أشتية يطلق خطة لسد عجز مليار دولار في الموازنة

عبر إصلاحات هيكلية إدارية ومالية

جداريات في صالات المراكز والمؤسسات بمناطق السلطة الفلسطينية (وفا)
جداريات في صالات المراكز والمؤسسات بمناطق السلطة الفلسطينية (وفا)
TT

أشتية يطلق خطة لسد عجز مليار دولار في الموازنة

جداريات في صالات المراكز والمؤسسات بمناطق السلطة الفلسطينية (وفا)
جداريات في صالات المراكز والمؤسسات بمناطق السلطة الفلسطينية (وفا)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، إن حكومته ستعمل على استراتيجية للإيرادات الضريبية وسترشّد النفقات، في محاولة لسد فجوة كبيرة في موازنة العام الحالي، تصل إلى مليار دولار.
وجاء إعلان أشتية فيما تواصل حكومته العمل على إقرار أول موازنة عادية منذ عامين. وقال أشتية في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس: «نستكمل اليوم مناقشة الموازنة العامة للسنة المالية 2021 قبل إحالتها للرئيس محمود عباس للمصادقة عليها، وفق الأصول. الرئيس سيصادق على الموازنة بعد أن يُجري مجلس الوزراء النقاش للمرة الثالثة، والنهائي لها، وسط توقعات بفجوة عجز بحوالي مليار دولار».
وتابع أن الحكومة «ستعمل كل ما تستطيع، من أجل سد هذه الفجوة عبر إصلاحات هيكلية إدارية ومالية. وستطبق الخطة الاستراتيجية للإيرادات الضريبية للفترة من 2021 - 2025، التي تركز بشكل أساسي على مكافحة التهرب الضريبي، والتجنب الضرائبي، وتوسيع القاعدة الضريبية بشكل أفقي، وعدم زيادة العبء الضريبي على المواطنين». وأضاف في هذا السياق، أن «العمل جارٍ لترشيد الإنفاق العام في أمور مهمة، مثل صافي الإقراض، والتحويلات الطبية، والتكاليف الأخرى، ومتابعة الجهود بشكل حثيث لتصويب الملفات المالية العالقة مع الجانب الإسرائيلي، والمنبثقة من (بروتوكول باريس)».
ويأتي إقرار موازنة هذا العام بعد انقطاع لعامين عن اعتماد موازنة عادية بسبب الظروف المعقدة المتعلقة بالخلافات المالية مع إسرائيل، ثم لتفشي وباء «كورونا».
وقال أشتية: «يأتي إعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021، استكمالاً لتنفيذ الخطة الوطنية؛ الصمود المقاوم والانفكاك والتنمية بالعناقيد نحو الاستقلال». وأضاف أن «خطة التنمية بمحاورها الثلاثة الرئيسية، هي: إنهاء الاحتلال، والإصلاح، وتحسين جودة الخدمات العامة». وتابع أنها «ستشمل أولاً الإصلاحات الهيكلية، إدارياً، ومالياً، وترشيد الإنفاق الحكومي، ومتابعة الجهود الحثيثة لتحصيل حقوقنا المالية من الجانب الإسرائيلي، وهناك مستحقات لنا تقدر بمئات الملايين من الشواقل».
ويفترض أن تقر الحكومة الموازنة من حيث طبيعتها بوصفها موازنة عادية، على أن يجري تقييمها بشكل شهري، فضلاً عن مراجعتها برلمانياً عند انتخاب المجلس التشريعي، لدراسة مدى ملاءمتها الظروف المستجدة. وقالت وزارة المالية الفلسطينية إن الموازنة ستتصف بـ«المرونة والقابلية للتنفيذ، شهرياً، وفقاً للتدفقات النقدية المتاحة من شهر إلى آخر، ووفقاً للأولويات الحكومية. وستكون الموازنة قابلة للتعديل الشامل أو الجزئي، بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية المقررة في مايو (أيار) المقبل».
وتعهد أشتية بـ«تركيز الإنفاق الحكومي بشكل ثابت وموجه نحو قطاعات الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية والأمن، بما نسبته 62 في المائة من إجمالي الإنفاق العام. وقد خُصّص للتعليم 17 في المائة من إجمالي الموازنة، ويشمل ذلك البنية التحتية للمدارس، ودعم المدارس في مدينة القدس وما تسمّى المناطق المصنفة (ج)، والأغوار، إضافة إلى توفير التمكين التكنولوجي، وتطوير المستوى التعليمي». وقال إنه سيجري «تخصيص 12 في المائة من إجمالي الموازنة العامة للقطاع الصحي، و13 في المائة من إجمالي الموازنة للحماية والتنمية الاجتماعية، وذلك لدعم الفئات المتضررة من الاحتلال من جهة؛ والفئات المهمّشة والعاطلين عن العمل وتخفيض نسبة الفقر، من جهة أخرى».
وبهذا تشكل موازنة الأجهزة الأمنية نحو 20 في المائة من الموازنة العامة، وهي موازنة لطالما أثارت الجدل. وقال أشتية أيضاً إن حكومته «ستستمر في التزاماتها المالية تجاه قطاع غزة، فما يقارب 1.4 مليار دولار وما نسبته 30 في المائة من إجمالي النفقات و40 في المائة من إجمالي الإيرادات، ستصرف على قطاع غزة».
وسبق أن أعلنت الحكومة الفلسطينية أن الاقتصاد الفلسطيني انكمش خلال 2020 بنسبة 11.5 في المائة، فيما تراجعت المنح المالية بنسبة 33 في المائة عن عام 2019، وتراجعت إيراداتها كافة بنسبة 20 في المائة نتيجة التحديات التي فرضتها أزمة «كورونا».
وبحسب الحكومة؛ فإن عجز الموازنة الفلسطينية بلغ 9.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، العام الماضي، بينما بلغ الدين العام المحلي 15 في المائة، ارتفاعاً من 13 في المائة خلال 2019. ويعاني الاقتصاد الفلسطيني مع استمرار جائحة «كورونا»، وقدرت الحكومة الفلسطينية الخسائر الاقتصادية بأكثر بـ3.8 مليار دولار خلال عام. وأظهرت تقارير سلطة النقد في العامين الماضيين، استمرار التباطؤ في الاقتصاد الفلسطيني، حيث وصلت نسبة النمو إلى 0.7 في المائة بالقياس إلى 3.1 في المائة عام 2017، وذلك على خلفية استمرار انكماش الاقتصاد في قطاع غزة وتراجع زخم النمو في الضفة الغربية.
وكان البنك الدولي حذر من أن الفقر قد يتضاعف في الضفة الغربية المحتلة بسبب التداعيات الاقتصادية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.