مواجهة في الكونغرس إن لم يغيّر مقاربته، وسيفشل. وأضاف: «وسيتواصل تقليد إطلاق المرشحين المستقبليين للرئاسة وعوداً لا جدوى منها وبمليارات الدولارات للبنى التحتية».
بايدن يعرض مشروعه العملاق للبنى التحتية
بايدن يعرض مشروعه العملاق للبنى التحتية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة