الإصلاح الاقتصادي السعودي يعزز التصنيف الائتماني بنظرة مستقبلية مستقرة

اقتصاديون لـ «الشرق الأوسط»: تراجع الدين وانتعاش أرباح صندوق الاستثمارات سيحفزان الإنفاق المحلي

تصنيف ائتماني حديث يؤكد متانة الاقتصاد السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)
تصنيف ائتماني حديث يؤكد متانة الاقتصاد السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

الإصلاح الاقتصادي السعودي يعزز التصنيف الائتماني بنظرة مستقبلية مستقرة

تصنيف ائتماني حديث يؤكد متانة الاقتصاد السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)
تصنيف ائتماني حديث يؤكد متانة الاقتصاد السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)

في وقت أكدت مؤخراً وكالة التصنيف الائتماني (إس آند بي) تصنيفها الائتماني للسعودية عند «A -» مع نظرة مستقبلية مستقرة وعودة الاقتصاد السعودي إلى النمو الإيجابي في 2021. بل وعودة مستوى الحساب الجاري إلى الفائض مع تقليص نسب العجز في المالية العامة، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن آثار الإصلاحات المالية السعودية وامتلاك أصول سيادية قوية قادت للتصنيف التفاؤلي الائتماني الحالي.
وقال لـ«الشرق الأوسط» عضو مجلس الشورى السعودي فضل بن سعد البوعينين أن التصنيف هو نتاج طبيعي لنجاح المملكة في مواجهة جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط خلال العام الماضي، مع إنفاقها التوسعي لدعم الاقتصاد في المحافظة على تصنيفها السيادي، وهو أمر يؤكد قدرة السعودية في مواجهة الأزمات وإدارتها وخفض انعكاساتها».
وأضاف البوعينين: «أهمية الإصلاحات الهيكلية المالية التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية وآثارها المهمة في تعزيز الاستقرار المالي وتحسين وضعية المالية العامة»، مشيراً إلى أهمية الإجراءات الحكومية خلال الجائحة، مما عزز الثقة بإجراءاتها بدلالة تصدر المملكة مؤشر إيدلمان العالمي الذي عد الحكومة ‫السعودية أنها‬ الجهة الأكثر ثقة على مستوى العالم.‬‬
ووفق البوعينين، فإنه مع عودة أسعار النفط إلى ما فوق 60 دولاراً واستمرار الحكومة في جهودها لخفض العجز في الميزانية، إضافة إلى نمو الإيرادات غير النفطية، من المتوقع تحسن موقف المالية العامة مما سينعكس إيجاباً على التصنيف السيادي مستقبلاً.
ومن شأن استقرار أسعار النفط فوق 60 دولاراً وربما زيادة الإنتاج مستقبلاً تناغماً مع تحسن الاقتصاد العالمي، وفق البوعينين، أن يعزز الفائض في الحساب الجاري الذي يجب أن يكون هدفاً للحكومة من خلال إصلاحاتها وإجراءاتها الطارئة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية والمالية المفاجئة، لافتاً إلى أن هناك مؤشرات قوية على عودة النمو في عام 2021 بما يسهم في زيادة الإيرادات غير النفطية.
واستطرد عضو الشورى: «من المهم المواءمة بين احتياجات الاقتصاد لمزيد من الدعم وحاجة المالية العامة لنمو الإيرادات»، مبيناً أن المواءمة بين الشأن المالي والاقتصادي كفيل بتقوية قاعدة الإصلاحات وجعلها أكثر استدامة، في ذات الوقت السيطرة على الدين العام وخفضه.
من جهته، أوضح الاقتصادي الدكتور خالد رمضان رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، لـ«لشرق الأوسط» أن تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز يؤكد متانة الاقتصاد السعودي في مواجهة الرياح المعاكسة التي خلفتها جائحة كورونا، متوقعاً أن تؤدي الإصلاحات الهيكلية الطموحة، وتعافي أسعار النفط إلى دعم النمو الإيجابي.
ولفت رمضان إلى أهمية وضع التصنيف الائتماني للسعودية في سوق الدين العالمي، وخاصة ما يتعلق بالنظرة المستقبلية المتفائلة للاقتصاد السعودي خلال العامين المقبلين بفعل قوة المركز المالي وارتفاع صافي الأصول الخارجية، لافتاً إلى أن تراجع عجز الموازنة وارتفاع فائض الميزان الجاري يعدان من بين أبرز تجليات التعافي القادم في اقتصاد المملكة.


مقالات ذات صلة

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية بالسعودية (الشرق الأوسط)

الأقل في مجموعة العشرين... التضخم في السعودية يسجل 2 %

بلغ معدل التضخم السنوي في السعودية 2 في المائة، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)

السعودية: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار

قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، إن السعودية نجحت في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية الكبرى في القطاع اللوجيستي.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.