الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تطالب نتنياهو بتغيير سياسته ضد الأردن

الملك عبد الله الثاني يزور منطقة الغمر نوفمبر 2019  بعد إعلان انتهاء العمل بملحق معاهدة السلام بشأن تأجير الغمر والباقورة لإسرائيل (غيتي)
الملك عبد الله الثاني يزور منطقة الغمر نوفمبر 2019 بعد إعلان انتهاء العمل بملحق معاهدة السلام بشأن تأجير الغمر والباقورة لإسرائيل (غيتي)
TT

الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تطالب نتنياهو بتغيير سياسته ضد الأردن

الملك عبد الله الثاني يزور منطقة الغمر نوفمبر 2019  بعد إعلان انتهاء العمل بملحق معاهدة السلام بشأن تأجير الغمر والباقورة لإسرائيل (غيتي)
الملك عبد الله الثاني يزور منطقة الغمر نوفمبر 2019 بعد إعلان انتهاء العمل بملحق معاهدة السلام بشأن تأجير الغمر والباقورة لإسرائيل (غيتي)

وسط اتهامات له بشخصنة السياسة الاستراتيجية للدولة، توجه عدد من كبار المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي، إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مطالبين بتغيير سياسته إزاء الأردن محذرين إياه من أن الأزمة التي تتصاعد في عهده مع ملك الأردن عبد الله الثاني، تعتبر خطأ بكل المقاييس ويجب تغييرها.
وقالت مصادر مقربة من أجهزة الأمن في تل أبيب إن «الأردن بلد مهم للغاية في المنطقة، والسياسة التي ينتهجها، أبا عن جد، توفر الاستقرار والأمن، وتجني إسرائيل فائدة كبرى من هذه السياسة، إذ بفضلها تعد الحدود بين البلدين، التي تعتبر أطول حدود مع إسرائيل (300 كيلومتر)، الأكثر أماناً. فهي، وبفضل الإجراءات الأمنية في الأردن والاستقرار في النظام، تعتبر حدوداً آمنة ومغلقة أمام تسلل مخربين وتساعد إسرائيل على منع تهريب أسلحة»، بحسب المصادر، التي أضافت أنه «تنتشر على طول الحدود ثلاثة كتائب للجيش الإسرائيلي، وغالباً هذه كتائب مشاة تستند إلى جنود غير مؤهلين وانتشارهم عند الحدود يحرر ألوية مشاة نظامية ونوعية للعمل في جبهات أكثر تهديداً».
وكتب المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أمس، أن «الأردن ينشر على طول الحدود قوات، حجمها أكبر بكثير من الجيش الإسرائيلي، وفيها عدة ألوية عسكرية. ويبذل الأردن جهداً كبيراً في منع التسلل إلى إسرائيل. وهذه المساعدة الأردنية تعفي إسرائيل من استثمار موارد في ترميم السياج الحدودي، الذي لم يُرمم منذ عشرات السنين، قياساً بمليارات الدولارات التي استثمرت عند الحدود مع قطاع غزة ومصر وسوريا ولبنان».
وكانت الأزمة قد تفاقمت بين الأردن وإسرائيل إثر سلسلة حوادث، بدأت قبل عدة أشهر وزادت في الأسابيع الأخيرة، كان أبرزها تغيير إجراءات الأمن لزيارة ولي العهد الأردني إلى المسجد الأقصى واضطراره لإلغائها، ما جعل الأردن يرد بتأخير منح ترخيص لإقلاع طائرة إماراتية توقفت في مطار عمان، قبل أسبوعين، كانت قادمة لنقل نتنياهو إلى أبوظبي، في زيارة تستمر عدة ساعات أراد نتنياهو استخدامها في حملته للانتخابات البرلمانية.
واضطر نتنياهو لإلغاء الزيارة، وسمع وهو يتهم ملك الأردن بالتشويش عليه، وبمحاولة التدخل في هذه الانتخابات لصالح منافسيه، وذلك لأن الملك استقبل وزير الأمن بيني غانتس في عمان. وأشار هرئيل إلى أن قسماً كبيراً من الجهات المهنية في جهاز الأمن الإسرائيلي، يتحفظ على الخط المتشدد الذي يمارسه نتنياهو تجاه عمان، ويرى في الخطوات التي أقرها، وبينها إغلاق المجال الجوي لرحلات جوية من الأردن لبضع ساعات، وعدم التجاوب مع طلب أردني بالحصول على لقاحات مضادة لكورونا، أنها خطوات انتقام شخصية من جانب نتنياهو تجاه الملك عبد الله.
وأضاف أن مقربين من نتنياهو، يتحدثون، في هيئات مغلقة، غالباً، باستخفاف حيال الأردن، ويعتبر المنتقدون، هذا الموقف «خاطئاً ومضراً بالمصالح الإسرائيلية»، محذرين من أن «محاولة إضعاف العائلة المالكة في الأردن قد ينعكس على إسرائيل أيضاً، وأن استهداف الحدود الطويلة والمستقرة بين الدولتين، سيلزم الجيش الإسرائيلي بتخصيص موارد وقوات وانتباه أكثر» إلى هذه الحدود.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.