الكشف عن خلافات في تل أبيب حول مصير الأسد

وزير إسرائيلي: عدم إسقاطه كان خطأ استراتيجياً لصالح إيران

جندي إسرائيلي خلال تدريب عسكري في الجولان السورية المحتلة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي خلال تدريب عسكري في الجولان السورية المحتلة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الكشف عن خلافات في تل أبيب حول مصير الأسد

جندي إسرائيلي خلال تدريب عسكري في الجولان السورية المحتلة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
جندي إسرائيلي خلال تدريب عسكري في الجولان السورية المحتلة الشهر الماضي (إ.ب.أ)

كشف وزير إسرائيلي كبير من ذوي الخلفية الأمنية الراسخة، أن قيادة الجيش، وكذلك الحكومة، بقيادة بنيامين نتنياهو، شهدتا خلافات كبيرة في التعاطي مع الموضوع السوري، منذ اندلاع الحرب الأهلية، وأن قسماً منهم أيّد انتهاز الفرصة السانحة لإسقاط الرئيس بشار الأسد، وقسم رفض ذلك وأيد بقاءه. وقال إن «مؤيدي الأسد في القيادة الإسرائيلية تغلبوا على معارضيه»، واعتبر ذلك «خطأ فاحشاً خدم إيران، وندفع ثمنه اليوم باهظاً».
وكشف الوزير الإسرائيلي، في أحاديث ضيقة تسرب بعض منها إلى الإعلام، أمس (الأحد)، أن نقاشات حادة دارت في قيادة المنظومة العسكرية الأمنية والسياسية في إسرائيل، مع اندلاع الحرب في سوريا، حول إسقاط نظام بشار الأسد. قسم من القيادات رأى أن هناك فرصة مهيأة لإسقاط نظام الأسد، فقد كانت المعارضة قوية جداً، وتستند إلى قاعدة جماهيرية ولديها انفتاح مثبت تجاه إسرائيل. وبدا واضحاً بأن هذه الفرصة لن تتحقق من دون دعم إسرائيل.
وكان بذلك يشير إلى الجيش الحر وعناصر أخرى في المعارضة، الذين بادروا للاتصال بإسرائيل، وبعضهم قاموا بزيارات علنية إلى تل أبيب، وأطلقوا تصريحات عن استعداهم للسلام مع إسرائيل على أساس تأجيرها هضبة الجولان السورية المحتلة لعشرين أو ثلاثين سنة وتحويله إلى «محمية سلام». وقد طلبوا يومها دعماً إسرائيلياً لوجيستياً وتزويدهم بالسلاح. وقال الوزير الإسرائيلي إن هذا النقاش استغرق عدة سنوات، إلى أن لم يعد بالإمكان إسقاط الأسد، في سنة 2014 - 2015 حيث بدأت هزيمة «داعش». وقال: «لو قررت حكومتنا مساعدة المتمردين السوريين غير الجهاديين، وعملت بنفسها من خلال قنواتها السرية ما تعرف جيداً كيف تفعله، واستغلت الواقع السوري الذي بدا فيه النظام عاجزاً ومتردداً، لكان نظام الأسد قد سقط، وحل محله نظام جديد في دمشق، مدعوم من الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، ولكان بالإمكان التوقيع معه على اتفاق سلام من دون الانسحاب من الجولان، ولكنا اليوم في وضع أمني أفضل ألف مرة من الوضع الحالي، خصوصاً على الجبهة اللبنانية والسورية، مقابل المحور الشيعي الراديكالي، ولكنا قطعنا الذراع المركزية وأنبوب الأكسجين العملي واللوجيستي للأخطبوط الإيراني وأذرعه».
وأكد الوزير الإسرائيلي أن معارضي فكرة إسقاط الأسد، شكلوا معسكراً كبيراً وقوياً، فقد عارضوا مبدئياً أي تدخل إسرائيلي في الحرب السورية. وعللوا ذلك بالقول إنه «لا أحد بإمكانه ضمان أن الجهة أو تحالف المنظمات والجهات السياسية التي ستصعد إلى الحكم مكان الأسد ستكون أقل عدائية وخطورة من إيران تجاه إسرائيل. على العكس، البديل المتطرف الذي كان ظاهراً في تلك الفترة في سوريا بدا أنه ليس أقل تهديداً من آيات الله الإيرانيين. ثم وضع هؤلاء أمامهم التجربة الإسرائيلية الفاشلة في لبنان، عندما حاول وزير الأمن، أرئيل شارون، ورئيس أركانه، رفائيل إيتان، بعد غزو لبنان واحتلال جزء من بيروت، في عام 1982، تنصيب زعيم الكتائب، بشير الجميل، رئيساً هناك، وبعد ذلك توقيع اتفاق سلام.
فقد فشلت هذه الخطة، وتم اغتيال الجميل. وفي موازاة ذلك، تأسس «حزب الله» كذراع مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، وسيطر على لبنان.
وقال الوزير الإسرائيلي إن معسكر رفض إسقاط الأسد هو الذي انتصر، لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقف معه وتبنى التقرير الاستراتيجي السرّي الذي أعده غالبية الجنرالات، والمركب الأساسي فيه هو أن «إسرائيل لن تبادر إلى عملية عسكرية أو حرب من أجل إسقاط النظام في سوريا، ولن تتدخل من أجل ترجيح كفة أحد الجانبين أو اللاعبين في الحرب الأهلية السورية، بشكل حاسم». وقررت الحكومة العمل بكل طاقاتها الاستراتيجية والعسكرية والاستخباراتية والسياسية «من أجل فرض خطوط حمراء حيوية لأمنها القومي وتنفيذ العمليات الهجومية اللازمة، من دون السماح بجرّ إسرائيل إلى حرب في سوريا أو لبنان».
وحسب صحيفة «يديعوت احرونوت»، فإن «الخطوط الحمراء» الإسرائيلية تغيرت قليلاً خلال السنوات العشر الأخيرة، وصيغتها الأخيرة ضمت البنود التالية: أن «أي استهداف للسيادة الإسرائيلية وأمن مواطنيها، سيُقابل برد موجِع لردع المعتدين، ومَن يرسلهم أو يمنحهم الرعاية أو مجال العمل. والعمل على منع استخدام سوري لأسلحة غير تقليدية (كيميائية)، ومنع نقل أسلحة كهذه إلى لبنان. كذلك منع أو التشويش بالقوة على نقل أسلحة نوعية من إيران إلى سوريا ولبنان، ومنع نقل أسلحة نوعية من الجيش السوري وصناعاته العسكرية إلى لبنان.
وتقوم الاستراتيجية أيضاً، على «منع إقامة جبهة إيرانية ضد إسرائيل في سوريا، تكون شبيهة بالجبهة التي أقامها (حزب الله) في لبنان بمساعدة إيران. مواجهة أي تموضع لجيوش إرهابية معادية لإسرائيل، متطرفة سنية وأذرع شيعية لإيران، بالقرب من الحدود مع إسرائيل، بشكل يسمح لها بممارسة إرهاب حدودي وعابر للحدود بشكل مفاجئ. كذلك، منع والتشويش على إقامة واستخدام ممر بري من إيران، مروراً بالعراق وسوريا إلى لبنان، يخدم الاستعدادات واللوجيستية والعملانية الإيرانية وأذرعها في حرب ضد إسرائيل».
وتضيف الصحيفة أن إسرائيل قررت أيضاً، التدخل بشكل محدود في سوريا، بدعم بعض القوى التي تعارض النظام، خصوصاً في الأراضي السورية القريبة من الجولان، بغية تحقيق أربعة أهداف، هي، أولاً: منع حدوث كارثة إنسانية في هذه الأراضي، وغاية ذلك، منع تدفق لاجئين سوريين وفلسطينيين باتجاه الحدود في الجولان، وربما في لبنان أيضاً، يطالبون بالحصول على لجوء في إسرائيل، مثلما حدث في الأردن ولبنان وتركيا. وثانياً، تسليح خفيف لميليشيات محلية للدفاع عن القرى والبلدات في مناطق قريبة من الحدود مع إسرائيل، وذلك من أجل منع تموضع جهات إرهابية وأذرع إيرانية قرب الحدود، وإنشاء منطقة عازلة بين إسرائيل وأعدائها الذين ينشطون في سوريا. وثالثاً: التشويش على إنشاء جبهة إيرانية أخرى ضد إسرائيل في سوريا، وتوفير إنذار وإحباط المبادرة لإرهاب حدودي من جانب منظمات جهادية، مثل «داعش»، تنظيم «القاعدة»، أو «حزب الله»، والميليشيات المدعومة من إيران. ورابعاً: إنشاء مبادرات حسن نية وعلاقة إيجابية، عاطفية، آيديولوجية وسياسية، مع مجموعات في الشعب السوري «تشكل أساساً في المستقبل لعلاقة وتعاون مدني مع النظام الذي سيقام في سوريا في المستقبل».
وأشارت الصحيفة إلى التعاون بين إسرائيل وروسيا في سوريا، وفق مبدأ «لا يستهدف أحد الجانبين الآخر»، فقالت إن الوجود الروسي في سوريا يقيد حرية العمل الإسرائيلية هناك، ويجعلها أكثر حذراً. فروسيا، التي حولت الحرب الأهلية السورية إلى ميدان تجارب لصواريخ وأنواع ذخيرة من صنعها، «تزود الجيش السوري بأسلحة حديثة، يتسرب قسم منها إلى (حزب الله) في لبنان». وأضافت أن «القرب الجغرافي بين إسرائيل ومنشآتها الحساسة، وبين القوات الروسية في سوريا، يسمح للروس بجمع معلومات استخباراتية عن إسرائيل، وربما أنهم ينفذون عمليات (سايبر) هجومية ضد إسرائيل بسهولة أكبر أيضاً».



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.