أوروبا تعلن «تعبئة عامة» استعداداً للموجة الوبائية الثالثة

أوروبا تعلن «تعبئة عامة» استعداداً للموجة الوبائية الثالثة
TT

أوروبا تعلن «تعبئة عامة» استعداداً للموجة الوبائية الثالثة

أوروبا تعلن «تعبئة عامة» استعداداً للموجة الوبائية الثالثة

أعلن الاتحاد الأوروبي «تعبئة عامة» لزيادة إنتاج اللقاحات ضد «كوفيد – 19» وتوزيعها بسرعة في الأسابيع المقبلة، في الوقت الذي عادت فيه العلاقات بين المفوضية وشركة «أسترازينيكا» لتتدهور بعد فترة قصيرة من التهدئة، بينما ظهر شرخ جديد على جبهة اللقاحات، حيث طالبت مجموعة من الدول الأعضاء، تضم بلغاريا وليتوانيا وسلوفينيا والجمهورية التشيكية وكرواتيا وتقودها النمسا، بإعادة توزيع الحصص اللقاحية إثر التأخير في تسليم لقاحات «أسترازينيكا» التي كانت هذه الدول قد راهنت عليها.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي حل ضيف شرف على القمة الأوروبية الافتراضية مساء الخميس، قد وعد بمد يد المساعدة إلى الاتحاد الأوروبي للحصول على المزيد من المساعدات وإنتاج اللقاحات في المصانع الأوروبية.
وكان الارتياح بادياً على رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، التي دخلت إلى القمة تحت وابل من الانتقادات لإدارتها الأزمة الصحية، وخرجت منها بدعم واضح من العواصم الثلاث الكبرى: برلين وباريس وروما.
وبلهجة تصعيدية، قالت فون دير لاين إن المفوضية عازمة على تفعيل القيود التي فرضتها مؤخراً على تصدير اللقاحات، وإنها لن تسمح لشركة «أسترازينيكا» بتصدير جرعة واحدة خارج الاتحاد قبل تسليم الكميات الموعودة في الاتفاق الموقع معها. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة التي تنتج اللقاح الذي طوّرته جامعة «أكسفورد» البريطانية لم تسلم سوى 18 مليون جرعة من أصل 120 مليوناً كان من المفترض أن تسلمها خلال الفصل الأول من هذا العام، فضلاً عن أنها أعلنت خفض الكميات التي ستسلمها للاتحاد الأوروبي في الفصل الثاني من 140 مليوناً إلى 70 مليون جرعة.

لكن الضغوط الأوروبية المتزايدة لم تتوقف عند شركات الأدوية الكبرى التي تنتج اللقاحات، بل صُوّبت أيضاً إلى المملكة المتحدة، حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «نريد محاربة التدابير الحمائية في المبادلات التجارية، لكننا نريد أيضاً حماية مواطنينا من التصرفات الاحتكارية». وصرّح ناطق بلسان المفوضية، أمس (الجمعة)، بأن الاتحاد الأوروبي على استعداد لوقف تصدير اللقاحات إلى المملكة المتحدة ما لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول التجارة الحرة والسماح بتصدير اللقاحات التي تنتجها مصانع «أسترازينيكا» في بريطانيا إلى بلدان الاتحاد.
وقالت مصادر إن خطوة كهذه من شأنها أن تُلحق ضرراً بالعلاقات الأوروبية - البريطانية ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي «وضع خطة تلقيح فيها قدر كبير من المجازفة، وهو الآن يعتمد على إمدادات المصانع الموجودة في الاتحاد الأوروبي لتوزيع الجرعة الثانية»، حسب هذه المصادر التي أضافت أن الاتفاق الذي توصلت إليه بروكسل ولندن يوم الثلاثاء الماضي ما زال في إطار النيات السياسية العامة ودون تفعيل خطوات وبنود عملية كثيرة.
كانت فون دير لاين، التي قالت إن أوروبا على أبواب موجة وبائية ثالثة بطفرات فيروسية أسرع سرياناً وأشد فتكاً، قد أعلنت أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد توصلا إلى اتفاق للعمل معاً من أجل تسريع سلسلة توريد اللقاحات. من جهته، قال تييري بروتون، المفوض لملف اللقاحات في الاتحاد، إنه على اتصال مع واشنطن لضمان توفير المواد الأولية اللازمة لإنتاج المزيد من الجرعات.
ومن المقررات التي اتخذتها القمة، الموافقة على إعادة توزيع الحصص من لقاحات «فايزر» و«موديرنا» و«جونسون آند جونسون»، من باب التضامن مع الدول الأعضاء التي بسبب قلة مواردها كانت قد راهنت على شراء لقاح «أسترازينيكا»، وتضررت أكثر من غيرها نتيجة التأخير المتكرر في تسليم هذا اللقاح.
وقال ناطق بلسان المفوضية إن بعض البلدان الأعضاء قد باشرت بالتخلي عن قسم من حصصها لتلك التي راهنت على لقاح «أسترازينيكا» لأسباب اقتصادية، حيث إن هذا اللقاح هو الأدنى تكلفة.
لكنّ دولاً أخرى، وفي طليعتها ألمانيا، رفضت أن تستفيد النمسا من إعادة توزيع حصص اللقاحات، معتبرة أن النمسا تملك ما يكفي من الموارد المالية لشراء اللقاحات الأخرى. ورداً على التصريحات التي أدلى بها مؤخراً المستشار النمساوي سباستيان كورتز، حيث اتهم المفوضية بتوزيع اللقاحات وفقاً لنظام غير شفاف، قال مصدر دبلوماسي أوروبي: «على المستشار كورتز الاعتراف بأنه أخطأ، والكفّ عن تحميل المسؤولية للاتحاد». من جهته، قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، إن بلاده أيضاً تعاني من نقص في لقاحات «أسترازينيكا»، رافضاً إعطاء النمسا «جرعة واحدة» من اللقاحات الأخرى.
وعلى بُعد أيام من نهاية الفصل الأول من هذا العام، ما زالت بلدان الاتحاد الأوروبي بعيدة جداً عن الأهداف التي وضعتها المفوضية لحملة التلقيح، حيث لم تتجاوز نسبة السكان الأوروبيين الذين تناولوا الجرعة الأولى من اللقاح 11.3%، بينما لا تزال نسبة الذين تناولوا الجرعتين دون 5%.
رغم ذلك، تصر المفوضية على أن وصول كميات كبيرة من اللقاحات في الأشهر المقبلة سيعوّض التأخير الحاصل في حملات التلقيح ويسمح بإنقاذ الموسم السياحي هذا الصيف، وقالت إنها تواصل العمل لإصدار «الجواز الأخضر» لمن يتناولون اللقاح تسهيلاً للتنقل عبر الحدود الأوروبية.
وفيما يتجه معظم البلدان الأوروبية لتمديد إجراءات القيود على التنقل والسفر وتشديد تدابير العزل والإقفال، حذّر معهد «روبرت كوخ» الذي يشرف على إدارة الأزمة الصحية في ألمانيا، من أن «الموجة الوبائية الثالثة التي أصبحت على الأبواب يمكن أن تشهد سرياناً غير مسبوق للفيروس عبر الطفرات الجديدة. قد يصل إلى مائة ألف إصابة يومياً».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.