«مريلة المطبخ» متوارثة من الأمهات وتحوّلت إلى موضة

تشهد تصاميمها تطوراً في المطبخ الحديث

TT

«مريلة المطبخ» متوارثة من الأمهات وتحوّلت إلى موضة

مَن منا لا يتذكر والدته أو جدته ترتدي مئزر المطبخ خلال تحضير الطعام؟ فطيفهما وهما تقومان بأعمالهما في المطبخ لا يمكن أن يمر في ذاكرتنا من دون ربطة المريلة المعقودة على الخصر. وتردد الأمهات على بناتهن أن من أساسيات المطبخ قطعة الأزياء هذه. فـ«ست البيت» التي تفتقدها في مطبخها، هي كالطاهي الذي ينسى إضافة رشة ملح إلى طبخته، حسب رأيهن.
هذه الأيام يشهد مئزر المطبخ رواجاً كبيراً. فهو تحوّل إلى موضة تتباهى بها ربات المنازل. تصاميمه المتطورة ولّدت لديهن حب اقتناء مجموعات منه. بعضها أصبح بمثابة «ترند» لما يحمل من عبارات أو رسومات لافتة.
تختلف أذواق النساء في اختيار مريلة المطبخ. فهي أحيانا تكون مزركشة الألوان أو مقلمة بالطول أو بالعرض، مطرزة بالدانتيل أو تحمل مربعات صغيرة متداخلة. وأحياناً أخرى تحمل عبارات ترتبط ارتباطاً مباشراً بمعاني حسن الضيافة أو قاموس الطبخ. بعض النساء يصممن مريلة المطبخ خاصتهن، فتطبع بنفحة من شخصيتهن وتحمل رسومات محاكة باليد.
لا ينحصر ارتداء مئزر المطبخ على النساء فقط، فغالبية الطهاة وأشهرهم بين الرجال يعطونها اهتماماً كبيراً. فهم لا يطلون إعلامياً في مقابلات وبرامج تلفزيونية إلا وهم يرتدونها. بعضها يحمل اسم الشيف وبعضها الآخر اسم برنامج الطبخ الذي يقدمه. وعادة ما يلجأ الطهاة من الرجال إلى استعمال المريلة الكاملة «جاكيت»، كزي أساسي خلال ممارستهم عملهم.
مؤخراً، شهدت مريلة المطبخ تطوراً ملحوظاً في تصاميمها، إذ صارت بمثابة إكسسوار يعكس شخصية ربة المنزل. بعضها يغطي كامل أقسام الجسم ويسمى «روب». وبعضها الآخر يتألف من قطعة واحدة، تغطي القسم الأمامي من صدر وبطن، وقد تكون قصيرة تلتف على الخصر فقط.
الشيف أنطوان الحاج، أحد الطهاة المشهورين في لبنان، يعمل في مجال صناعة مئزر المطبخ. ويقول، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في فترة ماضية خفت وهج مئزر المطبخ، لأن النساء بتن بمعظمهن يعملن خارج المنزل، ولا يجدن الوقت الكافي لتحضير الطعام لساعات طويلة. اليوم ومع الأزمات المتراكمة علينا من اقتصادية وانتشار وباء، باتت النساء يمضين معظم وقتهن في المطبخ». ويتابع: «كانت أمهاتنا وجداتنا يعرن مئزر المطبخ اهتماماً كبيراً، لأنه يدل على حرفية ست البيت ونظافتها. وكانت تصاميم تلك المآزر بسيطة ومصنوعة من أقمشة الدولس والخام. اليوم تطورت هذه الصناعة ودخلتها أنواع أقمشة أخرى كـ(كافردين) و(ترغال) وأخرى قطنية».
برأي الشيف أنطوان أن مريلة المطبخ تشكل عنصراً أساسياً لدى ربة المنزل المتأنية والدقيقة في عملها. ولذلك فهي تحتفظ بأكثر من واحدة منها كي تستطيع تبديلها عند الحاجة. ويعلق: «من البديهي أن يوجد عندها أكثر من مريلة، لأنه في حال اتسخت إحداها برذاذ صلصة بندورة أو بقعة زيت، يحتم عليها خلعها واستبدال أخرى نظيفة بها. فالمريلة المتسخة تنفر منها العين، وتؤثر على شهية ناظرها كما تحرج سيدة المنزل».
لا يأتي ارتداء مئزر المطبخ من عبث، بل هو ضرورة صحية. ويوضح الشيف أنطوان: «المحور الأساسي لارتدائه يدور حول النظافة، فمعه تحمي ربة المنزل ثيابها، وبالتالي تمنع تطاير أي جراثيم يمكن أن تلوث طعامها».
وتشير منى خوري، وهي ربة منزل تهوى جمع أصناف مختلفة من مآزر المطبخ، إلى أنها تحتفظ بعدد كبير منها، بعضها خصصته لأيام عطلة الأسبوع والمناسبات. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لدي مئزر من صنع جدتي أحتفظ به كذكرى منها لا أرتديه إلا في مناسبات قليلة. وهو أصفر مطرز بالدانتيل الأبيض تتوسطه جيب واسعة. كما لدي مجموعة أخرى تلقيتها كهدايا من أصدقائي وأبنائي. فهم يعرفون مدى تعلقي بهذه القطعة الأساسية في المطبخ. وبرأيي أن تقديم مريلة المطبخ كهدية لـ(ست البيت) هي فكرة رائعة».
البعض يرى في المريلة المصنوعة من النايلون ضرورة في المطبخ، إلا أن الشيف أنطوان يناقض هذا القول: «المريلة المصنوعة من النايلون لا تليق بربة المنزل، بل يحتاج إليها فقط الأشخاص العاملون في مسالخ اللحوم والدجاج ومحلات بيع السمك. فهم معرضون إلى تلطيخ ما يرتدونه ببقايا تلك الحيوانات، ولذلك يفضلونها على غيرها لأنها تغسل بسرعة ولا يبقى أي آثار عليها».
جويل مجدلاني، مصممة لبنانية، أعطت لمئزر المطبخ حصة من طبيعة عملها. وعن قصتها معه تقول: «تأثرت بمريلة المطبخ التي كانت ترتديها والدتي خلال عملية تحضيرها الطعام. ولذلك شكّلت لي موروثاً محبباً إلى قلبي يذكرني بها. وعندما لاحظت أن تصاميمها المتوفرة في الأسواق هي عادية ولا تحمل الجديد، قررت أن أزودها بلمسة فنية مني، تنثر الفرح على أجواء المطبخ ككل». وتتابع جويل، في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أستوحي تصاميمي من شخصية الناس حولي، ومن عبارات عادة ما تستخدم خلال الطبخ. فأقدمها بأسلوب لافت ترافقها أحياناً رسوم أو شراشيب تتدلى منها. فعبارات (عصرة حامض) و(ملح زيادة) و(رشة بهار)، هي بمثابة مفردات معروفة خلال عملية الطبخ أزين بها تصاميمي. أتذكر تصميم مئزر نفذته لسيدة مهووسة بالنظافة فكتبت عليه (فولار عالراس والطبخة عالنار) فلاقى ترحيباً كبيراً من قبلها».
وترى جويل أن مريلة المطبخ تشكل حالياً نزعة رائجة لدى جيل اليوم. وتقول: «إنهن يفتخرن بارتدائه أمام الأصدقاء والأقارب، خصوصاً إذا كان يعكس شخصيتهن. فالمئزر المفضل اليوم، يحمل قصات ورسومات أصبحت موضة بحد ذاتها».


مقالات ذات صلة

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

مذاقات الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

في مقطع فيديو ظهر السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش الذي يجيد ليس اللغة العربية فقط، بل اللهجة المحلية العراقية ظهر مع وزيرة الداخلية البريطانية...

حمزة مصطفى (بغداد)
مذاقات الشيف حسين حديد يوقّع أطباق المتحف (إنستغرام)

«بافيون كافيه»... ينبثق من متحف على المستوى الرفيع

مهما خطر على بالك من أفكار حول مطعم ينبثق من متحف وعلى المستوى الرفيع، فإن ما ستراه في «بافيون كافيه» سيفاجئك. أجواؤه الراقية مطعّمة بأنامل سيدات لبنانيات

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)

العُلا تفتتح مركز «دادان لفنون الطهي»

اكتسبت حركة «سلوفود» العالمية زخماً جديداً مع افتتاح مركز «دادان لفنون الطهي» في العلا، وهي خطوة مهمة تحتفي بأساليب الزراعة المستدامة وتقاليد الطهي المحلية.

«الشرق الأوسط» (العلا )
مذاقات الشيف المغربي فيصل بطيوي (الشرق الأوسط)

«تابل 3» في دار البيضاء يفوز بجائزة أفضل مطعم صاعد

نال مطعم «Table 3» في الدار البيضاء بالمغرب على جائزة One To Watch Award American Express التي تندرج تحت أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات البروكلي (بكسيلز)

نصائح الطهاة لأفضل طرق طهي البروكلي

تتسع المساحة التي يحتلها البروكلي على مائدة الطعام المصرية يوماً بعد يوم فقد أصبح ضمن قائمة الخضراوات التي تجتذب كثيرين بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية

نادية عبد الحليم (القاهرة)

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
TT

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)

في مقطع فيديو ظهر السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش الذي يجيد ليس اللغة العربية فقط، بل اللهجة المحلية العراقية ظهر مع وزيرة الداخلية البريطانية إيفت كوبر في شارع المتنبي وسط العاصمة العراقية بغداد. وشارع المتنبي الذي تعرض للتفجير عام 2006 أيام الحرب الأهلية في العراق أعيد بناؤه بمبادرة من الرئيس العراقي السابق برهم صالح أيام كان نائباً لرئيس الوزراء العراقي عام 2006 بحيث بدا في حلة جديدة تماماً، يجمع بين بيع الكتب وكل أنواع لوازم الثقافة والكتابة، بما في ذلك انتشار عدد من دور النشر والتوزيع فيه إلى انتشار المطاعم والكافيهات والمقاهي وأشهرها المقهى المعروف بمقهى «الشابندر». وهذا الشارع غالباً ما يكون من بين أحد محطات الزوار العرب والأجانب الذي يقومون بزيارات رسمية أو سياحية إلى العراق. ومع أن وسائل الإعلام العراقية تولي أهمية خاصة لهذا الشارع كل يوم جمعة، حيث يزدحم بالزوار والمتبضعين، وذلك للقيام بقصص إخبارية عنه بما في ذلك الفعاليات الثقافية والفنية التي تقام فيه، لكن ما يقوم به بعض السفراء الأجانب لدى العراق ومنهم السفير البريطاني يعد أمراً لافتاً جداً ولا ينافسه في ذلك سوى السفير الياباني الذي غالباً ما يرتدي في بعض المناسبات الشماغ، والعقال العراقي.

ومع كل ما يمكن أن تمثله مظاهر الحياة في العراق بوصفها مادة لوسائل الإعلام وبخاصة العربية والعالمية، لكن غالباً ما يكون المطبخ العراقي هو القاسم المشترك في علاقة السفراء الأجانب في العراق.

دولمة عراقية (أدوبي ستوك)

«لبلبي» في شارع المتنبي

وبالتزامن مع ظهور السفير الياباني لدى العراق فوتوشو ماتسوتو مؤخراً وهو يؤدي النشيد الوطني العراقي مرتدياً الشماغ العراقي كان السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش يصطحب وزيرة الداخلية البريطانية إيفت كوبر التي كانت تقوم بزيارة إلى العراق في شارع المتنبي. الوزيرة البريطانية التي كانت تتجول مع السفير بكل حرية في هذا الشارع عبرت عن إعجابها بأكلة شعبية عراقية هي «اللبلبي» وهو الحمص المسلوق بالماء الحار مع إضافة بعض البهارات إليه، مما يعطيه نكهة خاصة. وبعد تناولها هذه الأكلة الشتوية في هذا الشارع العريق عبرت عن حبها لباقي الأكلات العراقية دون أن تشير إليها قبل أن يطلب منها السفير الدخول إلى أحد أشهر المقاهي البغدادية في شارع المتنبي وهو «مقهى الشابندر» لتناول الشاي العراقي المعروف بمذاقه الخاص. ومن الشاي إلى باقي الأكلات التي يشتهر بها المطبخ العراقي مثل أنواع الحلويات التي تشتهر بها بغداد ومحافظات إقليم كردستان، لا سيما ما يعرف بـ«المن والسلوى»، وهو من بين أشهر الحلويات التي كثيراً ما تكون مادة دسمة في التقارير الإخبارية التلفزيونية، فضلاً عن أنواع أخرى من الحلويات وتعرف بـ«الدهين»، التي تشتهر بها كل من مدينتي النجف وكربلاء، وغالباً ما تكون هذه الحلويات من بين أبرز ما يأتي الزوار لتناوله في هاتين المدينتين.

الكبة على الطريقة العراقية (أدوبي ستوك)

«دهين» جينين بلاسخارت

غير أن من أبرز زوار هاتين المدينتين من الزوار الأجانب ممن يترددون عليهما بكثرة للقاء كبار المراجع ورجال الدين هي السفيرة السابقة لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق «يونامي» جينين بلاسخارت التي انتهت مهمتها في العراق قبل شهور. ومع أن السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي انتهت مدتها في العراق مؤخراً فإنها عبرت عن حبها لنمط آخر من الأكلات العراقية وهي من صلب المطبخ العراقي وهما «الدولما والسمك المسكوف». الممثلة الأممية بلاسخارت كان يطلق عليه لقب «الحجية»، كونها كانت ترتدي أحياناً غطاء الرأس، خصوصاً عندما تلتقي بعض كبار رجال الدين في البلاد. وكونها كانت كثيرة التحرك والسفر بين المحافظات فمن بين المدن التي تتحرك فيها كثيراً مدينتا النجف وكربلاء، وهو ما جعلها شديدة الإعجاب بأكلة «الدهينة».

رومانسكي أعلنت أنها سوف تتذكر من بين ما تتذكره عن العراق أكلتي «السمك المسكوف» و«الدولما» وهما من أشهر أكلات المطبخ العراقي.