الأزمة الاقتصادية تدفع لبنانيين إلى سرقة أسلاك الكهرباء وأنابيب المياه

نائب يعيد السبب إلى التفلت الأمني والصعوبات المالية

TT

الأزمة الاقتصادية تدفع لبنانيين إلى سرقة أسلاك الكهرباء وأنابيب المياه

في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في لبنان، نشطت مؤخراً أشكال جديدة من السرقة تستهدف الأملاك العامة في الشوارع؛ إذ ظهرت على سبيل المثال عصابات متخصصة بسرقة أغطية الصرف الصحي، كما اشتكت بعض المناطق من سرقة دعامات عواميد الكهرباء.
وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أمس، أنها أوقفت شخصين على خلفية سرقة أغطية الصرف الصحي، موضحة في بيان، أن الأول نفذ أكثر من 35 عملية سرقة أغطية صرف صحي بأحجام مختلفة من منطقة صور (جنوب لبنان) وجوارها، وأنه كان يقوم ببيعها للثاني الذي اعترف بشرائها من الأول، ومن بينها غطاء صرف صحي وزنه 100 كلغ، وببيعها لأحد محال الخردة في المنطقة.
ولفتت المديرية في بيان لها إلى أن الآونة الأخيرة شهدت عمليات سرقة عدة طالت أغطية الصرف الصحي من الطرقات العامة والتي تنفذها عصابات مجهولة تعرض السلامة المرورية للخطر.
ولا يقتصر الأمر على أغطية الصرف الصحي بل يتعداه إلى دعامات عواميد الكهرباء والأسلاك الكهربائية وقساطل المياه الحديدية، وحتى بطاريات إشارات السير وإشارات السير ذاتها، وحتى وصل الأمر إلى السكة الحديدة؛ فمنذ فترة ليست بعيدة ألقي القبض على أشخاص كانوا يقتطعون السكة الحديد بهدف بيعها.
ويعتمد السارقون على أسواق الخردة لبيع هذا النوع من المسروقات؛ فغطاء الصرف الصحي المصنوع من الحديد المرصوص قد يصل سعره في الأسواق إلى الـمائة دولار أو ما يساويها بالعملة اللبنانية على أساس سعر الصرف في السوق السوداء، ولا سيما أن وزنه قد يصل إلى 100 كلغ.
ويشير رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب نزيه نجم إلى أن هذا النوع من السرقات بات يتكرر بشكل لافت مؤخراً؛ وذلك يعود إلى سببين رئيسيين، أولهما الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان، والآخر التفلت الأمني الذي وصل إلى مرحلة غير مقبولة، مشدداً في حديث مع «الشرق الأوسط» على ضرورة تحرك القوى الأمنية لإلقاء القبض على هؤلاء، ولا سيما أن الأمر غير مستحيل فمعظم الشوارع ولا سيما في بيروت فيها كاميرات مراقبة.
ويرى نجم أن ازدياد هذه الظاهرة مؤخراً يرتبط أيضاً بقرارات إقفال البلد بسبب جائحة كورونا؛ إذ أصبحت الشوارع شبه فارغة، ولا سيما في الليل؛ ما جعل اللصوص يستغلون هذا الوضع، ويحذر من ارتفاع نسب جرائم السرقة والتفلت الأمني في حال عدم الإسراع بتشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات اللازمة.
وكانت «الدولية للمعلومات» أشارت انطلاقاً من أرقام المديرية العام لقوى الأمن إلى ارتفاع نسب السرقة والقتل منذ بداية العام الحالي، إذ شهد لبنان خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين ارتفاعاً في جرائم السرقة بنسبة 144 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين سجلت جرائم القتل ارتفاعاً بنسبة 45.5 في المائة
ويلفت نجم إلى أن الدولة تتكبد تكاليف ليست بالقليلة جراء هذا النوع من السرقات، فعلى سبيل المثال كبدت سرقة دعامات عمود كهربائي لا يتجاوز سعرها ربما الـ20 دولاراً، خسائر كبيرة لشركة الكهرباء وتسببت في انقطاع الكهرباء عن منطقة كاملة.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان أعلنت منذ أيام تعطل خط النقل الكهربائي الرئيسي في مدينة بعلبك بسبب سقوط أحد أبراج خط الكهرباء بعد سرقة زوايا التشبيك الحديدية الداعمة للبرج؛ وذلك تزامناً مع هبوب رياح قوية.
ولفتت المؤسسة إلى أن سقوط البرج أدى إلى تقطع النواقل وانقطاع خط الاتصالات بين محطة بعلبك ومعمل دير عمار الكهربائي، وأن هناك أبراجاً أخرى سرقت زواياها مما قد يعرضها أيضاً لخطر السقوط.
وناشدت المؤسسة المعنيين والقوى الأمنية ملاحقة المعتدين على منشآتها، وأخذ الإجراءات الصارمة بحقهم؛ كون التمادي بهذه الاعتداءات على شبكة النقل الرئيسية والأساسية في لبنان سيؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها على مستوى التغذية الكهربائية في المناطق كافة، هذا عدا الخسائر المادية الجسيمة التي تلحق بالمؤسسة وصعوبة إيجاد التمويل خاصة بالعملات الأجنبية في ظل الظروف المالية الراهنة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.