التدقيق في «مؤهلات مزوّرة» لوزراء في حكومة دبيبة

السيسي وماكرون يشددان على الدفع بمسارات التسوية كافة في ليبيا

دبيبة خلال مؤتمر صحافي بطرابلس في 17 الشهر الحالي (أ.ب)
دبيبة خلال مؤتمر صحافي بطرابلس في 17 الشهر الحالي (أ.ب)
TT

التدقيق في «مؤهلات مزوّرة» لوزراء في حكومة دبيبة

دبيبة خلال مؤتمر صحافي بطرابلس في 17 الشهر الحالي (أ.ب)
دبيبة خلال مؤتمر صحافي بطرابلس في 17 الشهر الحالي (أ.ب)

واجهت حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد دبيبة أولى أزماتها أمس، بعدما طالبت «الرقابة الإدارية» بالحصول على السير الذاتية لوزرائه، على خلفية  معلومات متداولة عن «وجود مؤهلات مزورة».
وتحدثت وسائل إعلام محلية وناشطون عن تقديم بعض الوزراء سيراً ذاتية مغلوطة تضمنت شهادات مزوّرة ومؤهلات غير صحيحة.
وطالب رئيس هيئة الرقابة الإدارية، رئيس الحكومة، في بيان رسمي بتزويده بالسير الذاتية لأعضائها ووزرائها ونسخة من مؤهلاتهم العلمية، بعد ورود معلومات للهيئة تطابقت مع  تقارير إعلامية، أكدت وجود شهادات مزوّرة لعدد من أعضاء الحكومة.
وكان وزير العمل والتأهيل علي العابد أبو عزوم، استنكر في بيان له قبل أداء الحكومة اليمين الدستورية وحصولها على ثقة مجلس النواب، ما وصفه بـ«الهجمة الشرسة التي خططت لها  أقلام هدفها عرقلة قيادة الشباب الفعالة للمرحلة من خلال نشر الأكاذيب والأخبار الزائفة».
ولم يكتفِ أبو عزوم بنفي تلاعبه بدرجته الوظيفية، بل نشر أيضاً نسخة من مؤهلاته، أبرزها حصوله على دبلوم متوسط بتقدير جيد من مركز محلي للتدريب ودورتين في المشتريات واللغة الإنجليزية لمستوى ما قبل المتوسط وورشة عمل لمدة 3 أيام من هيئة شؤون المحاربين وشهادة من المجلس العسكري لثوار جادو.
في غضون ذلك، دعا  دبيبة وزارة المالية إلى ضرورة بدء إجراءات صرف منحة الزوجة والأبناء ابتداءً من مطلع العام بالتنسيق مع المصرف المركزي ووزارة الشؤون الاجتماعية، كما قرر صرف مكافآت مالية لمستحقي المعاش الأساسي إلى حين زيادة مرتبات العاملين في القطاع العام وجميع الوحدات الإدارية للدولة.
وبموجب هذه  الزيادة، سيصبح إجمالي ما يتقاضاه المستحق الذي لا يَعُول أحداً 650 ديناراً شهرياً، و700 للأسر من فردَين، و800 للأسرة من 3 فأكثر.
وعلى صعيد الاهتمام الدولي والإقليمي بالشأن الليبي، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي أمس، آخر تطورات القضية الليبية، ودفع «جميع مسارات تسوية القضية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً». وتبادل الرئيسان الرؤى ووجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إذ استعرض الرئيس السيسي «آخر تطورات القضية الليبية، والموقف المصري الاستراتيجي الثابت في هذا السياق، وجهودها القائمة على دعم السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة».
وبحسب الرئاسة المصرية، فإن السيسي أكد «ضرورة إخلاء ليبيا من المرتزقة وتقويض التدخلات الأجنبية غير المشروعة في الشأن الليبي التي تساهم في تأجيج الأزمة، للمساعدة على الوصول إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وبحسب البيان، «أشاد الرئيس الفرنسي بالدور المصري الحيوي لتسوية الأزمة الليبية، والجهود الشخصية للرئيس في هذا الإطار، والتي عززت المسار السياسي لحل القضية الليبية، وهو الأمر الذي يرسخ دور مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي ومنطقة الشرق الأوسط، مؤكداً حرص فرنسا على مواصلة التعاون والتنسيق المكثف بين البلدين في هذا الملف المهم». كما نقل البيان «توافق الرئيسين بشأن أهمية تكثيف الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، وذلك في ضوء الحرص المتبادل على دعم دول المنطقة لاستعادة الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المنشودة بها، إلى جانب ما تمثله ظاهرة الإرهاب من تحدٍ على الأمن الإقليمي بأسره».
إلى ذلك، قال يان كوبيش رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في اجتماع افتراضي مع أعضاء «ملتقى الحوار السياسي الليبي» مساء أول من أمس، إن الملتقى سيبقى «منبراً رئيسياً، مهمته الحفاظ على الإنجازات التي تم تحقيقها وضمان متابعة التنفيذ الكامل لأهداف خريطة الطريق، بما فيها إجراء الانتخابات المقبلة».
وحثّ كوبيش أعضاء اللجنة القانونية على تسوية خلافاتهم ومواصلة العمل بشكل بنّاء لوضع مقترحات معقولة للقاعدة الدستورية للانتخابات، والتي ستكون بالغة الأهمية في حالة إخفاق البرلمان في اعتماد قاعدة دستورية. وأكد على ضرورة وجود إطار انتخابي ووضعه موضع التنفيذ بحلول أوائل شهر يوليو (تموز) المقبل استناداً إلى تقييم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وذلك من أجل الالتزام بموعد الانتخابات.
وأشار وفقاً لبيان للبعثة،  إلى أنها  ستستأنف الاجتماعات الدورية للملتقى لمناقشة مجموعة من القضايا بهدف الإشراف العام على تنفيذ أهداف خريطة الطريق، وشدد على التزامه بدعم السلطات الليبية ومناصرة تحقيق تمثيل المرأة بنسبة 30 في المائة في المناصب العليا في السلطة التنفيذية المؤقتة، ومتابعة الإفصاح المالي لأعضاء السلطة التنفيذية المؤقتة، وتنفيذ استجابة فعالة وسريعة لجائحة كورونا (كوفيد 19) وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين الليبيين بوجه عام. كما أعرب عن دعمه الكامل لعملية المصالحة الوطنية القائمة على الحقوق، ودعا حكومة الوحدة إلى الإسراع بتعيين لجنة مصالحة وطنية، موصياً بأن يتم تعيين امرأة على رأسها.
وكان كوبيش قد أبلغ مجموعة من النساء أن «هناك إرادة سياسية كافية للمضي قدماً في إجراء الانتخابات المقبلة، وشدد على أن البعثة سوف تبذل قصارى جهدها لضمان ذلك، معرباً عن أمله في التحضير لأفضل انتخابات مدنية ممكنة».
وفي سياق قريب، التقت وزيرة العدل الليبية حليمة إبراهيم، أمس، بنائبة سفير الهولندا لدى ليبيا، جابرييلا ميتز، بطرابلس. وأفاد بيان عن اللقاء بأنه «تناول استعراض التعاون القائم بين ليبيا وهولندا في مجال حقوق الإنسان وتطوير مؤسسات الإصلاح والتأهيل، بما يتماشى ويتناسب مع المعايير المحلية والدولية المعمول بها»، كما تمت «مناقشة علاقات التعاون المشترك بشأن المصالحة الوطنية وترسيخ مفهوم العدالة، وفق (مسار برلين الحقوقي) الذي تترأسه حالياً هولندا وسويسرا».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.