التزلج في الهيمالايا أشبه بـ«حلم جميل» رغم الصراع و«كورونا»

تشهد منحدرات غولمارغ أحد أكثر المواسم ازدحاما على الإطلاق رغم تبعات «كورونا» (نيويورك تايمز)
تشهد منحدرات غولمارغ أحد أكثر المواسم ازدحاما على الإطلاق رغم تبعات «كورونا» (نيويورك تايمز)
TT

التزلج في الهيمالايا أشبه بـ«حلم جميل» رغم الصراع و«كورونا»

تشهد منحدرات غولمارغ أحد أكثر المواسم ازدحاما على الإطلاق رغم تبعات «كورونا» (نيويورك تايمز)
تشهد منحدرات غولمارغ أحد أكثر المواسم ازدحاما على الإطلاق رغم تبعات «كورونا» (نيويورك تايمز)

عندما غطت الثلوج المتساقطة كل شيء من حولها، ركضت نهاد أشرف خان، الطالبة الجامعية المحاصرة منذ شهور بسبب الوباء، إلى سطح منزلها لتمسك بزلاجاتها وعصاها وأحذيتها ونظاراتها الواقية وتوجهت إلى جبال الهيمالايا على الفور.
بعد قيادة السيارة لمسافة 30 ميلا من منزلها في «سريناغار»، أكبر مدن كشمير، وصلت خان إلى بلدة تزلج تقع في ثنايا أعلى سلسلة جبلية في العالم. لكنها لم تكن هناك وحدها، فقد كان هناك تدفق مستمر للمتزلجين وسط الموسيقى التي تنطلق من سياراتهم التي تتسابق للوصول إلى المنحدرات وسط الثلوج المنعشة.
وصفت المشهد برحلة وصول إلى كرنفال وسط الغابة. وقال خان، أحد المتزلجين الشغوفين الذي يحمل الاسم نفسه، «أردت التخلص من قناع الوجه وارتداء الزلاجات. لم يكن هناك سوى مكان واحد في ذهني هو غولمارغ».
يجذب «غولمارغ»، أحد أكبر وأعلى منتجعات التزلج على الجليد في آسيا، الآلاف من المتزلجين كل عام. فالثلج الناعم المثالي للتزلج، والفنادق الرخيصة، والمناظر الخلابة والتمتع بواحة سلام وسط منطقة مضطربة في غالبية الأوقات هي ما يجذبهم إلى ذلك المكان. يفضل المتزلجون الأكثر خبرة المنحدرات البرية بالمنتجع، حيث يركضون لأميال عبر أشجار الأرز المضاءة بنور الشمس. قد يصطدم أقل المتزلجين حظا بما تحفل به الحياة البرية من نمور ثلجية أو دببه بنية في طريقهم إلى أسفل التل.
ورغم معاناة منحدرات التزلج الأخرى في جميع أنحاء العالم من تبعات فيروس «كورونا»، فإن «غولمارغ» تشهد أحد أكثر المواسم ازدحاما على الإطلاق. فبحلول منتصف مارس (آذار)، كان المنتجع قد استقطب بالفعل 160 ألف شخص، أي ما يقرب من 10 مرات أكثر من العام الماضي وأكثر بكثير من أي موسم آخر طيلة العقود الثلاثة الماضية على الأقل.
ولدت على بعد أميال قليلة شمال «غولمارغ» وخلال طفولتي في أوائل التسعينيات، كنت أقوم برحلات لأميال مع أصدقائي وسط الثلوج التي تصل إلى الركبة بأحذيتهم السوداء الطويلة لمشاهدة المتزلجين الأجانب – غالبيتهم العظمى من الزائرين آنذاك - وهم يتدفقون على المنحدرات وشجر الأرز.
في ذلك الوقت، كانت «غولمارغ» عبارة عن ملعب شتوي لامع ونافذة على عالم آخر أوسع. كان يعرف كل سائح أجنبي باسم «أنغريز» وهي كلمة أردية تعني الأجانب. وكنا نصطف في عباءات صوفية ثقيلة لمشاهدتهم يتزلجون. لم نكن نفهم اللغة التي يتحدثون بها، لكننا أحببنا مشاهدتهم.
في النهاية، قمنا بسحب زلاجاتنا وطاردنا بعضنا البعض فوق الخلفيات البيضاء اللبنية التي تشكل لوحة المناظر الطبيعية. في هذه الأيام، وفي ظل عدم استقبال الهند للسياح الأجانب حتى الآن، باتت أعداد المتزلجين المحليين في ازدياد. ومن بين هؤلاء بعض أثرياء الهند الذين ألغيت رحلاتهم الشتوية إلى تايلاند أو دبي بسبب قيود السفر الدولية.
قد يكون أكثر ما يلفت النظر في جاذبية «غولمارغ» الآن هو أنها تقع في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان والتي طالما شهدت تاريخا طويلا من الصراعات. ولطالما حارب المتشددون الانفصاليون لفصل المنطقة عن الهند وضمها إلى باكستان أو لتصبح دولة مستقلة. لكن الهند لن تتركها، فقد نشرت مئات الآلاف من القوات. في عام 2019، جردت الحكومة الهندية منطقة كشمير من حكمها الذاتي، في إجراء جعل حتى أولئك الذين يقفون إلى جانب الهند يشعرون بالخيانة وخيبة الأمل والحرمان من حقوقهم.
يقع المنتجع على بعد أميال قليلة من خط السيطرة الذي يفصل بين الهند وباكستان في كشمير، وهو محاط من جميع الجهات بالقوات الهندية التي تسيطر على المنطقة بقوة. ويلتقي الزوار برجال الشرطة قبل دخول «غولمارغ» لتفتيش السيارات وفحص الركاب.
لا تزال هذه المدينة تمثل مدينة التزلج التي رأيتها في شبابي، لكن مع بعض التغييرات. كان متجر الإيجار الحكومي يعرض في السابق عشرات الزلاجات منخفضة الجودة. والآن بات يضم مجموعة واسعة من المعدات ذات المستوى العالمي. واليوم يمكنك عربات التلفريك على جبال «أفروات» والتي تعتبر الأعلى في العالم بارتفاع 13800 قدم.
يمثل المنتجع مصدر رزق لنحو 20 ألفا من السكان المحليين و40 فندقا. هذا العام، وبسبب الارتفاع الحاد في الطلب، ارتفعت أسعار الفنادق بشكل كبير. فالسلع التي كنت تباع بسعر 50 دولارا باتت الآن تكلف 200 دولار، ويقوم العديد من المتزلجين بتعبئة أنفسهم فيها، كل خمسة في غرفة.
لا يزال هناك بعض الأجانب هناك يتعاملون مع المدينة باعتبارها موطنا لهم خلال موسم التزلج الذي يستمر حتى أبريل (نيسان).
بريان نيومان هو متزلج رشيق من كولورادو ويعمل رئيس دورية التزلج في «غولمارغ». من بين مهام وظيفته إرشاد أطقم العمل حول مكان وضع الديناميت لإحداث الانهيارات الجليدية الاصطناعية لمنع الانهيارات الطبيعية.
واعترف نيومان بأن المكان «ليس منتجعا ذا مستوى عالمي. لكنه قال «إنه حالة خاصة» بسبب التضاريس الواسعة والآفاق اللانهائية.
يتكدس المتزلجون من جميع المناطق في الحافلات وفي سيارات الجيب الهندية المتهالكة ويتخذون مكانهم في محطة التلفريك حيث تتجمع الحشود كل على زلاجاته استعدادا للانتقال وسط الضباب إلى خط التلال الذي يطل على وادي كشمير.
هناك أربعة مسارات تزلج للمبتدئين ومنحدر واحد يمتد لأميال لا يمكن الوصول إليه إلا بواسطة عربات التلفريك. هناك أيضا مزلقة، حيث تتجول جحافل من الشباب الكشميريين كل صباح على المنحدرات لتجر الزلاجات الخشبية الطويلة. وتستطيع رؤية مجموعات من الشباب يسكبون أكواب الشاي الساخن للمتزلجين الذين يتوقفون للحصول على قسط من الراحة في ضوء الشمس المتقزح.
كانت خان، وهي المتزلجة التي هرعت للوصول إلى هنا بمجرد بدء الثلج في التساقط، شعلة نشاط لا تهدأ لشهور لكن بالداخل، شهدت انتشار العدوى من حولها بين أصدقائها وأقاربها. لكنها قالت إن البقاء بالداخل أصبح مستحيلا، فقد شكلت حبيبات الثلج المتساقطة خارج نافذتها دعوة لا تقاوم.
جرى تخفيف قيود الإغلاق تدريجيا في الهند، وكان جزء كبير من الاقتصاد يعمل بشكل طبيعي خلال الأشهر القليلة الماضية. في منتجع «غولمارغ» المزدحم بالمتزلجين ومحبي الثلج، كان التباعد الاجتماعي طموحا صعب المنال في أحسن الأحوال. لكن خان، التي تبلغ من العمر 23 عاما، والتي تدرس العلوم الحيوية، قالت إنها لا تزال تشعر بالأمان. فعندما انزلقت بكرسي على ارتفاع 11500 قدما، أفادت بأنها لم تر الكثير من الأشخاص الآخرين على المنحدرات.
وقبل أن تهبط، نظرت من فوق كتفها إلى صديقتها إيشاني جمال، وهي طالبة جامعية أيضا، وصرخت قائلة: «كيف يبدو الأمر من هنا؟» صاحت جمال، «مثل حلم جميل. أنا لا أريد أن أرمش جفني».
* خدمة {نيويورك تايمز}



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».