بسمة: «الأدوار العميقة» أبعدتني عن الكوميديا

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها فشلت في التعامل مع مواقع التواصل

لقطة لبسمة في فيلمها الجديد «كومانجي»
لقطة لبسمة في فيلمها الجديد «كومانجي»
TT

بسمة: «الأدوار العميقة» أبعدتني عن الكوميديا

لقطة لبسمة في فيلمها الجديد «كومانجي»
لقطة لبسمة في فيلمها الجديد «كومانجي»

اعتبرت الفنانة المصرية بسمة أن «الأدوار العميقة» أبعدتها عن تجسيد الكوميديا خلال مشوارها الفني، وأكدت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، أنها تتمتع بحس كوميدي يمكّنها من المشاركة في الأعمال التي تعتمد على كوميديا الموقف. وكشفت عن فشلها في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، رغم معرفتها بقيمة تلك المواقع بالنسبة للفنان، مشيرة إلى أنها لا تعيش في «المدينة الفاضلة» وقبلت أدواراً من أجل المكاسب المالية وليس القيمة الفنية للعمل فقط، لافتة إلى عدم ندمها على أي دور قدمته خلال مسيرتها. وإلى نص الحوار...
> ما سبب تحمسكِ لتقديم بطولة فيلم «كومانجي»؟
فيلم «كومانجي» من أسرع الأفلام التي وافقت عليها طوال مسيرتي الفنية، قبل بدء تصويره بأيام قليلة، إذ إنني لم أكن أخطط لبدء تصوير عمل سينمائي خلال الفترة الماضية، ولكن عندما قرأت سيناريو الفيلم، قررت على الفور البدء في تصويره، وأجمل ما في العمل هو أننا نصور في أماكن طبيعية وجديدة، لم أكن أتوقع أنها على أرض مصر، وهذا يجعلني متحمسة لمشاهدة تلك المشاهد التي صورتها، بالإضافة إلى تحرر العمل من المكان والزمان.
> وهل شعرتِ بالقلق لكون الفيلم أولى تجارب الجهة المنتجة للعمل سينمائياً؟
إطلاقاً، بالعكس أنا متحمسة وداعمة لهم، وأحب أن أشكر السيدة السويدية من الأصول العراقية أكرميني نوري، وهي الشخصية التي تمثل الشركة السويدية المنتجة للعمل والسيدة فنار عبد اللطيف، وهي مصرية وتعمل منتجاً منفذاً للفيلم، وللعلم الخوف والمغامرة دوماً موجودان في أي عمل فني مهما كانت شركة إنتاجه، الفارق الوحيد هو أن هناك أعمالاً تشارك فيها وأنت سعيد بفريق العمل، وهناك أعمال تشارك بها وأنت مجبور على ذلك الأمر بسبب احتياجك المادي، ولكن بالنسبة لي فأنا قررت المشاركة في العمل لإعجابي بفكرة وأماكن تصويره، وتشجيعاً لهاتين السيدتين.
> تبتعدين عن تقديم الأدوار العميقة في فيلمكِ الجديد لصالح الكوميديا... لماذا؟
البعض يعتقد أنني فنانة عميقة وفلسفية، وأختار دوماً الأدوار لعمقها الشخصي بسبب الشخصيات التي جسدتها من قبل، ولكن تلك الصورة مغلوطة، لأنني أحب أفلام الترفيه والأعمال الكوميدية، فأنا عندما أجد الدور الكوميدي المناسب، سأسعى لتقديمه على غرار «كومانجي».
> ولماذا حصركِ المشاهد في الأدوار الجادة؟
أعتقد أن السبب الرئيسي في ذلك هو إجادتي للغة العربية ونطقي لمخارج ألفاظها جيداً، والفضل في ذلك يرجع إلى معلمتي بالمرحلة الابتدائية (كريمة) التي جعلتني أحب اللغة العربية وأتقن الحديث بها، وللعلم أنا شاركت في أعمال كوميدية كثيرة ربما لم أكن المحرك الكوميدي في العمل، ولكنني كنت جزءاً منها مثل المشاركة في جزأين من مسلسل «العيادة» مع الفنان أحمد رزق، وأيضا مسلسل «حكايات زوج معاصر» مع الفنان أشرف عبد الباقي في بداية مشواري الفني، وسينمائياً قدمت دور ابنة الفنان عادل إمام في فيلم «مرجان أحمد مرجان»، وأيضا زوجة الفنان أحمد عيد في فيلم «ليلة سقوط بغداد»، ربما لا أجيد صناعة الإيفيهات مثل نجوم الكوميديا الكبار، ولكني أحبذ فكرة المشاركة في كوميديا الموقف، حتى لا يتم حصري في أدوار العمق.
> هل سبق لكِ تقديم أدوار بحثاً عن المقابل المادي فقط؟
بالتأكيد نعم، أنا لا أعيش في المدينة الفاضلة، ربما أكون عاشقة للتمثيل منذ صغري، ولكنني حالياً أتحدث عن التمثيل الذي يعد مصدر رزقي الأول والأخير، وهو أيضاً المصدر الذي أنفق منه على منزلي وأسرتي، فأنا لو قلت إن كل الأدوار التي قدمتها كانت من أجل عبقرية الدور سأكون كاذبة، فهناك أدوار قدمتها من أجل المادة، فعندما يقل الرزق تكون نفسية الإنسان بشكل عام والفنان بشكل خاص ضعيفة وسيئة، كما أنه لا يوجد فنان في العالم كل أعماله علامات فنية، فهناك في مسيرة كل فنان أعمال جيدة هادفة فاز من خلالها بشهادات تقدير وجوائز محلية وعالمية، وهناك أدوار قدمها من أجل الوجود والمادة، ولا تصدق تصريحات أي فنان يقول إنه يبحث فقط على الأدوار التي تضيف له.
> وما هو الدور الذي ندمتِ عليه خلال مشواركِ؟
كل دور قدمته في مسيرتي تعلمت منه حتى لو كان ضعيفاً، وأنا أرفض فكرة الندم على أي دور، لأنني وافقت عليه من البداية، فالأدوار التي قدمتها من البداية أضافت لي وأضفت لها على الصعيد الفني، وأرى دائماً أن الفنان يحمل على عاتقه صندوقاً، يمتلأ هذا الصندوق بكل دور يقدمه، فالحياة هي مراحل للتعلم، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
> لكن مسلسلك الأخير «شاهد عيان» لم يحقق انتشاراً واسعاً... هل أنتِ راضية عنه؟
على المستوى الفني راضية تماماً، ولكن على صعيد العرض والتسويق كان سيئاً للغاية ولم يأخذ حقه الكامل في المشاهدة.
> أصبتِ بفيروس «كورونا»... ما تعليقك على هذه التجربة؟
فعلت كل الاحتياطات التي كان ينبغي عليّ فعلها خوفاً على ابنتي، ولكن في النهاية أصبت بالفيروس، لكن الحمد لله استطعت تخطي تلك المحنة التي أدعو الله ألا يكتبها على أحد، لأنها صعبة للغاية.
> هل أنتِ مع عرض الأفلام عبر المنصات الرقمية؟
المنصات فكرة جيدة ولها طبيعة خاصة ولها جمهورها، ولكن بالنسبة لي كالمواطنة بسمة، فأنا من محبي العروض السينمائية، وأحبذ دوماً فكرة الذهاب إليها ومشاهدة الأفلام عبر الشاشات العملاقة في الظلام مع الصوت القوي، ولست من محبي المشاهدة من المنزل، ربما في السنوات المقبلة نجبر جميعاً على مشاهدة الأفلام عبر المنصات وسيكون ذلك أمراً حتمياً مفروضاً علينا.
> وما هي حدود علاقتكِ بمواقع التواصل الاجتماعي؟
عالم افتراضي فشلت في التعامل معه، لا أستطيع إنكار أهمية هذا العالم في تسويق وإعلاء شأن الفن والفنانين والأعمال الفنية، ولكني حتى الآن لا أجيد التعامل معه، وأعترف بفشلي في إدارته، ربما لأنني اكتشفته في وقت متأخر، ومن الممكن تحسين قدراتي به خلال الفترة المقبلة.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».